الموضوع: كما تدين تدان
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 07-06-2010, 01:56 AM
الصورة الرمزية مريد الشبول
مريد الشبول مريد الشبول غير متواجد حالياً
 




معدل تقييم المستوى: 34 مريد الشبول سيصبح متميزا في وقت قريب
افتراضي كما تدين تدان

هاانا اطل عليكم اليوم السبت الموافق 20-7-1431ه باطلالة جديدة اتمنى ان تعم الفائدة المرجوة



كما تدين تدان




العاقل في هذه الدنيا ، الكاذبة في امالها ، الفانية في بقائها ، هو الذي يتفحص ويدقق ويتامل ويتعلم





ويبحث عن زاده الثمين الذي يقيه شرور النفس والدنيا والشيطان ، يبحث وكانه يغوص مثل غواص




ماهر في بحر لجي ، يستخرج من اعماقه كل نافع ومفيد ، ليكون له مرجعا اذا اخطا ، وزادا اذا جاع ،




وظلا ظليلا اذا اشتدت عليه حرارة الخطوب والايام 0




كثرت الاصوات التى تحدثت قائلة : في هذا الزمن قل العقلاء0





كما صدق المثل القائل :



من لم يعلمه اهله يعلمه الناس ، ومن لم يعلمه الناس تعلمه الليالي والايام 0




الذي يخوض في بحار المشقة وتجارب الليالي والايام ، حري به ان يكون قد اكتسب تجربة جيدة في



حياته ، ولكن الافضل من ذلك هو ان يتعلم الفرد من داخل اسرته ، ما يشكل له مصلا واقيا من




احداث الليالي والايام ، يتلقن الخلق الطيب ويرتشف الحكمة ، ويرتوي بالحلم والصبر ، مع لبن امه




في ايام طفولته الاولى ونعومة اظافره ، يطعمونه زاد التقوى ، ويربونه على الفضيلة 0




رباه ابوه من دمع عينيه ، كان يخرج قبل اذان الفجر بساعة ، قاصدا سوق الخضار ، يشتري




البضاعة ثم يعرضها في سوق القرية ، معتمدا على ربه في رزقه ، منتزعا قوت اطفاله من بين




مخالب وانياب زمانه ، متكئا على عصاه التي بليت كما بلي جسده النحيل ، وهرمت كما هرم جسمه




وشاب شعر راسه ، وانحنى ظهره وفعلت التجاعيد على وجهه افعالها ، تخط عليه سطورا من




حكايات البؤس والشقاء ، ثم يعود في المساء حاملا بيده قليلا من الخضار الى اسرته 0





هكذا ربى اطفاله من عرق جبينه ، ولكنها الايام حبلى بما لايعلمه الا الله تعالى ،، اصبح ابنه شابا قويا




يافعا ، ولايزال ابوه يلتقط القروش لاسرته0




وبعيدا عن اسباب الخلاف التي نشبت بين الاب العجوز المسكين وبين ابنه العاق 0




لم يصبر الابن العاق على والده الذي رباه من عرق جبينه ، حتى اتكا على عكازته ( عصاه )




لم يتحمل الابن العاق والده العجوز ، ضاق به ذرعا فاعتدى عليه بالضرب المبرح ، في وسط سوق




خضار القرية ، وفي وقت الضحى ، والسوق في ذروته مكتضا بالباعة والمشترية 0





بكى الاب بكاء شديدا ، ووقع على الارض ، وسالت الدموع من عينيه ، تسطر مزيدا من اسطر



الماساة على صفحات وجهه ، متاوها باهات مزقت انياط القلوب ، وخلعتها من اجسادها ، كان يبدو




كالكبش الضعيف الذي لا يملك حولا ولا قوة امام وحشية ذئب مفترس 0 بعد عام واحد على وقوع




المصيبة السوداء ، اخذ الله وديعته ، ولاقى الاب الحزين ربه منكسرا قلبه 0




انها الايام التي لا يامنها الا جاهل ، فلقد كبر الابن العاق واصبح في سن والده المرحوم ، وصار




اولاده رجالا يحترفون الحرفة ذاتها ، التي احترفها ابوهم وجدهم من قبل 0





وفي ذات المكان الذي ضرب الابن العاق والده العجوز فيه ، وقد بلغ من العمر عمر والده المرحوم




تماما ، وفي ذات الوقت ايضا من ذروة الضحى ، يتكرر الحدث ، ولكنه في هذه المرة يتكرر بصورة




اخرى ، يتكرر اخرى ، يتكرر انصافا وعدلا ، يتكرر عبرة وموعظة لاولي القلوب والابصار 0





كان للابن العاق ثلاثة من الابناء ، وخمسة من البنات ، وكان من بينهم ولد حاد المزاج ، سيء




الطباع ، شرس الفعال والخصال ، عندما اصبح في العشرينات من عمره ، شابا قويا يافعا ، اعتدى




على ابيه بالضرب المبرح ، في ذات المكان والزمان الذي ضرب اباه العاق جده من قبل وهو لايعلم




بذلك ، وفي ذات العمر والمهنة ايضا 0




صمت الاب فجاة مذهولا ، والناس من حوله يصرخون بابنه ، ويحاولون جاهدين ابعاده عن ابيه ،



وحمايته من لكماته الفتية ، يدافعون عنه وهو تحت رحمة عنفوان وغضب واندفاع ابنه الشاب0





صمت الاب طويلا ، يتذكر انه وقبل اكثر من ثلاثين عاما ، ضرب والده هنا في نفس المكان والزمان0




صرخ الاب في الناس قائلا : اتركوه 00000 يضربني ، رحمة الله عليك ياابي ، فقد ضربتك هنا في




ذات المكان والزمان ، فكما تدين تدان ولايظلم ربك احدا 0





اتمنى من الله ان تعم الفائدة وان نعتني بوالدين اذا كانوا احياء ونحسن اليهم لانهم هم البركة




ولكم منى كل حب وعرفان0

 

 

رد مع اقتباس