عرض مشاركة واحدة
قديم 12-24-2011, 12:05 PM   رقم المشاركة : 3
ابو فارس
 
الصورة الرمزية ابو فارس





ابو فارس غير متواجد حالياً

ابو فارس على طريق التميز


افتراضي

التشريف والتنويه
رفعه من قعر التراب، إلى سمك السحاب. استنبطه من حضيض الذلة، وأنهضه من محط الدناءة والضعة. جذب بضبعه من أخس مطارح الأتباع، وأخفض منازل الرعاع، إلى أعلى المنازل، وأرفع المراتب. استنبطه من الحضيض الأوهد، إلى البناء الأمجد. قد نبهه عن خمول، وأخرى الماء في عوده بعد ذبول. رقاه إلى ذروة المجد تزل أقدام النجوم لو وطئتها، وتقصر همم الأفلاك إن طلبتها. ثبت قدمه في المحل المنيف، ومكنه من جوامع التشريف. جذب بضبعه من المسقط المنحط، إلى المرفع المشتط. رفع خسيسته، وجبر نقيضته.
ذكر الشكر
الشكر ترجمان النية، ولسان الطوية، وشاهد الإخلاص، وعنوان الاختصاص. الشكر نسيم النعم، وهو السبب إلى الزيادة، والطريق إلى السعادة. الشكر قيد النعمة، ومفتاح المزيد، وثمن الجنة. من شكر قليلا استحق جزيلا. شكر المولى، هو الأولى. أشكر لمن أنعم عليك، وأنعم على شكرك. الشكر قيد النعم وشكالها وعقالها، وهي مشبهة بالوحش التي لا تقيم مع الإيحاش، ولا تريم مع الإيناس. موقع الشكر من النعمة موقع القرى من الضيف، إن وجده لم يرم، وإن فقده لم يقم. الشكر غرس إذا أودع سمع الكريم أثمر الزيادة، وحفظ العادة، الشاكر يعرض المزيد البالغ والنعيم السابغ.
?العجز عن الشكر لتكاثر الأنعام والبر
عندي من يده ما ملك الاعتداد أزمته، وقبض أمراء الكلام وأئمته. عندي له مبار أعجزني شكرها، كما أعوزني حصرها. شكره شأو بعيد لا تبلغه أشواطي، ولا أتلافي التفريط في حقه بإفراطي. إحسانه يعيد العرب عجما، والفصحاء بكما. إذا سلم المرء مقراً بالعجز فقد خرج عن تبعة التقصير، وبريء من عهدة المعاذير. قد زحمني من مكارمه ما يحصر المبين، ويصحبه العجز وبئس القرين، عندي من إنعامه، وخاص بره وعامه. ما يستغرق منة الشكر،ويستنفد قوة النشر. لو استعرت الدهر لسانا، واتخذت الريح ترجماناً، ليشيعا شكر إنعامه حق الإشاعة، لقصرت بهما يد الاستطاعة.
حسن الافصاح عن الشكر والثناء
شكره شكر الأسير لمن أطلقه، والمملوك لمن أعتقه. شكره شكر البلد القفر، لألمامة القطر. أثنى عليه ثناء الروض الممحل، على الغيث المسبل. أثنى عليه ثناء لسان الزهر، على راحة المطر. أثنى عليه ثناء العطشان الوارد، على الزلال البارد. شكره شكر الروض للديم، وزهير لهرم. بسط لسان الثناء والدعاء، وبلغ عنان الشكر عنان السماء. شكراً ترتاح له المكارم، وتهتز له المواسم. لأشكرنه شكراً تتسع أنواعه، وتنبسط أبواعه، ويلذ ذكره وسماعه. شكر ملء القلب واللسان، وكشكر حسان لآل غسان. أطال عنان الشكر وفسح مجاله، ورفع أعمدته، ومد أروقته. شكر كأنفاس الأحباب أو أنفاس الأسحار، بل أنفاس الرياض غب الأمطار. فلان يتلو فضائلك تلاوة القرآن، ويسرد محامدك سرد الفرقان.
دلالة الحال على ما وراءها
لو سكت الشاكر، لنطقت المآثر، ولو صمت المخاطب، لأثنت الحقائب. لقد شهدت شواهد حاله، على صدق مقاله، أما تفضله فقد نطقت به جوارحي، ولوسكت لأثنيت حقائبي، لئن جحدت ما أولانيه، وكندت ما أعطانيه، نطقت آثاره أياديه علي، ولمعت أعلام عوارفه لدي. جوارحي انطق بالشكر من ألسنة خطباء إياد، وشعراء مراد.
أدعية تليق بهذه الأحوال بهذا الباب
أطال الله له البقاء، كطول يده بالعطاء، ومد له في العمر، كامتداد ظله على الحر. أدام الله له المواهب، كما أفاض به الرغائب، وحرس لديه الفواضل، كما عوذ به البر الشامل. تولى الله عني مكافاته، وأعان على الخير نياته، وأصحب بقاءه عزاً يبسط يديه لأوليائه، وعلى أعدائه، وكلأه تذب عن ودائع مننه عنده، وزاد في نعمه وإن عظمت، وبلغه آماله وإن انفسحت. لا زال الفضل يأوي منه إلى ركن منيع، وجناب مريع. لا زالت الألسن عليه بالثناء ناطقة، والقلوب على مودته متطابقة، والشهادات له بالفضل متناسقة. لا زال يعطف على الصادر والوارد، عطف الهم والوالد. أبقاه الله للجميل يعلي معالمه، ويحيي مكارمه، ويعمر مدارجه، ويثمر نتائجه. أدام الله أيامه التي هي أيام الفضائل ومواقيتها، وأزمان المآثر وتواريخها. أدام الله له المواهب، سامية الذوائب. موفية على منية الراجي وبغية الطالب. أبقاه الله للعطاء يفضه بين خدمه، والجمال يفيضه على إنشاء نعمه. والله يتابع له أيام العلاء والغبطة، والنماء والبسطة، لترتع أنواع الخدم في رياض مواهبه، وتكرع أصناف الحشم في حياض فواضله، والله يبقيه طويل الذراع، مديد الباع، ملياً بالإفضال والاصطناع. جزاه الله عن نعمه هناها، بعد أن أسبغها، وعارفة ملاها، بعد أن سوغها. أفضل ما جزي به مبتدي إحسان، ومحيي إنسان. لا زال مكانه معاناً للنعم لا تريمه المواهب، ولا ترومه النوائب. بسط الله بالعلاء يده، وقرن بالسعادة جده، وجعل خير يوميه غده، ولا زالت الأيام والليالي مطاياه إلى أمانيه وآماله، وصرف الله صروف الغير عن إصابة إقباله وكماله.
أخر كتاب المدائح والأثنية، ولله الحمد والمنة
كتاب المساوئ والمقابح وما يدانيها
اللؤم والخسة
فلان عصارة لؤم، في قرارة خبث. ألأم مهجة، في أسقط جثة. حديث النعمة، خبيث الطعمة. هو كالكمأة لا أصل ثابت، ولا فرع نابت، فلان خبيث المركب، لئيم المكتسب. يكاد من لؤمه يعدي من جلس إلى جنبه، أو تسمى باسمه. فلان قد أرضع بلبان اللؤم، وربي في حجر الشر والشؤم، وفطم عن ثدي الخير، ونشأ في عرصة الخبث. قد طلق الكرم ثلاثاً ولم ينطق فيه استثناء، واعتق المجد بتاتاً لم يستوجب عليه ولاء. فلان أتى من اللؤم بنادر لم تهتد له فطنة مادر. فلان قصير الشبر، صغير القدر، قاصر القدر، ضيق الصدر. لو قذف الليل بلومه، لطمس أنوار نجومه رد إلى قيمة مثله في خبث أصله وفرط جهله. فلان لا أمس ليومه، ولا قديم لقومه.
في البخل
سائله محروم، وماله مكتوم. لا يجيز إنفاقه، ولا يحل خناقه. خبزه كالأروى يسمع بها ولا ترى. خبزه في حالق، وأدمه في ساهق. غناه فقر، ومطبخه قفر. يملأ بكنه والجار جائع، ويحفظ ماله والعرض ضائع. قد أطاع سلطان البخل بجهده، وانخرط كيف شاء في سلكه. فلان لا يبض حجره، ولا يثمر شجره. ما هو إلا حجر لا يروي، وزند لا يوري. فلان لا يحلب إلا من ضرع بكي، ولا يسقى إلا من أنضب ركي. قد جعل ميزانه وكيله، وأسنانه أكيله، وكيسه، أنيسه، ورغيفة، أليفه، ويمينه، أمينه، ودرهمه شقيقه، ومفتاحه رفيقه، وخاتمه، خادمه، وصناديقه، صديقه.
القبح والدمامة والحقارة
وجه كهول المطلع، وزوال النعمة، وقضاء السوء، وموت الفجأة، ما هو إلا قذى العين، وشجى الصدر، وأذى القلب، وحمى الروح. وجه كأنه تبرقع بالحنادس، واكتسى قشور الخنافس. كأن النحس تطلع من جبهته، والخل يقطر من وجنته. وجه مسترق بالحسن، منتقب بالقبح. وجهه طلعة الهجر، ولفظه قطع الصخر. وجهه يشق على العين، وكلامه لا يسوغ في الأذنين. وجه كحضور الغريم وحصول الرقيب، وكتاب العزل وفراق الحبيب. خلقة الشيطان، وعقل الصبيان، قد لا يزيد فيه القيام. بيدق الشطرنج في القيمة والقامة. له من الدينار قصره، ومن الورد صفرته، ومن السحاب ظلمته، ومن الأسد نكهته.
الثقل والبغض والبرد
فلان ثقيل الطلعة، بغيض التفصيل والجملة. بارد السكون والحركة، قد خرج عن حد الاعتدال، وذهب ذات اليمين وذات الشمال، يحكي ثقل الحديث العاد، ويمشي على العيون والأكباد. لا أدري كيف لم تحمل الأمانة أرض حملته، وكيف اجتاحت إلى الجبال بعد ما أقلته. كأن وجهه أيام المصائب، وليالي النوائب، وكأنما قربه فقد الحبائب، وسوء العواقب، وكأنما وصله عدم الحياة، وموت الفجأة، وكأنما هجره قوت المنة، وريح الجنة. يا عجبي من جسم كالخيال، وروح كالجبال، كأنه ثقل الدين، على وجع العين. ما الحمام على الإصرار، ومواصلة الصوم في الأسفار، وحلول الدين على الإقتار، بأثقل من لقاء فلان. هو ثقيل السكون بغيض الحركة، كثير الشؤم قليل البركة. هو بين الجفن والعين قذاة، وبين النعل والأخمص حصاة. ما هو إلا غداة الفراق، وكتاب الطلاق، وموت الحبيب، وطلوع الرقيب. ما هو إلا الأربعاء الأخير في الصفر، والكابوس في وقت السحر. هو أثقل من خراج بلا غلة، ودواء بلا علة، وأبغض من مثل غير سائر، وأبرد من خشيف على خشيوم ميزاب، وأجمع للعيوب من بغل أبي دلامة، وحمار طياب، وطيلسان ابن حرب.
البخر وترك التنظف
لا يدري أفسا أن تنفس، وأحدث أم حدث. مدخل أكله أخبث من مخرج ثقله. لا فرق بين مجشاه، ومفساه، أنتن من هدهد ميت مكفن، في جورب عفن. مالي أرى الآباط حاشنة، والآناف معشبة، والعيون منورة، والأزرار مرعى، والأظفار حمى، واللحى لبودا، والأسنان خضراً وسودا.
الجهل والخرق والسخف
جهل كثيف، وعقل سخيف، قالب جهل مستور بثوب. فلان جاهل لا يميز، وأهوج لا يتحرز، أخرق متخلف، أهوج متعجرف. لا يستتر من العقل بسجف، ولا يشتمل إلا على سخف. يمد يد المجون فيعرك بها أذن الحزم، ويفتح جراب السخف فيصفع بها قفا العقل. لا تزال الأخبار تورد سفاتج جهله وخرقه، والأنباء تنقل نتائج سخفه وحمقه، قد ظل يتعثر في فضول جهله، ويتساقط في ذيول خرقه. قد أتى ما دل على خرقه، وركاكة خلقه.
الخسة مع الثروة
والاقتصار من الانعام والأفضال على التنعم والتجمل
وجمع المال وترك التطول فلان سمين المال، مهزول النوال. عظيم الرواق، صغير الأخلاق. يصون فلسه، ويبذل نفسه. الدهر يرفعه، ونفسه تضعه. ثروة في الثريا، وهمة في الثري. لا يكدح إلا لتطييب الطعم، وتنعيم الجسم، ثم يرى المكارم، من المحارم. قد وفر همه على مطعم يجوده، وملبس يجدده، ومرقد يمهده، وبنيان يشيده، ثم ينجده، فما يشد للمكارم رحلاً، ولا يحمل للفضل كلا، همه أن يتشبع ويتضلع، ويكتسي ويتمشقع، ويتجلل ويتبرقع، ويتربع ويترفع، وقصاراه أن ينصب تخته، ويوطئ استه دسته، وحسبه من الشرف أن يصهرج أرضها، ويزبرج بعضها، ويكفيه من الكرم أن تعدو الحاشية أمامه، وتحمل الغاشية قدامه، ويجزيه من الفضل ألفاظ فقاعية، وثياب مشقاعية. يلبسها ملوماً، ويحشوها لوماً. ما اتسعت دورهم، إلا ضاقت صدورهم، ولا أوقدت نارهم، إلا انطفأ نورهم، ولا هملجت عتاقهم، إلا قطفت أخلاقهم، ولا صلحت أحوالهم، إلا فسدت أفعالهم، ولا كثر مالهم، إلا قل جمالهم.
القلة والذلة
ريح صيف، وطارق طيف. فوته غنيمة، والظفر به هزيمة. هو العود المركوب، والزند المضروب، يطأه الخف والحافر، ويستضيمه الوارد والصادر. هو كالعصفور إن تركته فات، وإن قبضت عليه مات. يغمض عن الذكر، ويصغر عن الفكر. ذلة لا توسم أغفالها، وضعة لا تنفرج أقفالها. نهزة الطالب، وفرصة المغالب، وعرضة القاذف والحاذف. أقل من تنبه، في لبنة، ومن قلامة، في قمامة.
خبث الطوية ومخالفة الباطن للظاهر
قلب نغل، وصدر دغل. طوية معلولة، وعقيدة مدخولة. ظاهر يسر الناظر، وباطن يسو الخابر. صديق العيان، عدو المغيب. ما أكذب سراب أخلاقه، وأكثر أسراب نفاقه. صفوه رنق، وبره ملق، ووده مذق. هو لابس من الغش ثوباً لا ينضوه، ولازم من الفعل سمتاً لا يعدوه، ينتهز الفرصة كيف ينشر أجنحة الاحتيال، وكيف يعمل أسلحة الاغتيال. يدب الخمر، ويمشي الضراء، ويسر حسواً في ارتغاء. قد ملئ قلبه رينا، وشحن صدره مينا. خبيث النية، فاسد الطوية، مقلب لسان الملق، ساتر بالتخلق وجه الخلق. عند الرجاء موجود، عند البلاء مفقود. يمشي الضراء في الغيلة، ويتنفق بالنفاق والحيلة. يبث حبائل الزور، وينصب أشراك الغرور، ويدعي ضروب الباطل، ويتحلى بما هو منه عاطل. يدعي الفضل وهو فيه دعي. يبدي وجه المطابق الموافق، ويخفي نظر المسارق المنافق. دأبه بث الخدائع، والنفث في عقد المكاره والمكائد. ضميره خبث، ويمينه حنث وعهده نكث.
ما يختص من هذا الباب بالمرائين من الفقهاء والعدول والقضاة
بيض لحيته ليسود صحيفته، وأظهر روعه، ليخفي طمعه، وقصر سباله ليطيل يده، وتغشى محرابه، ليملأ جرابه، ما ظنك بذئاب طلس، في ثياب ملس. قوم يحملون الأمانة على متونهم، ليأكلوا النار في بطونهم، حتى تغلظ قصراتهم من مال اليتامى، وتسمن أكفالهم من غزل الأيامى. عدل يبرز في ظاهر أهل السمت، وباطن أصحاب السبت. فعله الظلم البحت، وأكله الحرام السمت، سوس لا يقع إلا في صوف الأيتام، وجراد لا يسقط إلا على الزرع الحرام، وكردي لا يغير إلا على الضعاف، ولص لا ينقب إلا على خزانة الأوقاف، وذئب لا يفترس عباد الله إلا بين الركوع والسجود، وحارب لا ينهب مال الله إلا بين العهود والشهود. قاض لا شاهد عنده أعدل من السلة والجام، يدلي بهما إلى الحكام، ولا مزكي أصدق لديه من الصفر، الذي يرقص على الظفر، ولا وثيقة أحب إليه من غمزات الخصوم، على الكيس المختوم، ولا كفيل أوقع بوفاقه من خبنة الذيل، وحمال الليل، ولا خليل أعز إليه من المنديل والطبق، في وقت العشاء والفلق، ولا حكومة أبغض إليه من حكومة المجلس، وخصومة المفلس، ثم الويل للفقير إذا ظلم فما ينجيه مجلس القضاء، إلا بالنار من الرمضاء، وأقسم أن اليتيم إذا وقع إليه فقد وقع بين مخالب الأسود، وأنياب الحبات السود.
الكذب والبهتان
فلان منغمس في عيبه، يكذب لذيله على جيبه. يقول بهتاً، وزوراً بحتا. قد ملىء قلبه رينا، وقوله مينا، يدين بالكذب مذهبا، ويستلين الزور مركبا، الفاختة عنده أبو ذر. لا أضغي إلى ما يلفق وينمق، ويخلق ويزوق. أقاويل يتمشى الزور في مناكبها، ويتردد البهتان في مذاهبها. حسب الكاذب بفعله شتما، وبقلبه خصما، أما يخاف الكذوب، أن يذوب?
خبث اللسان والفعل
لسانه مقراض، للأعراض. فلان يأكل خبزه بلحوم الناس. عرض دني، وفم بذي.لا يزال تخرج من فمه كلمة يقطر منها دمه، ويتبرأ منها لسانه ويده، وتطلقه نفسه. من أغمد فيه سيف الريبة، انسل منه لسان الغيبة، ومن طعن عجانه، طعن لسانه، ومن وارى سوءة أخيه صغيرا، تنقل بأعراض الكرام كبيرا. فلان مقصور الهمة على ما يستهجن ذكره، فكيف ارتكابه وفعله. فلان فيه بغي مشتق من البغاء، وبه وجع في الوجعاء. فلان لسهام الغائبين مستهدف، ولعصي الفاسقين متلقف. فلان يخبأ العصا، في الدهليز الأقصى. هو أبغى من إبر الخياطين، ومحابر الوراقين.
الاستهداف لسهام الغائبين
فلان عرض يرشق بسهام الريبة، وعلم يقصد بالوقيعة. قد تناولته الألسن العاذلة، وتناقلت حديثه الأندية الحافلة، قد لزمه عار لا يمحى رسمه، ولزبه شنار لا يزول وسمه. قد قلد نفسه عاراً لا يرحضه الاعتذار، ولا يعفيه الليل والنهار. قد أصبح نقل كل لسان، وضحكة كل إنسان، وحملت أمهاته سفاتج إلى البلدان. قد صار دولة الألسن، ومثلة الأعين. قد عرض عرضه لسهام الغائبين، وألسنة القاذفين والحاذفين. قد قلد نفسه عظيم العار والشنار، وألبسها اللبسة الخالدة على الليل والنهار.
التيه والكبر
قد أسكرته خمرة الكبر، واستهوته غرة التيه. كأن كسرى حامل غاشيته، وقارون وكيل نفقته، وبلقيس إحدى داياته، وكأن يوسف لم ينظر إلا بمقلته، ولقمان لم ينطق إلا بحكمته. كأن الشمس تطلع من جبهته، والغمام يندي من يمينه. كأنه امتطى السماكين، وانتعل الفرقدين، وتناول النيرين بيدين، وملك الخافقين، واستعبد الثقلين. كأن الخضراء له عرشت والغبراء باسمه فرشت.
الحسد
قد دبت عقارب الحسدة، وكمنت أفاعيهم بكل مرصدة. فلان معجون من طينة الحسد والمنافسة. مضروب في قالب الضيق والمناقشة. قد وكل بي لحظاً ينتضل بأسهم الحسد. فلان جسد، كله حسد، وعقل كله حقد. الحاسد يعمى عن محاسن الصبح، بعين تدرك فائق الفتح. الحسود، لا يسود. الحسد، آفة الجسد.
دناءة النفس مع شرف الأبوة
فلان من الطاووس رجله، ومن الورد شوكه، ومن الماء زبده، ومن النار دخانها، ومن الخمر خمارها، ومن الدار كنيفها. يا عجباً أيلد البهيم، وولد آزر إبراهيم.
النميمة
لعن الله من يفسد ذات البين، ويسعى بالنميمة بين المحبين. النمام يحارب بسيف كليل إلا أنه يقطع، ويضرب بعضد واهن إلا أنه يوجع. فلان لا يزال ينمنم حلة النمائم، وينفث في عقد المكاره. قد هبت سمائم نمائمه ودبت عقارب مكائده. النميمة من سلاح النساء، وحصون الضعفاء.
الجبن
ليست اليراعة الجوفاء إلا أثبت منه قوة، وأشد منة. فهو يحسب كل صيحة عليه، وكل هيعة عدواً يقبض على يديه. فلان تمثال الجبن، وصورة الخوف، ومقر الرعب، ومن لو سميت له الشجاعة لخاف لفظها قبل معناها، وذكرها قبل فحواها، واسمها قبل مسماها. هو من تخوفه أضغاث الأحلام، فكيف مسموع الكلام. إذا ذكرت السيوف لمس رأسه هل ذهب، وإذا ذكرت الرماح مس جنبه هل ثقب. كأنه أسلم في كتاب الجبن صبيا ولقن كتاب الفشل أعجميا.
خلف الوعد وكثرة المطل
ما له من وعد أخذ من البرق الخلب خلقا، وتناول من العارض الجهام طبعا، وتركني أرعى رياض رجاء لا تنبت، وأجني ثمر أمل لا يورق. هو في ضمار الانتظار، وإسار عدة ضمار. جعل يلوذ بذمة المطل، ويرجي يوماً إلى غد. وعده برق خلب، وروغان ثعلب. غيم وعده جهام، وسيف بذله كهام. وعده مقرمط، ومطله مفرط. حصلت معه على مواعيد عرقوبية، وأحزان يعقوبية. قد حرمه ثمرة الوعد، وجره على شوك المطل. أنبت بوعده روض الآمال، ثم حصده بالخلف والمطال. وعد كالوعيد، بمطل شديد، يشيب الوليد. ولاية فلان وعد وصرفه اعتذار. وعده ضمار لا ينجز، وسحابه جهام لا يسكب. لا وعد نجيح، ويأس مريح. سحائب الصيف أثبت من قوله، والخط في صفحة الماء أقوى من عهده، ومواعيد عرقوب أقرب إلى الإنجاز من وعده. خلف الوعد، خلق الوغد. فلان يرسل برقه، ولا يسيل ودقه، ويقدم رعده، ولا يمطر بعده. وعده الخط في بسط الهواء، والرقم على بساط الماء.
صعوبة الجانب
صخرة خلقاء لا تستجيب للمرتقي، وحية صماء لا تسمع للراقي. كأني أستفز منه بالحداء عودا، وأهز بالدعاء طودا. كأني أنادي صخرة وأرقي حية. فلان ثاني العطف، نائي العطف. فلان صعب المعطف، بعيد المرجع، زحلي خطو العطف، جمادي حركة الصفح. لا تنحل عقده، ولا تتحافى عن فريسة يده.
العجز
فلان عاجز المنة، قاصر القوة. يتعلق بأذناب المعاذير، ويحيل على ذنوب المقادير. ما قطع في ذلك شعرة، ولا سقى قطرة، ولا فاه فيه بفصيح ولا أعجم. هو كالنعامة يكون جملاً إذا قيل طيري، وطائراً إذا قيل سيري. الطير تغدو خماصاً، وتروح بطاناً، وهو عاجز عما يقتاته، قاصر عما تتماسك به حياته. يقام له نزل، ولا يفوض إليه شغل، ويملأ له وطب، ولا يرفع إليه خطب، وهذا والله عيش العجائز، والزمن العاجز.
آخر كتاب المساوئ والمقابح، ولله الحمد
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب العيادة وما يجانسها
ذكر التشكي والمرض
عرض لي مرض أساء بالنجاة ظني، وكاد يصرف وجه الإفاقة عني. لو رآني لرآني خلالاً، ولو شئته لطرقته خيالاً. هو شورى بين أمراض أربعة: حمى لا تغب، وصداع لا يخف، وزكام يكد، وسعال لا يكف. علة هو في أسرها معتقل، وبقيدها مكبل. أمراض توالت علي، وأساءت بي وإلي، فأنا أشكوها وأشكر الله تعالى إذ جعلها عظة وتذكيراً، ولم يبق منها حتى الآن إلا يسيراً. أحسب الأمراض قد أقسمت على أن تجعل أعضائي مرابعها، وآلت على أن تصير جوارحي مراتعها. علل لا يصدر منها آت إلا لتكرير ورد، ولا يعزل فيها وال إلا بولي عهد. قد كرت تلك العلة فعادت عللا، وسقاني بعد نهل عللا، حليف علة أقعدتني عن الحركة، وألزمتني من المنزل عرصة العجزة. علة برته بري الأخلة، ونقصته نقص الأهلة. تركته حرضاً، وأوسعته مرضاً، وغادرته والخيال أكثف منه جثة، والطيف أوفر قوة.
اشتداد العلة وسوء الظن بها
عرض له من المرض ما صار له القنوط يغاديه ويراوحه، واليأس يخاطبه ويصافحه، ورد من سوء الظن أوخم المناهل، وبات من حسن الرجاء على مراحل. طالعت الكرم يترجح نجمه بين الإضاءة والأفول، وتتمثل شمسه بين الإشراق والغروب. أصبح فلان لا ينقل رأسه، ولا يجر ظله. ويد المنية تقرع بابه. ما هو إلا حرض، ولسهم المنية غرض. شاهدت نفسي وهي تخرج، ولقيت روحي وهي تعرج، وعرفت كيف تكون السكرة، وكيف تقع الغمرة، وكيف طعم البعد والفراق، وكيف يلتف الساق بالساق.
الانزعاج لعارض العلة
مرض فلحقتني روعة، وملكتني لوعة. وجدت في نفسي ألماً مما مسه، وتخون أنسه، بلغني من شكاته ما أوحش جناب الأنس، وأراني الظلمة في مطلع الشمس. بلغني ما عرض له من المرض، وألم به من الألم، وتحامل على سواء صدري، وأقذى سواد طرفي. قد استنفذ القلق لعلتك ما أعده الصبر من ذخيرة، وأضعف ما قواه العزاء من بصيرة. أتقلب على حد السيف إلى أن أعرف انكشاف العارض وزواله، وأتحقق انحساره وانتقاله. انهي إلي من خبر العارض حسم الله مادته، وقصر مدته. ما أراني الأفق مظلما، وطريق العيش مبهما.
تهوين أمر العارض بحسن الرجاء
هذه ه العوارض قد تكون، ثم تزول بإذن الله وتهون. إن الذي يبلغني من ضعفه قد أضعف المنة، وإن لم يضعف الظن بالله والثقة. قد استشف العافية من وراء ثوب رقيق، وبات منها على وعد قريب، ربما يشفى من أشفى، وحسبنا الله وكفى، ما أكثر ما رأينا هذه العلل جلت ثم جلت، وتوالت ثم تولت.
ذكر المشاركة في العلة
خبرني فلان بعلتك فأشركني فيها هماً وقلقاً، ولا أعل الله لك جسماً ولا حالاً، ورد إليك العافية وأدامها لك. ليست نكاية الشغل في قلبي بأقل من نكاية الشكاية في جسدك، ولا استيلاء القلق على نفسي بأيسر من اعتراض السقام لبدنك، ومن ذا الذي يصح جسمه إذا تألمت إحدى يديه، ومن يحل محلها في القرب إليه. ما كنت أعلم خبر العارض لك حتى تحققت ذلك من مشاركتي إياك في علتك وصحتك. ما انفرد جسمك بألم العلة دون قلبي ولا اختصت نفسك بمعاناة المرض دون نفسي. ليعلم سيدي أني سقيم بسقمه، وواجد بقلبي ما يجده بجسمه.
الاهتمام للعلة ثم الاستبشار بزوالها
أنا منزعج لشكاتك، مبتهج لمعافاتك. إن كانت علتك قد قرحت وجرحت، فإن صحتك قد أست وآنست. بلغني شكاتك فارتعت، ثم عرفت خفتها فارتحت. الحمد لله على قرب المدة بين المحنة والمنحة، والبلوى والنعمة، على أنا لم نتهالك بأيدي المخافة، حتى تداركنا الله بحسن الرافة، ولم نستسلم لخطة الحذر، حتى سلم من ورطة القدر.
شكاة أهل الفضل والسؤدد
شكاته التي تتألم لها المروءة والفضل، ويسقط لها الكرم المحض. شكاته التي غصت بها حلوق المجد، وحرجت لها صدور الأدب، وبدا الشحوب معها على وجه الحرية، وحرم عندها البشر على غرة المروة، علته التي أعلت أكثر القلوب، وطيرت الأرواح عن جل النفوس، قد اعتل بعلته الكرم، وشكا بشكايته السيف والقلم. شكاة عرضت منه لشخص الكرم الغض، والشرف المحض، لو قبلت مهجتي فدية دون وعكة تجدها، وساعة أنس تفقدها، لبذلتها علماً بأني أفدي الكرم لا غير، والفضل ولا ضير.
أدعية العيادة
أغناك الله عن الطب والأطباء، بالسلامة والشفاء. كفاك الله بالسلامة، وشفاك بالطافه الخاصة والعامة. جعله الله عليك تمحيصا، ولا تنغيصا، وتذكيرا، لا تنكيرا، وأدبا، لا غضبا، والله يدر لك صوب العافية، ويضفي عليك ثوب الكفاية الوافية. أذن الله في شفائك، وتلقى داءك بدوائك، ومسحك بيد العافية، ووجه إليك وافد السلامة، وجعل علتك ماحية لذنوبك، مضاعفة لثوابك. أوصل الله إليك من برد الشفاء، ما يكفيك حر الأدواء.
تنسم الإقبال بعد اليأس
قد شمت بارقة العافية، وشممت رائحة الصحة. أقبل صنع الله من حيث لم أرتقب، وجاءني لطفه من حيث لم أحتسب، وتدرجت إلى الإبلال وقد حسبته حلما، ورضيت به دون الاستقلال غنما. قد تخلصت إلى شط العافية، وصافحت كف حسن العاقبة. كما تداركني الله بلطيفة من لطائفه، نوجعل هبة الروح عارفة من عوارفه. تنسمت روائح الحياة بعد أن أشفيت على الوفاة، وثنيت وجهي إلى الدنيا، بعد مواجهتي الدار الأخرى. تداركني صنع الله ولطفه فأقالا عثرة ما خلتني أقالها، وأزالا علة لم يحتسب زوالها.
ذكر الإبلال وحمد الله عليه والدعاء عنده
قد صافح الإقلال والإبلال، وقارب النهوض والإستقلال. سيرويك الله من العافية التي ذوقك ويسبغ ثوبها عليك، ولا عيد مكروهاً إليك. المرض قد انحسر، والألم قد انحسم. قد استقل استقلال السيف حودث حده، وأعيد فرنده، والقمر انكشف سراره، وذاعت أسراره. حين استقلت يدي بالقلم، بشرتك بانحسار الألم. قد أقال الله بالسلامة الفائضة، وأدال من الشكاية العارضة، فانشرحت الصدور، وشمل السرور. أبل فعادت به الصدور مثلوجة، والكرب مفروجة. الحمد لله الذي حرس جسمك وعافاه، ومحا عنه أثر السقم وعفاه. الحمد لله الذي جعل العافية عقبى ما تشكيت والسلامة عوضاً مما عانيت الحمد لله على أن أعفاك من معاناة الألم، وعافاك للفضل والكرم، ونظمني معك في سلك النعمة، وضمني إليك في مسلك الصحة، والله يجعل السلامة أطول برديك، وأشدهما سبوغاً عليك، ويدفع في صدور المكاره دون ربعك، وفي نحور المحاذر قبل الانتهاء إلى ظلك. لا زالت العافية شعارك، ما وصل ليلك ونهارك. سوغك الله العافية وهنأك العيشة الراضية.
الاستشفاء بكتب العيادة
كلامك قد أدى روح السلامة في أعضائي، وأوصل برد العافية إلى أحشائي، تركني كتابك والظليم ينتسب إلى صحتي بعد أمراض اكتنفت، وأسقام اختلفت. قد استبق كتابك والعافية إلى جسمي، حتى كأنهما فرسا رهان تباريا، ورسيلا مضمار تجاريا. أبدلني كتابك من حزون الشكاة، سهول المعافاة، ومن شدة التألم، رخاء التنعم، ومن ضيق الصدر باضطراب البدن، سعة الصدر باستقرار الجسد، حتى كأنه مسحة ملك منزل، أو سبحة نبي مرسل.
آخر كتاب العيادة، ولله الحمد والمنة
كتاب التهاني والتهادي
وما ينخرط في سلكها، ويأخذ مأخذها
ألفاظ التهنئة بمولود
مرحباً بالفارس المحقق للظنون، المقر للعيون. المقبل بالطالع السعيد، والخير العتيد. أنجب الأبناء، لأكرم الآباء. أنا مستبشر بطلوع النجم الذي كنا منه على أمل، ومن تطاول استسراره على وجل. إن يشأ الله يجعله مقدمة إخوة في نسق، كالفرند المتسق. قد طلع في أفق الحرية أسعد نجم، ونجم في حدائق المروءة أزكى نبت. يا بشرايبطلوع الفارس الميمون جده، المضمون سعده. عليه خاتم الفضل وطابعه، وله سهم الخير وطالعه، الحمد لله على طلوع هذا الهلال الذي نراه إن شاء الله بدراً لا يضمر السرار ضياه، ولا يبلغ المحاق سناءة وسناه. قد بشرت قوابله بالإقبال وعلو الجد، واقترن قدومه بالطائر السعد. هنأك الله قوة الظهر، واشتداد الأزر، بالفارس المكثر لسواد الفضل، الموفر لجمال الأهل، المستوفي بشرف الأرومة، كرم الأبوة والأمومة، وأبقاه حتى نراه، كما رأينا جده وأباه. عرفت آنفاٍ ما كثر الله به عدده، وشد عضده، بطلوع الفارس الذي أضاء له أفق النجابة، وطال به باع السعادة. بشرت بالنور الساطع في أفق النجابة، والبدر الطالع في فلك السعادة. فعظمت النعمى لدي، وأوردت البشرى غاية المنى علي.
?ما يختص منها بالملوك مرحباً بالفارس القادم، بأعظم المغانم. سوي الخلق، سامي العرق. تلوح عليه سيما المجد، وتتجاذبه أطراف الملك. وردت البشرى بالفارس الذي أوسع رباع المجد تأهلاً، وأطراف الملك تحصناً، ومناكب الشرف ارتفاعا، وأعضاد العز اشتداداً. أتتني بشرى البشائر، والنعمى المحروسة عن النظائر. في سلالة العز وسليله، وابن منبر الملك وسريره. الأمير القادم، بغرة المكارم. الناهض إلى ذروة العلياء، بأباء أمره وملوك عظماء. مرحباً بالفارس المأمول لشد الظهور، المرجو لسد الثغور. الحمد لله الذي شد أزر الدولة، ونظم قلادة الأمر، وعمر سرير العز، ووطد منابر المملكة، بالقمر السعد، وشبل الأسد الورد. قد تبسمت المكارم والمعالي، وتباشرت الخطب والقوافي، بالفارس المأمول لشد أزر الملك، وسد ثغر المجد، وتطاول السرير شوقاً إليه، واهتزت المنابر حرصاً عليه. قد افتر جفن العالم عن العين البصيرة، واستغرب مضحكه عن اللمعة المنيرة. أما الأمير المولود فالتاج بجبينه يبهى، والركاب بقدمه يزهى.
?الأدعية للمولود والوالد
اللهم أرني هذا الهلال بدرا، قد علا الأقران قدرا. بلغه الله فيه مناه، حتى يراه وأخاه، منيفين على ذروة المجد، آخذين بأوفر الخطوط من علو الجد، والله يمتعه به، ويرزق الخير منه، ويحقق الأمل فيه. عرف الله مولاي بركة المولود المسعود، وعضد الفضل بالزيادة في عدده، وأقر عين المجد بالسيادة من ولده، عرفه الله من سعادة مقدمه، ما يجمع أعداءه تحت قدمه. عمرك الله حتى ترى هذا الهلال قمراً باهرا، وبدراً زاهرا. يكثر به عدد حفدتك، وتعظم منه غصة حسدتك، من حيث لا تهتدي النوائب إلى عراصكم، ولا تطمع الحوادث في انتقاصكم. متعك الله بالولد، وجعله من أقوى العدد، ووصله بإخوة متوافري العدد، شادين للإزر والعضد. هنأك الله مولده، وقرن باليمن مورده وآراك من بنية أولاد بررة وأسباطاً وحفدة عرفك الله بركة قذمه، ونجح مقدمه، وسعادة طالعه، ويمن طائره، وعمرك حتى ترى زيادة الله منه، كما رأيتها به.
ما يختص منها بالملوك والسادة
الله يبلغه أفضل ما تقسمه السعود، وتعلو به الجدود، حتى يستغرق مع إخوته مساعي الفضل، ويشيدوا قواعد الفخر، ويزحموا صدور الدهر، ويضبطوا أطراف الأرض، والله يحرسه من نواظر الأيام أن ترنو إليه، وأطماع الليالي أن تتوجه عليه، حتى يستقل بأعباء الخدمة، وينهض بأثقال الدولة، ويخف في الدفع عن البيضة، ويتسرع إلى حماية الحوزة، والله يديم لمولانا من العمر أكلأه، ومن العز أهنأه، ليطبق العالم بفضله وعدله، ويدبر الأرض بالنجباء من نسله.
ذكر المولود العلوي
غصن رسول الله صلى الله عليه وسلم شجره، حقيق أن يحلو ثمره، وفرع بين الرسالة والإمامة منتهاه. خليق أن يحمد بدؤه وعقباه. مرحباً بالطالع بأيمن الطالع، ومن أشرف المناصب والمنابع. حيث الرسالة والإمامة، والخلافة والزعامة. أبقاه الله حتى تتهنأ فيه سوابغ المنن، ويعد حسنة في بني الحسن.
ذكر التوأمين
تيسرت منحتان في موطن، وانتظمت موهبتان في قرن. طلع في أفق الملك نجماً سعد، وشهابا عز، وكوكبا مجد، فتأهلت بهما رباع المحاسن، ووطئت لهما أكناف المكارم، واستشرفت إليهما صدور الأسرة والمنابر. عرفه الله السعادة في طلوع بدرين انبعثا من نوره، واستنارا في دوره. بلغني خبر الموهبة المشفوعة بمثلها، والنعم المقرونة بعدلها، في الفارسين المقبلين رضيعي العز والرفعة، وقريعي المجد والمنعة، فشملني من الاغتباط ما يوجبه ازدواج البشرى، واقتران عارفة بأخرى.
في التهنئة بالبنت
هنأ الله سيدي ورود الكريمة عليه، وثمر بها أعداد النسل الطيب لديه، وجعلها مؤذنة بإخوة يررة، يعمرون أندية الفضل، ويعمرون بقية الدهر. اتصل بي خبر المولودة كرم الله غرتها، وانبتها نباتاً حسناً، وما كان من تغيرك عند اتضاح الخبر، وإنكارك ما اختاره لك سابق القدر، وقد علمت أنهن أقرب من القلوب، وأن الله بدأ بهن في الترتيب، فقال جل من قائل: " يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور "، وما سماه الله هبة فهو بالشكر أولى، وبحسن التقبل أحرى. أهلاً وسهلاً بعقيلة النساء، وأم الأبناء، وجالبة الأصهار، والأولاد الأطهار، والمبشرة بإخوة يتناسقون، ونجباء يتلاحقون.
فلو كان النساء كمثل هـذي لفضلت النساء على الرجال
وما التأنيث لاسم الشمس عيب ولا التذكير فخر للـهـلال
والله يعرفك البركة في مطلعها، والسعادة بموقعها، فادرع اغتباطاً، واستأنف نشاطاً، والدنيا مؤنثة والناس يخدمونها، والنار مؤنثة والذكور يعبدونها، والأرض مؤنثة ومنها خلقت البرية، وفيها كثرت الذرية، والسماء مؤنثة وقد زينت بالكواكب، وحليت بالنجم الثاقب، والنفس مؤنثة، وهي قوام الأبدان، وملاك الحيوان. والحياة مؤنثة ولولاها لم تتصرف الأجسام، ولا عرف الأنام، والجنة مؤنثة وبها وعد المتقون، وفيها ينعم المرسلون، فهنيئاً هنيئاً ما أوليت، وأوزعك الله شكر ما أعطيت، وأطال بقاءك ما عرف النسل والولد، وما بقي الأبد، وكما عمر لبد، إنه فعال لما يشاء وهو على كل شيء قدير.
ألفاظ التهنئة بالاملاك وما يقترن بها من الأدعية
من اتصل بمولاي سببه، وشرف به منصبه. كان حقيقاً بالرغبة إلى الله في توفيره وتكثيره، وزيادته وتثميره، لتزكو منابت الفضل، وتنمي مغارس الفخر وتطيب معادن المجد. بارك الله مولاي في الأمر الذي عقده وأحمده إياه وأسعده، وجعله موصولاً بنماء العدد، وزكاء الولد، واتصال الحبل، وتكثير النسل، والله يخير له في الوصلة الكريمة، ويقرنها بالمنحة الجسيمة. قد عظم الله بهجتي، وضاعف غبطتي، بما أتاحه من سرور ممهد، بجمع شمل مجدد. فلا زالت النعم به محفوفة، والمسار إليه مزفوفة. جعل الله هذه الوصلة وكيدة العقدة، طويلة المدة. سابغة البركة والفضل، طيبة الذرية والنسل. وصل الله هذا الاتصال السعيد والعقد الحميد. بأكمل المواهب، وأحمد العواقب، وجعل شمل مسرتك به ملتئماً، وسبب أنسك منتظما. عرفك الله تعجيل البركات، وتوالي الخيرات، ولا أخلاك في هذه الوصلة من التهاني بنجباء الأولاد، وكبت بكثرة عددك جميع الحساد. هنأ الله مولاي الوصلة لتتصل بكثرة العدد، ووفور الولد، وانبساط الباع واليد، وعلو القدر والجد.
ألفاظ التهنئة بالولايات
عرفت خير البلد الذي أحسن الله إلي أهله، وعطف عليهم بفضله، إذ أضيف إلى ما يلاحظه مولاي بعين إبالته، وينفي خلله بفضل أصالته. من سر في الولاية يلبس مولاي ظلالها، ويسحب أذيالها، بنعم مستفادة، ورتب مزدادة، فسروري بما يكتسبه من كل عمل يدبره، وأمر يقدره، من أحدوثة جميلة، ومثوبة جزيلة، ويؤثره من إحياء عدل، وإماتة ظلم، وعمارة لسبل الخيرات، وإيضاح لطرق المبرات. التهنئة بالأعمال وأن كبر عنها موقعه، وكان بحمد الله يرفعها ولا ترفعه، فالرسوم تحفظ تحدثاً يولي الله مسوغا، ويؤتي مسبغا. سيدي يوفي على الرتب التي يهنأ ببلوغها، ويزيد على المنازل التي يدعى له بحلولها. فهنيئاً تجملها بولايته، وتحليها بكفايته. الأعمال، وإن بلغت أقصى الآمال، فكفاية مولاي تتجاوزها، والرتب وإن جلت قدرا، وكبرت ذكرا، فصناعته تسبقها وتشآها، غير أن للتهاني رسماً لا بد من إقامته، وشرطاً لا سبيل إلى نقض عادته. الأعمال، وإن بلغت الآمال، فكفاية سيدي توفي عليها إيفاء الشمس على النجوم، وترتفع عنها ارتفاع السماء عن التخوم. سيدي أرفع قدرا، وأنبه ذكرا، من أن نهنئه بولاية وإن جل أمرها، وعظم قدرها، لأن الواجب تهنئة الأعمال بفائض عدله والرعية بمحمود فعله، والأقاليم بآثار سياسته، والولايات بسمات رئاسته.
ما يختص منها بالوزراء
أنا أهني الوزير بالنعمة التي عمت أهل الأرض، وخصت بني الفضل، وإن كان فوق كل ولاية توكل إليه، وراية تخفق عليه. أهني سيدنا بالحال التي جددها الله له كما يهنأ ناشد الضالة إذا وجدها، لا كما يهنأ طالب الغنيمة إذا ظفر بها. قد أعطيت قوس الوزارة منه باريها، وأضيفت إلى كفوها وكافيها، وفسخ بها شرط الدنيا الفاسد في إهداء حظوظها إلى أوغادها، ونقض بها حكمها الجائر في العدول بها هم نجباء أولادها. قديماً ألقت إليه الوزارة بالمقاليد، ونصت عليه بالتقليد، وتجملت منه تجمل من سواه بها، وسمت إليه سمو غيره إليها. الدنيا أيد الله الوزير مهناة بانحيازها إلى رأيه وتنفيذه، والممالك مغبوطة باتصالها إلى أمره وتدبيره. قد كانت الدنيا متطلعة لرئاسته، مستشرقة لوزارته، إلي أن سعدت بما كانت الآمال عنه مخبرة، وحظيت بما كانت الظنون به مبشرة. وانحيازها إلى جنته واضحة الفجر، وتوشحها من كفايته بغرة سائرة إلى وجه الدهر. الحمد لله الذي أقر عين الفضل، ووطأ مهاد المجد، وترك الحساد يتعثرون في ذيول الخيبة، ويتساقطون في فضول الحسرة، وأراني الوزارة، وقد استكمل الشيخ خلالها، ووفاها جمالها
فلم تك تصلح إلا لـه ولم يك يصلح إلا لها
ما يختص منها بالقضاة
القاضي علم العلم شرقاً وغربا، ونجم الفضل غوراً ونجدا، وشمس الأدب براً وبحرا، فسبيل الأعمال أن تهنأ إذا ردت إلى نظرة الميمون، وعصبت برأيه المأمون. أسعد الله القاضي بما جدد له من رأي مولانا وارتضائه، واعتماده لأجل أمور الشريعة وانتضائه، وأسعد المسلمين والدين بما أصاره إليه، وجعل زمامه بيديه.
الأدعية التي في التهاني بالأعمال والولايات
عرف الله سيدي من سعادة عمله، أفضل ما ترقاه بأمله، ولقاه من مناجح أمره أبلغ ما انتحاه بفكره. خار الله له فيما تولاه وتطوقه، وبلغه في كل حال أمله وحققه. عرفه الله من يمن ما باشره تدبيره الخير والخيرة، والبركات الحاضرة والمنتظرة، وجعل المنائج إليه أرسالا، لا تمل توالياً واتصالاً. أسعده الله أفضل سعادة قسمت لوالي عمل، وأحضر بركة أسهمت لمسامي أمل. أحضر الله السداد عزمه، وألزم الرشاد همه، وكنفه بالعصمة وأيده، وقرن به التوفيق ولا أفرده. هنأة الله الموهبة التي ساقها إليه، ومد رواقها عليه إذ كانت من عقائل المواهب، مسفرة عن خصائص المراتب، وحلت منه محل الإستيجاب، لا الإيجاب، والإستحقاق، دون الإتفاق. هنأة الله نعمة الفضل التي الولاية أصغر آلاتها والرئاسة بعض صفاتها.
ذكر الخلع والأحبية ووصفها
أهنئ سيدي بمزيد الرفعة، وجديد الخلعة، التي تخلع قلوب المنازعين، واللواء الذي يلوي أيدي المنابذين والحملان الذي لو امتطاه إلى الأفلاك لحازها، أو سامى به الجوزاء لجازها. بلغني خبر ما تطوعت به سماء المجد، وجادت به أنواء الملك، فتضمن من الخلع اسناها، ومن السيوف أمضاها، ومن الأفراس أجراها، ومن المراكب أبهاها، ومن الإقطاعات أنماها. لبس خلعته متجللا منها ملابس العز، وامتطى فرسه فارعاً ذروة المجد، وتقلد سيفه حاصداً بحده طلى أعدائه، وغامطي نعمائه، واعتنق طوقه متطوقاً عز الأبد، واعتصم بالسوارين المؤذنين بقوة الساعد والعضد، وساس أولياءه ولواؤه عليه خافق، ولسان النصر والظفر ناطق. قد لبس عبده خلعته، التي تعمد بها رفعته، وامتطى حملانه، الذي واصل به إحسانه، وتنطق بحسامه، الذي ظاهر أثواب انعامه، وتختم بخاتميه، اللذين بسطا من يديه، ووقع من دواته، التي أعلا بها من درجاته، وتمهد له الدست المحمول إليه. فدرت سماء الشرف عليه. الخلعة التي تتراءى صفحات العز على أعطافها، وتمتري مرايا المجد من أطرافها، والحملان الذي تتناول قاصية المنى من ناصيته، والمركب الذي تستجدي حلي الثريا بحليته، والسيف والمنطقة الناطقان عن نهاية الإكرام، الناظمان قلائد الإنعام. خلع تخلع قلوب الأعداء عن مقارها وتغمر نفوس الأولياء بمسارها، وسيف كالقضاء مضاء وحداً، وكلأقدار غراراً وحداً، ولواء تخفق قلوب المنازعين إذا خفق، وحملان يصرم منكب الدهر إذا انطلق.
في التهنئة بالقدوم
أهنئ نفسي وسيدي لما يسره الله من قدومه سالماً، وأشكر الله على ذلك شكراً دائماً. قد أعفيت ظهور ركابه، وأبت البركة بإيابه. جعل الله قدومك مقروناً بالخيرة التامة العامة، والكفاية الشاملة الكاملة. غيبة المكارم مقرونة بغيبتك، وأوبة النعم موصولة بأوبتك، فوصل الله قدومك من الكرامة، بأضعاف ما قرن به مسيرك من السلامة. هنأك الله إيابك وبلغك محابك، ما زلت أيام غيبتك لا أوحش الله ربعك منك بذكرك مستأنسا، وللشوق إليك مجالسا، إلى أن من الله من أوبتك بما عظمت علي به النعمة، وجلت لدي معه المنحة. ما زلت معك بالنية مسافراً، وباتصال الفكر وبالذكر ملاقيا، إلى أن جمع الله شمل سروري بؤبتك، وسكن نافر قلبي بعودتك، فأسعدك الله بمقدمك سعادة تكون بها للإقبال مقابلا، وبالأماني ظافراً، ولا أوحش منك أوطان الفضل، ورباع المجد، بمنة.
ألفاظ في التهنئة بالحج
وتفخيم أمر الحج وتعظيم المناسك والمشاعر

رد مع اقتباس