عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-02-2010, 07:50 PM
الصورة الرمزية عماد قطيش
عماد قطيش عماد قطيش غير متواجد حالياً
 





معدل تقييم المستوى: 16 عماد قطيش على طريق التميز
افتراضي كيف يثبت دخول شهر رمضان

كيف يثبت دخول شهر رمضان



21 تشرين الأول, 2009 |
فريضة الصيام عبادة شرعها الله تعالى في وقت محدد من العام ، لا يجوز أداؤها في غيره، الأمر الذي يحتم على المسلم معرفة الأحكام المتعلقة بدخول شهر الصوم وخروجه، حتى يؤدي هذه العبادة على

الوجه المطلوب .

ودخول شهر رمضان يثبت بأحد أمرين:

الأول : رؤية هلال رمضان ، ودليل ذلك قوله تعالى في آية الصيام: { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } (البقرة:185) وقوله - صلى الله عليه وسلم- :( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ) متفق عليه .

فإذا رأى مسلم ، عاقل ، بالغ ، عدل ، موثوق بخبره وأمانته ، هلال رمضان فقد ثبت دخول الشهر ، وتعيَّن على الناس الشروع في صيامه .

الثاني : ويثبت دخول شهر رمضان أيضًا، بتمام شعبان ثلاثين يوماً ، لأن غاية الشهر القمري أن يكون ثلاثين يوماً، ولا يكون أكثر من ذلك ، وقد روى البخاري و مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : ( الشهر هكذا وهكذا وهكذا - يعني ثلاثين يومًا - ثم قال: وهكذا وهكذا وهكذا ) يعني تسعة وعشرين يومًا ، أي أنه إما أن يكون ثلاثين أو تسعة وعشرين .

فإذا كمل شهر شعبان ثلاثين يومًا ، فمعنى ذلك أن شهر رمضان قد بدأ بلا خلاف ، وأيضًا فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم- : ( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غُمَّ عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين ) متفق عليه .

فإذا تحرى الناس الهلال ولم يروه ، فعليهم إتمام شعبان ثلاثين يوماً، ولا يجوز - على الصحيح - صيام يوم الثلاثين على أنه من رمضان ، لعدم ثبوت دخول الشهر.

وهذا اليوم - يوم الثلاثين - يعرف بيوم الشك ؛ والدليل على عدم جواز صيام هذا اليوم ، قول عمار بن ياسر رضي الله عنه : " من صام اليوم الذي يُشك فيه ، فقد عصى أبا القاسم " رواه أبو داود ، وقد صح عنه - صلى الله عليه وسلم - النهي عن صوم يوم الشك ، ففي "الصحيحين" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال : ( لا يتقدمن أحدكم رمضان بصيام يوم أو يومين إلا أن يكون رجل كان يصوم صيامًا فليصمه ).



وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتقدم : وهو واضح الدلالة على أن بدء الصوم معلق برؤية الهلال ، فإذا لم تحصل الرؤية ، لزم الناس أن يكملوا شعبان ثلاثين يوماً.

ولذا فإنه يُستحب للناس التماس هلال رمضان ليلة الثلاثين من شعبان ، لكن لا يجب ذلك على كل مسلم ، بل هو فرض على الكفاية ، إذا فعله من يكفي ، سقط عن الباقي .

وخلاصة الأمر في هذه المسألة ، أن شهر رمضان إذا ثبت بأحد الطريقين المتقدمين ، وجب على الناس الصيام ، وإلا لم يجز الشروع في الصيام ؛ لعدم ثبوت دخول رمضان .

ثم إن الخروج من شهر رمضان يكون أيضًا بأحد الطريقين اللذَيْن تقدَّم الحديث عنهما ، غير أن ثبوت هلال شوال لا يثبت إلا برؤية شاهدين ، بخلاف ثبوت هلال رمضان ، فإنه يثبت برؤية شاهد واحد، بالشروط المعتبرة في الشهادة . وقد علَّلوا الفرق بينهما ، بأن الخروج من العبادة يحتاط فيه أكثر مما يُحتاط في الدخول فيها .

بقي أن نذكر أن من المسائل التي كانت مجال أخذ ورد بين علماء الشريعة ، المتقدمين منهم والمتأخرين – مسألة ما لو ثبتت رؤية الهلال في بلد من بلاد المسلمين ، فهل يلزم بقية المسلمين أن يعملوا بمقتضى هذه الرؤية ؟ وللعلماء في هذه المسألة أقوال لا يتسع المقام لبسطها

غير أن الراجح الذي تؤيده الأدلة النقلية والعقلية ، هو القول باختلاف المطالع ، وهو أنه إذا اختلفت المطالع فلكل مكان رؤيته ، وإذا لم تختلف فإنه يجب على من لم يره أن يوافق غيره ممن رآه وأن يعمل بمقتضى هذه الرؤية ، لقوله تعالى : { فمن شهد شهد منكم الشهر } (البقرة:185) ، وقوله - صلى الله عليه وسلم – ( إذا رأيتموه فصوموا ، وإذا رأيتموه فأفطروا ) .

ومن المعلوم أنه لا يراد بذلك رؤية كل إنسان بمفرده ، فيعمل به في المكان الذي رؤي فيه ، وفي كل مكان يوافقهم في مطالع الهلال ، وأما من كان في مكان لا يوافق مكان الرائي في مطالع الهلال فإنه لم يره لا حقيقة ولا حكماً .

ومن الأدلة النظرية أن التوقيت الشهري كالتوقيت اليومي ، ومن المعلوم أن الاختلاف اليومي له أثره باتفاق المسلمين ، لأن البلاد تختلف في الإمساك والإفطار اليومي فالذين في الشرق مثلاً يمسكون قبل الذين في الغرب ، ويفطرون قبلهم أيضاً ، فإذا حكمنا باختلاف المطالع في التوقيت اليومي ، فيجب أن نحكم باختلافها كذلك في التوقيت الشهري سواء بسواء .

هذا هو حاصل الكلام في هذه المسألة ، والله تعالى اعلم.

 

 

رد مع اقتباس