عبرة للفاسقين وبشرى للمؤمنين
عن عبد الملك بن مروان : أن شاباً جاء إليه باكياً حزيناً فقال : يا أمير المؤمنين أني أرتكبت ذنباً عظيماً ...
فهل لي من توبة ؟ قال : وما ذنبك ؟
قال : ذنب عظيم ...
قال وما هو ؟ تبّ إلى الله - تعالى - فإنه يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ,
قال : يا أمير المؤمنين كنت أنبش القبور , وكنت أرى فيها أمور عجيبة ...
قال : وما رأيت ؟
قال : يا أمير المؤمنين , نبشت ليلة قبراًُ ورأيت صاحبه قد حول وجهه عن القبلة , فخفت منه وأردت الخروج , وإذا بقائل يقول في القبر : ألا تسأل عن الميت لماذا حوّل وجهه عن القبلة ؟ فقلت لماذا حول ؟ قال : لأنه كان مستخفاً بالصلاة , وهذا جزاء من مثله ....
ثم نبشت قبراً آخر فرأيت صاحبه قد حول خنزيراً وقد شد بالسلاسل والأغلال في عنقه , فخفت وأردت الخروج , وإذا بقائل يقول لي : ألا تسأل عن عمله لماذا يعذب ؟ قلت : لماذا ؟ قال : كان يشرب الخمر في الدنيا ومات على غير توبة ....
والثالث يا أمير المؤمنين فوجدت صاحبه قد شدّ بأوتار من نار وقد أخرج لسانه منه , فخفت وأردت الخروج , فنوديت , ألا تسأل عن حاله لماذا أبتلي ؟ فقلت لماذا ؟ فقال كان لا يتحرز من البول , وكان ينقل الحديث بين الناس , فهذا جزاء مثله ....
والرابع يا أمير المؤمنين فوجدت صاحبه قد أشتعل ناراً , فقال : كان صاحبه تاركاً للصلاة ....
والخامس يا أمير المؤمنين فرأيته قد وسع على الميت والبصر وفيه نور ساطع والميت نائم على سرير وقد أشرق وجهه وعليه ثياب حسنة فأخذني منه هيبة , وأردت الخروج , فقيل لي : هلا تسأل عن حاله لماذا أكرم بهذه الكرامة ؟
فقلت : لماذا أكرم ؟
فقيل لي : لأنه كان شاباً طائعاً نشأ في طاعة الله -عز وجل- وعبادته ....
فقال عبد الملك عن ذلك : إن في هذه لعبرة للعاصين وبشارة للطائعين ....
فالواجب على المبتلي بهذه المصايب المبادرة إلى التوبة إلى الله والطاعة له .
" جعلنا الله وإياكم من الطائعين وجنبنا أعمال الفاسقين إنه غفور كريم "