العودة   منتديات الشبول سات > المنتديات الاسلامية الشاملة > القرأن الكريم والأحاديث النبوية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-24-2023, 11:26 PM
الصورة الرمزية عبده فودة
عبده فودة عبده فودة غير متواجد حالياً
 




معدل تقييم المستوى: 0 عبده فودة على طريق التميز
افتراضي شرح حديث: إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن

شرح حديث: إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن


عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ".



وعَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العاص رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً، ثُمَّ سَلُوا الله لِي الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لاَ تَنْبَغِي إِلاَّ لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ الله، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِيَ الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ له الشَّفَاعَةُ". رواه مسلم



وعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: اللّه أَكْبَرُ اللّهُ أَكْبَرُ. فَقَالَ أَحَدُكُمْ: اللّهُ أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ. ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلٰهَ إِلاَّ اللّهُ. قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلٰهَ إِلاَّ الله. ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللّهِ. قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللّهِ. ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ. قَالَ: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بالله. ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ. قَالَ: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِالله. ثُمَّ قَالَ: الله أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ. قَالَ: الله أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ. ثُمَّ قَالَ: لاَ إِلٰهَ إِلاَّ الله. قَالَ: لاَ إِلٰهَ إِلاَّ الله، مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ". رواه مسلم.



وعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ: أَشْهَدُ "وفي رواية: وَأَنَا أَشْهَدُ" أَنْ لاَ إِلٰهَ إِلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِالله رَبَّاً وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً وَبِالإِسْلاَمِ دِيناً، غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ". رواه مسلم.



تخريج الأحاديث:

حديث أبي سعيد رضي الله عنه أخرجه مسلم " 383"، وأخرجه البخاري في " كتاب الأذان " " باب ما يقول إذا سمع المنادي" " 611"، وأخرجه أبو داود في " كتاب الصلاة " " باب ما يقول إذا سمع المؤذن" " 522"، وأخرجه الترمذي في " كتاب الصلاة " " باب ما جاء ما يقول الرجل إذا أذن المؤذن" " 208"، وأخرجه النسائي في " كتاب الأذان " " باب القول مثل ما يقول المؤذن" " 762"، وأخرجه ابن ماجه في " كتاب الأذان والسنة فيها" " باب ما يقال إذا أذن المؤذن" " 720".



وأما حديث ابن عمر رضي الله عنه فأخرجه مسلم " 384"، وانفرد به عن البخاري، وأخرجه أبو داود في " كتاب الصلاة" " باب ما يقول إذا سمع المؤذن" " 523"، وأخرجه الترمذي في " كتاب المناقب" " باب فضل النبي صلى الله عليه وسلم " " 3614"، وأخرجه النسائي في " كتاب الأذان " " باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان" " 677".



وأما حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأخرجه مسلم "385"، وانفرد به عن البخاري، وأخرجه أبو داود "في كتاب الصلاة" "باب ما يقول إذا سمع المؤذن" "527".



وأما حديث سعيد أبي وقاص رضي الله عنه فأخرجه مسلم "386"، وانفرد به عن البخاري، وأخرجه أبو داود في " كتاب الصلاة" " باب ما يقول إذا سمع المؤذن" " 525"، وأخرجه الترمذي في " كتاب الصلاة " " باب ما جاء ما يقول الرجل إذا أذن المؤذن في الدعاء" " 210"، وأخرجه النسائي في " كتاب الأذان" " باب الدعاء عند الأذان" " 678"، وأخرجه ابن ماجه في " كتاب الأذان والسنة فيها" " باب ما يقال إذا أذن المؤذن" " 721".



شرح ألفاظ الأحاديث:

" إِذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ ": أي صوت المؤذن بالأذان.



" فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ": الفاء تدل على التعقيب فتكون لمتابعة عقب كل كلمة، " مِثْلَ مَا يَقُولُ " أي مثل كل جملة يتلفظ بها المؤذن من أذكار الأذان، والمراد المشابهة بالألفاظ لا في النغمة ورفع الصوت، ويستثنى من ألفاظ الأذان الحيعلتين فإن المتابع يقول " لا حول ولا قوة إلا بالله " كما في حديث عمر بن الخطاب صلى الله عليه وسلم.



"صَلُّوا عَلَيَّ": أي قولوا: " اللهم صل على محمد"، وهذا أمر منه صلى الله عليه وسلم يوافق أمر الله تعالى في قوله: ﴿ إِنَّ اللَّـهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا ﴾ [سورة الأحزاب: 56]



قال شيخنا ابن عثيمين رحمه الله: " والصلاة من الله على رسوله ليس معناها كما قال بعض أهل العلم: إن الصلاة من الله الرحمة، ومن الملائكة الاستغفار، ومن الآدميين الدعاء، فهذا ليس بصحيح، بل إن الصلاة على المرء ثناؤه عليه في الملأ الأعلى، كما قال أبو العالية وتبعه على ذلك المحققون من أهل العلم، ويدل على بطلان القول الأول، قوله تعالى: ﴿ أُولـئِكَ عَلَيهِم صَلَواتٌ مِن رَبِّهِم وَرَحمَةٌ وَأُولـئِكَ هُمُ المُهتَدونَ ﴾ [سورة البقرة: 157]، فعطف الرحمة على الصلوات، والأصل في العطف المغايرة؛ لأن الرحمة تكون لكل أحد... فمن صلى على محمد صلى الله عليه وسلم مرة أثنى الله عليه في الملأ الأعلى عشر مرات، وهذه نعمة كبيرة" [مجموع الفتاوى (9/ 444)].



" ثُمَّ سَلُوا الله لِي الْوَسِيلَةَ": الوسيلة المرادة في الحديث عرفها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: " فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لاَ تَنْبَغِي إِلاَّ لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ الله، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُو " ورجاؤه هذا سيتحقق إن شاء الله.



" حَلَّتْ له الشَّفَاعَةُ": أي وجبت له.



"إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: اللّهُ أَكْبَرُ اللّهُ أَكْبَرُ": اقتصر صلى الله عليه وسلم في ألفاظ الأذان على الشطر تنبيهاً على الباقي، فقد ذكر من التكبير اثنتين والشهادة مرة لكل نوع والحيعلة مرة لكل نوع، وهكذا البقية لأن المراد هو بيان لفظ المتابع المناسب لكل جملة.



" لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بالله": الحول: الحركة، أي لا حركة ولا استطاعة، ولا قوة: أي على طاعة الله إلا بالله، ويطلق عليها اختصاراً الحوقلة أو الحولقة، وهذا يسمى في اللغة ب " النحت " ومعناه: بناء كلمة جديدة من كلمتين أو أكثر، أو من جملة، بحيث تدل على المعنى المراد، ومثلها البسملة، والسبحلة، والحمدلة، والحيعلة وغيرها.



قال ابن المطرز رحمه الله: " الأفعال التي أخذت من أسمائها سبعة: بسمل: إذا قال بسم الله، وسبحل: إذا قال سبحان الله، وحمدل: إذا قال الحمد لله، هيلل: إذا قال لا إله إلا الله، وحوقل: إذا قال لا حول ولا قوة إلا بالله، وحيعل: إذا قال حي على الفلاح، وجعفل: إذا قال جُعلت فداءك، وزاد الثعالبي طبلق: إذا قال أطال الله بقاؤك، ودمعز: إذا قال أدام الله عزك" [انظر المفهم (2/ 21)، وفتح المنعم (2/ 455)].



" مِنْ قَلْبِهِ": أي خالصاً من قلبه في قوله مثل ما قال المؤذن في جميع ألفاظه.



" و أنا أَشْهَدُ ": الواو عاطفة على محذوف، والتقدير: شهدت أيها المؤذن بكذا وأنا أشهد مثلك.



من فوائد الأحاديث:

الفائدة الأولى: الأحاديث دليل على مشروعية متابعة المؤذن، وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم: " فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ " استدل من يقول بوجوب متابعة المؤذن، والصواب استحباب المتابعة وهو قول جمهور العلماء، وتقدمت المسألة بأدلتها في الحديث السابق.



الفائدة الثانية: الأحاديث دليل على أن المتابع يقول مثل ما يقوله المؤذن جملة جملة إلا في الحيعلتين كما في حديث عمر رضي الله عنه فيقول: " لا حول ولا قوة إلا بالله " فيحمل العام في حديث أبي سعيد رضي الله عنه وحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما في قوله: " فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ" على الخاص في حديث عمر باستثناء الحيعلتين فإنه يقول لا حول ولا قوة إلا بالله، ولأن المعنى مناسب لإجابة الحيعلة بالحوقلة، وبه قال جمهور العلماء. [انظر الفتح (2/ 91)] وكأن السامع يجيب جميع ألفاظ الذكر والثناء في الأذان كما يقول المؤذن إلا في النداء إلى حضور الصلاة بـ " حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ. حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ " فالمناسب للعبد إظهار عجزه عن حضور ذلك وافتقاره لإعانة الله تعالى وتقويته له وتوفيقه وفي هذا غاية الحسن في المناسبة.



ولأن المؤذن ينادي بـ " حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ. حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ" فليس من المناسب أن نناديه بها بترديدنا الحيعلتين لأن في هذا تعارض وإنما المناسب الحوقلة كما تقدم.



الفائدة الثالثة: يدخل في عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: " فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ" قارئ القرآن ومن كان منشغلاً بذكر أو دعاء؛ لأن الإجابة عبادة يفوت وقتها بخلاف القراءة والذكر والدعاء فلا يفوت وقتها، وكذلك الطائف بالبيت يجيب المؤذن حال طوافه لأن إجابة المؤذن من الذكر، والذكر مشروع في الطواف، فإجابة المؤذن مشروعة من كل إنسان على أي حال، إلا في الأحوال التي نهى الشرع فيها عن الذكر كدخول الخلاء وحال الجماع ونحو ذلك.



وهل المصلي يجيب المؤذن؟

قيل: يجيبه إذا كان في النفل دون الفرض، وبه قال مالك. [انظر المدونة (1/ 180)].



وقيل: يجيبه مطلقاً سواءً كان في نفل أو فرض، وبه قال بعض المالكية. [انظر المنتقى (1/ 131)] ونقله صاحب الإنصاف وغيره عن شيخ الإسلام ابن تيمية. [انظر الاختيارات ص (39) والإنصاف (1/ 426)].



وقيل: لا يجيبه إن كان يصلي مطلقاً، وبه قال أكثر أهل العلم وهو الصواب. [انظر المغني (2/ 88)، والمنتقى (1/ 131)، والمجموع (3/ 118)] وهو اختيار شيخنا ابن عثيمين [انظر شرح صحيح البخاري الطبعة المصرية (2/ 632)].



ويدل لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: " إن في الصلاة لشغلاً "متفق عليه، ولأن متابعة المؤذن ذكر كثير بخلاف التحميد بعد العطاس أو التعوذ من وسواس الصلاة فهي كلمات يسيرة لا بأس بها.



وهل المؤذن يجيب نفسه؟ قولان لأهل العلم:

قيل: يجيب نفسه؛ لعموم حديث أبي سعيد وحديث ابن عمرو رضي الله عنهم ، لأن المؤذن يُسمع نفسه فيكون مأموراً بالإجابة.



وقيل: لا يجيب نفسه؛ لأن قوله: " إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ " يدل على التفريق بين المؤذن والسامع، ولأن المؤذن جاء بألفاظ الأذان فلا معنى بتكرار هذه الألفاظ، ولأن هذا يشوش على مهمته في التأذين ويطيل الفاصل بين جمل الأذان، والأصل في ألفاظه التتابع، وهذا القول هو الصواب، قال ابن رجب رحمه الله: " هذا هو الأرجح" [قواعد ابن رجب (2/ 29)، وفتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم (2/ 136)].



الفائدة الرابعة: ظاهر الأحاديث تدل على أنه يتابع المؤذن وإن تعدد المؤذنون، ولا يختص ذلك بأول أذان، وفي المسألة قولان لأهل العلم:-

القول الأول: أن المتابعة تكون لأول مؤذن، وقال بعضهم: لا يجيب إلا مؤذن مسجده الذي سيصلي فيه؛ لأنه هو المدعو به. [انظر إكمال العلم (2/ 250)، والفروع (1/ 281)].



والقول الثاني: استحباب متابعة كل مؤذن أخذاً بظاهر الأحاديث لكل أذان مسموع، والحكم يدور مع علته، فإذا تكرر الأذان تكرر استحباب إجابته، وهذا القول هو الصواب، واختاره جمع من أهل العلم منهم النووي وشيخ الإسلام ابن تيمية، وشيخنا ابن عثيمين رحمهم الله. [انظر المجموع (3/ 119)، والاختيارات ص (39)، والممتع (2/ 81)].



وهل يجيب من صلَّى ثم سمع مؤذناً بعد الصلاة؟ قولان لأهل العلم:

قيل: لا يجيب، لأنه غير مدعو بهذا الأذان فلا يتابعه. [انظر الإنصاف (3/ 107)، وكشاف القناع (1/ 245)].



وقيل: يجيب المؤذن ولو كان صلى، لعموم الأحاديث الدالة على مشروعية المتابعة لكل من سمع، واختاره شيخنا ابن عثيمين. [انظر الممتع (2/ 81)].



ومن استمع للأذان عبر المذياع، فإن كان يُنقل على الهواء مباشرة في نفس وقت الصلاة شرعت متابعته وإجابته؛ لعموم الأحاديث الدالة على مشروعية المتابعة ومنها أحاديث الباب، أما إذا كان الأذان مسجلاً فلا تشرع متابعته؛ لأنه ليس بصوت مؤذن يؤذن حقيقة في هذا الوقت.



وهل يشرع متابعة المقيم للصلاة؟ قولان لأهل العلم:

القول الأول: تسن متابعة المقيم كما تسن متابعة المؤذن. [انظر الإنصاف (3/ 108)، ومنتهى الإرادات (1/ 55)].



واستدلوا:

(1) بحديث رواه أبو داود من حديث أبي أمامة: " أن بلالاً أخذ في الإقامة، فلما قال: قد قامت الصلاة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أقامها الله وأدامها " والحديث ضعيف جداً، ضعفه النووي، وابن حجر، وقال ابن كثير: " ليس هذا الحديث بثابت" [انظر الخلاصة " 843" وإرشاد الفقية ص" 105" والتلخيص الحبير رقم " 311"]

(2) وعللوا: بأن الإقامة نداء إلى الصلاة صدر من المؤذن فيدخل في عموم مشروعية متابعة النداء [انظر شرح ابن رجب للبخاري (3/ 457)، وفتاوى محمد بن إبراهيم (2/ 136)].



والقول الثاني: أنه لا تشرع متابعة المقيم لعدم الدليل الصحيح على مشروعية ذلك، واختاره شيخنا ابن عثيمين [انظر الممتع (2/ 91)] وهذا الأظهر والله أعلم؛ لأن المقصود بالأدلة الدالة على مشروعية المتابعة للأذان لا الإقامة، وجاء ذلك مفسراً في حديث عمر بن الخطاب في الباب. ولما رواه أحمد في مسنده عن محمد بن قيس عن موسى بن طلحة قال: " سمعت عثمان بن عفان وهو على المنبر والمؤذن يقيم وهو يستخبر الناس ليسألهم عن أخبارهم وأسعارهم" ووجه الدلالة أن عثمان رضي الله عنه وهو من الخلفاء الذين أمرنا بإتباع سنته لم يكن يتابع المقيم.



الفائدة الخامسة: ظاهر الأحاديث أن متابعة المؤذن مشروطة بسماع الأذان فمن رآه ولم يسمعه، أو من لم يسمعه بوضوح يمكنه من المتابعة فإنه لا يتابع، لقوله صلى الله عليه وسلم: " إذا سمعتم " فالحكم معلق بالسماع وإن لم يره كما في واقعنا اليوم.



الفائدة السادسة: ظاهر الأحاديث أن المتابع يجيب المؤذن في التثويب لصلاة الفجر ب " الصلاة خير من النوم " بمثل ما يقول لعموم قوله صلى الله عليه وسلم " فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ " فيقول المجيب " الصلاة خير من النوم"، خلافاً لبعض علماء الشافعية والحنابلة وغيرهم الذين يقولون أن المجيب يقول: " صدقت وبررت" وليس لهذا أصلٌ كما ذكر الحافظ ابن حجر [انظر التلخيص (1/ 222)]، وقال الصنعاني رحمه الله: " هذا استحسان من قائله، وإلا فليس فيه سنة تعتمد" [سبل السلام (1/ 244].



وعليه فالمتابع يقول مثل ما يقول المؤذن في جميع ألفاظه إلا في الحيعلتين يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله " لورود النص بذلك كما في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الباب.



الفائدة السابعة: ظاهر الأحاديث تدل على أن متابعة المؤذن تكون عقب كل جملة من الأذان، لا معها ولا يتأخر عنها، وبهذا تتحقق المتابعة الصحيحة؛ لأن من الناس من يوافق المؤذن في الألفاظ وهذا من الأخطاء المشتهرة.



الفائدة الثامنة: في الأحاديث بيان ما يتعلق بالأذان من سنن وفضائل امتن الله تعالى بها على عباده خمس مرات في اليوم والليلة، والعباد منها بين مستقل ومستكثر وبين مبادر ومفرط، وهي خمس سنن في خمس فرائض يتحصل منها خمساً وعشرين سنة في اليوم والليلة تتعلق بالأذان، وهذه الخمس سنن كما يلي:

(1) متابعة المؤذن، كما دلّ عليها حديث أبي سعيد وحديث ابن عمر وحديث عمر رضي الله عنهم في الباب، وفضلها: دخول الجنة، شريطة أن يكون قلب القائل مخلصاً موقناً بما نطق به، لقوله "مِنْ قَلْبِهِ ".



(2) أن يقول بعد الشهادتين ما جاء في حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في الباب: " أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلٰهَ إِلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِالله رَبَّاً وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً وَبِالإِسْلاَمِ دِيناً "ومما يدل على أن الأصح في موضع هذا الذكر بعد الشهادتين لا بعد الأذان:

أ- حديث الباب " مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ: أَشْهَدُ " وأيضاً الرواية الأخرى " وَأَنَا أَشْهَدُ " أي وأنا أشهد كما تشهد أنت أيها المؤذن.



ب- ما أخرجه أبو عوانة بسنده عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلٰهَ إِلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِالله رَبَّاً وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً وَبِالإِسْلاَمِ دِيناً غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ " أخرجه أبو عوانة في مسنده " 1/ 283"

وفضل هذا الذكر: مغفرة الذنوب، لقوله" غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ ".



3- الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان، لقوله: " فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ "، وتقدم أن معنى الصلاة عليه هي الثناء عليه في الملأ الأعلى.



وفضل من فعل ذلك: أن الله تعالى يثني عليه في الملأ الأعلى عشر مرات وياله من شرف وفضل عظيم، لقوله صلى الله عليه وسلم: " فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشر "، وأفضل صيغة للصلاة هي الصلاة الإبراهيمية: " اللهم صل على محمد وعلى آل محمد... ".



4- سؤال الله تعالى الوسيلة لمحمد صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن عمرو رضي الله عنهما في الباب، وصيغته جاءت في حديث جابر عند البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من قال حين يسمع النداء: " اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة".



والفضل جاء في آخر الحديث السابق وكذا في آخر حديث ابن عمر رضي الله عنهما في الباب وهو: شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم له يوم القيامة، ومعنى " حلت " أي وجبت واستحقها، فهذا الذكر من أسباب نيل شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة.



5- الدعاء بين الأذان والإقامة، دلّ على ذلك حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: " أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن المؤذنين يفضلوننا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قل كما يقولون، فإذا انتهيت فسل تعطه" رواه أبو داود، وحسنه ابن حجر والألباني. [انظر نتائج الأفكار (1/ 367) وصحيح الكلم الطيب للألباني ص (73)].



وفضله: إجابة الدعاء، وهذا من فضل الله تعالى الواسع على عباده، ويا لخسارة من ترددت عليه هذه الفضائل: دخول الجنة، ومغفرة الذنوب، وثناء الله عليه في الملأ الأعلى عشرا، والشفاعة، وإجابة الدعاء – في اليوم والليلة – خمساً وعشرين مرة في عبادة واحدة وهي الأذان ولم يكن نصيبه منها إلا القليل إن لم يكن محروماً والله المستعان.



9- في الأحاديث فضل الله تعالى على هذه الأمة بمضاعفة الأجور وتنوعها مع عظمتها ومن ذلك ما اشتملت عليه عبادة واحدة من العبادات وهي الأذان.



10- في حديث عمر رضي الله عنه دلالة على أن الأعمال لابد لها من الإخلاص لله تعالى لقوله "مِنْ قَلْبِهِ ".

11- في حديث ابن عمرو ما يدل على اختصاص الوسيلة المذكورة بنبينا صلى الله عليه وسلم.

12- في حديث ابن عمرو رضي الله عنهما إثبات الشفاعة.

 

 

رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:08 AM
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.