#1
|
||||
|
||||
موسوعه بأسماء الأنبياء وقصصهم
|
07-10-2011, 11:10 PM | رقم المشاركة : 2 | |
|
[CENTER]شيث بن ادم عليه السلام |
|
07-10-2011, 11:11 PM | رقم المشاركة : 3 | |
|
[SIZE=4] صالح عليه السلام نبذة: أرسله الله إلى قوم ثمود وكانوا قوما جاحدين آتاهم الله رزقا كثيرا ولكنهم عصوا ربهم وعبدوا الأصنام وتفاخروا بينهم بقوتهم فبعث الله إليهم صالحا مبشرا ومنذرا ولكنهم كذبوه وعصوه وطالبوه بأن يأتي بآية ليصدقوه فأتاهم بالناقة وأمرهم أن لا يؤذوها ولكنهم أصروا على كبرهم فعقروا الناقة وعاقبهم الله بالصاعقة فصعقوا جزاء لفعلتهم ونجى الله صالحا والمؤمنين سيرته: إرسال صالح عليه السلام لثمود: جاء قوم ثمود بعد قوم عاد، وتكررت قصة العذاب بشكل مختلف مع ثمود. كانت ثمود قبيلة تعبد الأصنام هي الأخرى، فأرسل الله سيدنا "صالحا" إليهم.. وقال صالح لقومه: (يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ) نفس الكلمة التي يقولها كل نبي.. لا تتبدل ولا تتغير، كما أن الحق لا يتبدل ولا يتغير. فوجئ الكبار من قوم صالح بما يقوله.. إنه يتهم آلهتهم بأنها بلا قيمة، وهو ينهاهم عن عبادتها ويأمرهم بعبادة الله وحده. وأحدثت دعوته هزة كبيرة في المجتمع.. وكان صالح معروفا بالحكمة والنقاء والخير. كان قومه يحترمونه قبل أن يوحي الله إليه ويرسله بالدعوة إليهم.. وقال قوم صالح له: قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَـذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (62) (هود) تأمل وجهة نظر الكافرين من قوم صالح. إنهم يدلفون إليه من باب شخصي بحت. لقد كان لنا رجاء فيك. كنت مرجوا فينا لعلمك وعقلك وصدقك وحسن تدبيرك، ثم خاب رجاؤنا فيك.. أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا؟! يا للكارثة.. كل شيء يا صالح إلا هذا. ما كنا نتوقع منك أن تعيب آلهتنا التي وجدنا آبائنا عاكفين عليها.. وهكذا يعجب القوم مما يدعوهم إليه. ويستنكرون ما هو واجب وحق، ويدهشون أن يدعوهم أخوهم صالح إلى عبادة الله وحده. لماذا؟ ما كان ذلك كله إلا لأن آبائهم كانوا يعبدون هذه الآلهة. معجزة صالح عليه السلام: ورغم نصاعة دعوة صالح عليه الصلاة والسلام، فقد بدا واضحا أن قومه لن يصدقونه. كانوا يشكون في دعوته، واعتقدوا أنه مسحور، وطالبوه بمعجزة تثبت أنه رسول من الله إليهم. وشاءت إرادة الله أن تستجيب لطلبهم. وكان قوم ثمود ينحتون من الجبال بيوتا عظيمة. كانوا يستخدمون الصخر في البناء، وكانوا أقوياء قد فتح الله عليهم رزقهم من كل شيء. جاءوا بعد قوم عاد فسكنوا الأرض التي استعمروها. قال صالح لقومه حين طالبوه بمعجزة ليصدقوه: وَيَا قَوْمِ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ (64) (هود) والآية هي المعجزة، ويقال إن الناقة كانت معجزة لأن صخرة بالجبل انشقت يوما وخرجت منها الناقة.. ولدت من غير الطريق المعروف للولادة. ويقال إنها كانت معجزة لأنها كانت تشرب المياه الموجودة في الآبار في يوم فلا تقترب بقية الحيوانات من المياه في هذا اليوم، وقيل إنها كانت معجزة لأنها كانت تدر لبنا يكفي لشرب الناس جميعا في هذا اليوم الذي تشرب فيه الماء فلا يبقى شيء للناس. كانت هذه الناقة معجزة، وصفها الله سبحانه وتعالى بقوله: (نَاقَةُ اللّهِ) أضافها لنفسه سبحانه بمعنى أنها ليست ناقة عادية وإنما هي معجزة من الله. وأصدر الله أمره إلى صالح أن يأمر قومه بعدم المساس بالناقة أو إيذائها أو قتلها، أمرهم أن يتركوها تأكل في أرض الله، وألا يمسوها بسوء، وحذرهم أنهم إذا مدوا أيديهم بالأذى للناقة فسوف يأخذهم عذاب قريب. في البداية تعاظمت دهشة ثمود حين ولدت الناقة من صخور الجبل.. كانت ناقة مباركة. كان لبنها يكفي آلاف الرجال والنساء والأطفال. كان واضحا إنها ليست مجرد ناقة عادية، وإنما هي آية من الله. وعاشت الناقة بين قوم صالح، آمن منهم من آمن وبقي أغلبهم على العناد والكفر. وذلك لأن الكفار عندما يطلبون من نبيهم آية، ليس لأنهم يريدون التأكد من صدقه والإيمان به، وإنما لتحديه وإظهار عجزه أمام البشر. لكن الله كان يخذلهم بتأييد أنبياءه بمعجزات من عنده. كان صالح عليه الصلاة والسلام يحدث قومه برفق وحب، وهو يدعوهم إلى عبادة الله وحده، وينبههم إلى أن الله قد أخرج لهم معجزة هي الناقة، دليلا على صدقه وبينة على دعوته. وهو يرجو منهم أن يتركوا الناقة تأكل في أرض الله، وكل الأرض أرض الله. وهو يحذرهم أن يمسوها بسوء خشية وقوع عذاب الله عليهم. كما ذكرهم بإنعام الله عليهم: بأنه جعلهم خلفاء من بعد قوم عاد.. وأنعم عليهم بالقصور والجبال المنحوتة والنعيم والرزق والقوة. لكن قومه تجاوزوا كلماته وتركوه، واتجهوا إلى الذين آمنوا بصالح. يسألونهم سؤال استخفاف وزراية: أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ ؟! قالت الفئة الضعيفة التي آمنت بصالح: إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ فأخذت الذين كفروا العزة بالإثم.. قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا بِالَّذِيَ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ . هكذا باحتقار واستعلاء وغضب. تآمر الملأ على الناقة: وتحولت الكراهية عن سيدنا صالح إلى الناقة المباركة. تركزت عليها الكراهية، وبدأت المؤامرة تنسج خيوطها ضد الناقة. كره الكافرون هذه الآية العظيمة، ودبروا في أنفسهم أمرا. وفي إحدى الليالي، انعقدت جلسة لكبار القوم، وقد أصبح من المألوف أن نرى أن في قصص الأنبياء هذه التدابير للقضاء على النبي أو معجزاته أو دعوته تأتي من رؤساء القوم، فهم من يخافون على مصالحهم إن تحول الناس للتوحيد، ومن خشيتهم إلى خشية الله وحده. أخذ رؤساء القوم يتشاورون فيما يجب القيام به لإنهاء دعوة صالح. فأشار عليهم واحد منهم بقتل الناقة ومن ثم قتل صالح نفسه. وهذا هو سلاح الظلمة والكفرة في كل زمان ومكان، يعمدون إلى القوة والسلاح بدل الحوار والنقاش بالحجج والبراهين. لأنهم يعلمون أن الحق يعلوا ولا يعلى عليه، ومهما امتد بهم الزمان سيظهر الحق ويبطل كل حججهم. وهم لا يريدون أن يصلوا لهذه المرحلة، وقرروا القضاء على الحق قبل أن تقوى شوكته. لكن أحدهم قال: حذرنا صالح من المساس بالناقة، وهددنا بالعذاب القريب. فقال أحدهم سريعا قبل أن يؤثر كلام من سبقه على عقول القوم: أعرف من يجرأ على قتل الناقة. ووقع الاختيار على تسعة من جبابرة القوم. وكانوا رجالا يعيثون الفساد في الأرض، الويل لمن يعترضهم. هؤلاء هم أداة الجريمة. اتفق على موعد الجريمة ومكان التنفيذ. وفي الليلة المحددة. وبينما كانت الناقة المباركة تنام في سلام. انتهى المجرمون التسعة من إعداد أسلحتهم وسيوفهم وسهامهم، لارتكاب الجريمة. هجم الرجال على الناقة فنهضت الناقة مفزوعة. امتدت الأيدي الآثمة القاتلة إليها. وسالت دمائها. هلاك ثمود: علم النبي صالح بما حدث فخرج غاضبا على قومه. قال لهم: ألم أحذركم من أن تمسوا الناقة؟ قالوا: قتلناها فأتنا بالعذاب واستعجله.. ألم تقل أنك من المرسلين؟ قال صالح لقومه: تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ بعدها غادر صالح قومه. تركهم ومضى. انتهى الأمر ووعده الله بهلاكهم بعد ثلاثة أيام. ومرت ثلاثة أيام على الكافرين من قوم صالح وهم يهزءون من العذاب وينتظرون، وفي فجر اليوم الرابع: انشقت السماء عن صيحة جبارة واحدة. انقضت الصيحة على الجبال فهلك فيها كل شيء حي. هي صرخة واحدة.. لم يكد أولها يبدأ وآخرها يجيء حتى كان كفار قوم صالح قد صعقوا جميعا صعقة واحدة. هلكوا جميعا قبل أن يدركوا ما حدث. أما الذين آمنوا بسيدنا صالح، فكانوا قد غادروا المكان مع نبيهم ونجوا. لوط عليه السلام حال قوم لوط دعى لوط قومه إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ونهاهم عن كسب السيئات والفواحش. واصطدمت دعوته بقلوب قاسية وأهواء مريضة ورفض متكبر. وحكموا على لوط وأهله بالطرد من القرية. فقد كان القوم الذين بعث إليهم لوط يرتكبون عددا كبيرا من الجرائم البشعة. كانوا يقطعون الطريق، ويخونون الرفيق، ويتواصون بالإثم، ولا يتناهون عن منكر، وقد زادوا في سجل جرائمهم جريمة لم يسبقهم بها أحد من العالمين. كانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء. لقد اختلت المقاييس عند قوم لوط.. فصار الرجال أهدافا مرغوبة بدلا من النساء، وصار النقاء والطهر جريمة تستوجب الطرد.. كانوا مرضى يرفضون الشفاء ويقاومونه.. ولقد كانت تصرفات قوم لوط تحزن قلب لوط.. كانوا يرتكبون جريمتهم علانية في ناديهم.. وكانوا إذا دخل المدينة غريب أو مسافر أو ضيف لم ينقذه من أيديهم أحد.. وكانوا يقولون للوط: استضف أنت النساء ودع لنا الرجال.. واستطارت شهرتهم الوبيلة، وجاهدهم لوط جهادا عظيما، وأقام عليهم حجته، ومرت الأيام والشهور والسنوات، وهو ماض في دعوته بغير أن يؤمن له أحد.. لم يؤمن به غير أهل بيته.. حتى أهل بيته لم يؤمنوا به جميعا. كانت زوجته كافرة. وزاد الأمر بأن قام الكفرة بالاستهزاء برسالة لوط عليه السلام، فكانوا يقولون: (ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ). فيئس لوط منهم، ودعا الله أن ينصره ويهلك المفسدين. ذهاب الملائكة لقوم لوط: خرج الملائكة من عند إبراهيم قاصدين قرية لوط.. بلغوا أسوار سدوم.. وابنة لوط واقفة تملأ وعاءها من مياه النهر.. رفعت وجهها فشاهدتهم.. فسألها أحد الملائكة: يا جارية.. هل من منزل؟ قالت [وهي تذكر قومها]: مكانكم لا تدخلوا حتى أخبر أبي وآتيكم.. أسرعت نحو أبيها فأخبرته. فهرع لوط يجري نحو الغرباء. فلم يكد يراهم حتى (سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَـذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ) سألهم: من أين جاءوا؟ .. وما هي وجهتهم؟.. فصمتوا عن إجابته. وسألوه أن يضيفهم.. استحى منهم وسار أمامهم قليلا ثم توقف والتفت إليهم يقول: لا أعلم على وجه الأرض أخبث من أهل هذا البلد. قال كلمته ليصرفهم عن المبيت في القرية، غير أنهم غضوا النظر عن قوله ولم يعلقوا عليه، وعاد يسير معهم ويلوي عنق الحديث ويقسره قسرا ويمضي به إلى أهل القرية - حدثهم أنهم خبثاء.. أنهم يخزون ضيوفهم.. حدثهم أنهم يفسدون في الأرض. وكان الصراع يجري داخله محاولا التوفيق بين أمرين.. صرف ضيوفه عن المبيت في القرية دون إحراجهم، وبغير إخلال بكرم الضيافة.. عبثا حاول إفهامهم والتلميح لهم أن يستمروا في رحلتهم ، دون نزول بهذه القرية. سقط الليل على المدينة.. صحب لوط ضيوفه إلى بيته.. لم يرهم من أهل المدينة أحد.. لم تكد زوجته تشهد الضيوف حتى تسللت خارجة بغير أن تشعره. أسرعت إلى قومها وأخبرتهم الخبر.. وانتشر الخبر مثل النار في الهشيم. وجاء قوم لوط له مسرعين.. تساءل لوط بينه وبين نفسه: من الذي أخبرهم؟.. وقف القوم على باب البيت.. خرج إليهم لوط متعلقا بأمل أخير ، وبدأ بوعظهم: (هَـؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ).. قال لهم: أمامكم النساء -زوجاتكم- هن أطهر.. فهن يلبين الفطرة السوية.. كما أن الخالق -جلّ في علاه- قد هيّئهن لهذا الأمر. (فَاتَّقُواْ اللّهَ).. يلمس نفوسهم من جانب التقوى بعد أن لمسها من جانب الفطرة.. اتقوا الله وتذكروا أن الله يسمع ويرى.. ويغضب ويعاقب وأجدر بالعقلاء اتقاء غضبه. (وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي).. هي محاولة يائسة لِلَمْس نخوتهم وتقاليدهم. و ينبغي عليهم إكرام الضيف لا فضحه. (أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ).. أليس فيكم رجل عاقل؟.. إن ما تريدونه -لو تحقق- هو عين الجنون. إلا أن كلمات لوط عليه السلام لم تلمس الفطرة المنحرفة المريضة، ولا القلب الجامد الميت، ولا العقل المريض الأحمق.. ظلت الفورة الشاذة على اندفاعها. أحس لوط بضعفه وهو غريب بين القوم.. نازح إليهم من بعيد بغير عشيرة تحميه، ولا أولاد ذكور يدافعون عنه.. دخل لوط غاضبا وأغلق باب بيته.. كان الغرباء الذين استضافهم يجلسون هادئين صامتين.. فدهش لوط من هدوئهم.. وازدادت ضربات القوم على الباب.. وصرخ لوط في لحظة يأس خانق: (قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ) تمنى أن تكون له قوة تصدهم عن ضيفه.. وتمنى لو كان له ركن شديد يحتمي فيه ويأوي إليه.. غاب عن لوط في شدته وكربته أنه يأوي إلى ركن شديد.. ركن الله الذي لا يتخلى عن أنبيائه وأوليائه.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يقرأ هذه الآية: "رحمة الله على لوط.. كان يأوي إلى ركن شديد". هلاك قوم لوط: عندما بلغ الضيق ذروته.. وقال النبي كلمته.. تحرك ضيوفه ونهضوا فجأة.. أفهموه أنه يأوي إلى ركن شديد.. فقالوا له لا تجزع يا لوط ولا تخف.. نحن ملائكة.. ولن يصل إليك هؤلاء القوم.. ثم نهض جبريل، عليه السلام، وأشار بيده إشارة سريعة، ففقد القوم أبصارهم. التفتت الملائكة إلى لوط وأصدروا إليه أمرهم أن يصحب أهله أثناء الليل ويخرج.. سيسمعون أصواتا مروعة تزلزل الجبال.. لا يلتفت منهم أحد.. كي لا يصيبه ما يصيب القوم.. أي عذاب هذا؟.. هو عذاب من نوع غريب، يكفي لوقوعه بالمرء مجرد النظر إليه.. أفهموه أن امرأته كانت من الغابرين.. امرأته كافرة مثلهم وستلتفت خلفها فيصيبها ما أصابهم. سأل لوط الملائكة: أينزل الله العذاب بهم الآن.. أنبئوه أن موعدهم مع العذاب هو الصبح.. (أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ)؟ خرج لوط مع بناته وزوجته.. ساروا في الليل وغذوا السير.. واقترب الصبح.. كان لوط قد ابتعد مع أهله.. ثم جاء أمر الله تعالى.. قال العلماء: اقتلع جبريل، عليه السلام، بطرف جناحه مدنهم السبع من قرارها البعيد.. رفعها جميعا إلى عنان السماء حتى سمعت الملائكة أصوات ديكتهم ونباح كلابهم، قلب المدن السبع وهوى بها في الأرض.. أثناء السقوط كانت السماء تمطرهم بحجارة من الجحيم.. حجارة صلبة قوية يتبع بعضها بعضا، ومعلمة بأسمائهم، ومقدرة عليهم.. استمر الجحيم يمطرهم.. وانتهى قوم لوط تماما.. لم يعد هناك أحد.. نكست المدن على رؤوسها، وغارت في الأرض، حتى انفجر الماء من الأرض.. هلك قوم لوط ومحيت مدنهم. كان لوط يسمع أصوات مروعة.. وكان يحاذر أن يلتفت خلفه.. نظرت زوجته نحو مصدر الصوت فانتهت.. تهرأ جسدها وتفتت مثل عمود ساقط من الملح. قال العلماء: إن مكان المدن السبع.. بحيرة غريبة.. ماؤها أجاج.. وكثافة الماء أعظم من كثافة مياه البحر الملحة.. وفي هذه البحيرة صخور معدنية ذائبة.. توحي بأن هذه الحجارة التي ضرب بها قوم لوط كانت شهبا مشعلة. يقال إن البحيرة الحالية التي نعرفها باسم "البحر الميت" في فلسطين.. هي مدن قوم لوط السابقة. انطوت صفحة قوم لوط.. انمحت مدنهم وأسمائهم من الأرض.. سقطوا من ذاكرة الحياة والأحياء.. وطويت صفحة من صفحات الفساد.. وتوجه لوط إلى إبراهيم.. زار إبراهيم وقص عليه نبأ قومه.. وأدهشه أن إبراهيم كان يعلم.. ومضى لوط في دعوته إلى الله.. مثلما مضى الحليم الأواه المنيب إبراهيم في دعوته إلى الله.. مضى الاثنان ينشران الإسلام في الأرض. []إبراهيم عليه السلام/ منزلة إبراهيم عليه السلام: هو أحد أولي العزم الخمسة الكبار الذين اخذ الله منهم ميثاقا غليظا، وهم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد.. بترتيب بعثهم. وهو النبي الذي ابتلاه الله ببلاء مبين. بلاء فوق قدرة البشر وطاقة الأعصاب. ورغم حدة الشدة، وعنت البلاء.. كان إبراهيم هو العبد الذي وفى. وزاد على الوفاء بالإحسان. وقد كرم الله تبارك وتعالى إبراهيم تكريما خاصا، فجعل ملته هي التوحيد الخالص النقي من الشوائب. وجعل العقل في جانب الذين يتبعون دينه. وكان من فضل الله على إبراهيم أن جعله الله إماما للناس. وجعل في ذريته النبوة والكتاب. فكل الأنبياء من بعد إبراهيم هم من نسله فهم أولاده وأحفاده. حتى إذا جاء آخر الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم، جاء تحقيقا واستجابة لدعوة إبراهيم التي دعا الله فيها أن يبعث في الأميين رسولا منهم. ولو مضينا نبحث في فضل إبراهيم وتكريم الله له فسوف نمتلئ بالدهشة. نحن أمام بشر جاء ربه بقلب سليم. إنسان لم يكد الله يقول له أسلم حتى قال أسلمت لرب العالمين. نبي هو أول من سمانا المسلمين. نبي كان جدا وأبا لكل أنبياء الله الذين جاءوا بعده. نبي هادئ متسامح حليم أواه منيب. يذكر لنا ربنا ذو الجلال والإكرام أمرا آخر أفضل من كل ما سبق. فيقول الله عز وجل في محكم آياته: (وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً) لم يرد في كتاب الله ذكر لنبي، اتخذه الله خليلا غير إبراهيم. قال العلماء: الخُلَّة هي شدة المحبة. وبذلك تعني الآية: واتخذ الله إبراهيم حبيبا. فوق هذه القمة الشامخة يجلس إبراهيم عليه الصلاة والسلام. إن منتهى أمل السالكين، وغاية هدف المحققين والعارفين بالله.. أن يحبوا الله عز وجل. أما أن يحلم أحدهم أن يحبه الله، أن يفرده بالحب، أن يختصه بالخُلَّة وهي شدة المحبة.. فذلك شيء وراء آفاق التصور. كان إبراهيم هو هذا العبد الرباني الذي استحق أن يتخذه الله خليلا. حال المشركين قبل بعثة إبراهيم: لا يتحدث القرآن عن ميلاده أو طفولته، ولا يتوقف عند عصره صراحة، ولكنه يرسم صورة لجو الحياة في أيامه، فتدب الحياة في عصره، وترى الناس قد انقسموا ثلاث فئات: فئة تعبد الأصنام والتماثيل الخشبية والحجرية. وفئة تعبد الكواكب والنجوم والشمس والقمر. وفئة تعبد الملوك والحكام. نشأة إبراهيم عليه السلام: وفي هذا الجو ولد إبراهيم. ولد في أسرة من أسر ذلك الزمان البعيد. لم يكن رب الأسرة كافرا عاديا من عبدة الأصنام، كان كافرا متميزا يصنع بيديه تماثيل الآلهة. وقيل أن أباه مات قبل ولادته فرباه عمه، وكان له بمثابة الأب، وكان إبراهيم يدعوه بلفظ الأبوة، وقيل أن أباه لم يمت وكان آزر هو والده حقا، وقيل أن آزر اسم صنم اشتهر أبوه بصناعته.. ومهما يكن من أمر فقد ولد إبراهيم في هذه الأسرة. رب الأسرة أعظم نحات يصنع تماثيل الآلهة. ومهنة الأب تضفي عليه قداسة خاصة في قومه، وتجعل لأسرته كلها مكانا ممتازا في المجتمع. هي أسرة مرموقة، أسرة من الصفوة الحاكمة. من هذه الأسرة المقدسة، ولد طفل قدر له أن يقف ضد أسرته وضد نظام مجتمعه وضد أوهام قومه وضد ظنون الكهنة وضد العروش القائمة وضد عبدة النجوم والكواكب وضد كل أنواع الشرك باختصار. مرت الأيام.. وكبر إبراهيم.. كان قلبه يمتلأ من طفولته بكراهية صادقة لهذه التماثيل التي يصنعها والده. لم يكن يفهم كيف يمكن لإنسان عاقل أن يصنع بيديه تمثالا، ثم يسجد بعد ذلك لما صنع بيديه. لاحظ إبراهيم إن هذه التماثيل لا تشرب ولا تأكل ولا تتكلم ولا تستطيع أن تعتدل لو قلبها أحد على جنبها. كيف يتصور الناس أن هذه التماثيل تضر وتنفع؟! مواجهة عبدة الكواكب والنجوم: قرر إبراهيم عليه السلام مواجهة عبدة النجوم من قومه، فأعلن عندما رأى أحد الكواكب في الليل، أن هذا الكوكب ربه. ويبدو أن قومه اطمأنوا له، وحسبوا أنه يرفض عبادة التماثيل ويهوى عبادة الكواكب. وكانت الملاحة حرة بين الوثنيات الثلاث: عبادة التماثيل والنجوم والملوك. غير أن إبراهيم كان يدخر لقومه مفاجأة مذهلة في الصباح. لقد أفل الكوكب الذي التحق بديانته بالأمس. وإبراهيم لا يحب الآفلين. فعاد إبراهيم في الليلة الثانية يعلن لقومه أن القمر ربه. لم يكن قومه على درجة كافية من الذكاء ليدركوا أنه يسخر منهم برفق ولطف وحب. كيف يعبدون ربا يختفي ثم يظهر. يأفل ثم يشرق. لم يفهم قومه هذا في المرة الأولى فكرره مع القمر. لكن القمر كالزهرة كأي كوكب آخر.. يظهر ويختفي. فقال إبراهيم عدما أفل القمر (لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ) نلاحظ هنا أنه عندما يحدث قومه عن رفضه لألوهية القمر.. فإنه يمزق العقيدة القمرية بهدوء ولطف. كيف يعبد الناس ربا يختفي ويأفل. (لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي) يفهمهم أن له ربا غير كل ما يعبدون. غير أن اللفتة لا تصل إليهم. ويعاود إبراهيم محاولته في إقامة الحجة على الفئة الأولى من قومه.. عبدة الكواكب والنجوم. فيعلن أن الشمس ربه، لأنها أكبر من القمر. وما أن غابت الشمس، حتى أعلن براءته من عبادة النجوم والكواكب. فكلها مغلوقات تأفل. وأنهى جولته الأولى بتوجيهه وجهه للذي فطر السماوات والأرض حنيفا.. ليس مشركا مثلهم. استطاعت حجة إبراهيم أن تظهر الحق. وبدأ صراع قومه معه. لم يسكت عنه عبدة النجوم والكواكب. بدءوا جدالهم وتخويفهم له وتهديده. ورد إبراهيم عليهم قال: أَتُحَاجُّونِّي فِي اللّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَاء رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ (80) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (81) (الأنعام) لا نعرف رهبة الهجوم عليه. ولا حدة الصراع ضده، ولا أسلوب قومه الذي اتبعه معه لتخويفه. تجاوز القرآن هذا كله إلى رده هو. كان جدالهم باطلا فأسقطه القرآن من القصة، وذكر رد إبراهيم المنطقي العاقل. كيف يخوفونه ولا يخافون هم؟ أي الفريقين أحق بالأمن؟ بعد أن بين إبراهيم عليه السلام حجته لفئة عبدة النجوم والكواكب، استعد لتبيين حجته لعبدة الأصنام. آتاه الله الحجة في المرة الأولى كما سيؤتيه الحجة في كل مرة. سبحانه.. كان يؤيد إبراهيم ويريه ملكوت السماوات والأرض. لم يكن معه غير إسلامه حين بدأ صراعه مع عبدة الأصنام. هذه المرة يأخذ الصراع شكلا أعظم حدة. أبوه في الموضوع.. هذه مهنة الأب وسر مكانته وموضع تصديق القوم.. وهي العبادة التي تتبعها الأغلبية. [size=21] زكريا (عليه السلام) تمنى عمران وزوجته أن يكون لهما ولد، فأخذا يدعوان الله أن يرزقهما الذرية الصالحة، فاستجاب الله لدعائهما، وحملت امرأة عمران، فنذرت أن تهب ما في بطنها لخدمة المسجد الأقصى، ويتولى رعايته، ويقوم على شئونه، ولما ولدت أنثى، قالت: {رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم} [آل عمران:36] ثم أخذتها، وذهبت بها إلى المسجد الأقصى حتى تعيش هناك، وتتربى على التقوى والأخلاق الحميدة، وتنشأ على عبادة الله منذ الصغر. وتقدم زكريا ليكفلها ويربيها ويقوم على رعايتها، وقد كان زكريا نجارًا، لكن الناس اختلفوا في ذلك، وارتفعت أصواتهم كل ينادي ويطالب بتربية مريم، وكل يرى نفسه أحق برعايتها من غيره، فقام أحد عُبَّاد المعبد ليفض هذا النزاع الذي نشب بينهم في شأن كفالة مريم، وقال: أقترح عليكم أن نذهب جميعًا إلى النهر ونرمى أقلامنا فيه، والقلم الذي يجري خلاف جري الماء هو الذي يفوز صاحبه بكفالة مريم وينال شرف تربيتها. فاتفق الجميع على هذا الرأي، وذهبوا إلى النهر، ورمى كل واحد منهم قلمه فذهبت الأقلام جميعها مع التيار إلا قلم زكريا فهو وحده الذي سار خلاف جري الماء، وفاز زكريا بكفالة السيدة مريم، وبدأ زكريا -عليه السلام- في كفالة مريم والقيام على أمرها، وخصص لها مكانًا في المسجد تعيش فيه، ومحرابًا خاصًّا بها لتتعبد فيه، وظلت السيدة مريم في المسجد وقتًا طويلا تعبد الله وتسبحه، وتقدسه في مكانها الخاص، لا تغادره إلا قليلاً. وكان زكريا يزورها من حين لآخر، للاطمئنان عليها، والقيام بأمرها، وكلما دخل عليها المسجد، وجد عندها طعامًا، بل كان يجد فاكهة وألوانًا مختلفة من الأطعمة لا توجد في ذلك الوقت، فتعجب زكريا، وأخذته الدهشة ثم سألها: من أين لها بهذه الفاكهة، وهذا الطعام؟! فأخبرته السيدة مريم بأنه رزق من عند الله الذي يرزق من يشاء بغير حساب، وكان زكريا قد كبرت سنه، ولم يكن لديه ولد ولا ذرية، لكنه لما رأى رزق الله لمريم بأشياء ليست في وقتها علم أن الله قادر أن يرزقه ولدًا، وإن كانت امرأته عاقرًا، فانصرف زكريا من عند مريم، وتوجه إلى ربه -عز وجل- يدعوه أن يرزقه بولد صالح. وفي يوم من الأيام، وبينما زكريا في محرابه يعبد الله ويسبحه، تنزلت عليه الملائكة تبشره باستجابة الله لدعائه، وأن الله سبحانه وهبه غلامًا اسمه يحيى، وسيكون نبيًّا صالحًا، فتعجب زكريا من ذلك فكيف يكون له غلام وقد كبرت سنه، وامرأته عجوز عاقر؟! فأخبرته الملائكة أن هذا أمر الله القادر على كل شىء، عند ذلك طلب زكريا -عليه السلام- من الله تعالى أن يجعل له آية يستدل منها على أن زوجته بدأت تعاني من أعراض الحمل؛ فجعل الله علامة ذلك أن يفقد حاسة النطق لمدة ثلاثة أيام، وعليه في هذه الحالة أن يستحضر قلبه في الصباح والمساء في ذكر الله وعبادته وشكره. ثم بين له الله -عز وجل- أنه إذا أراد مخاطبة قومه خاطبهم بالإشارة، وأمره الله -عز وجل- أن يطلب من قومه أن يسبِّحوا لله في الصباح والمساء، ومرت فترة من الزمن، وولد يحيى -عليه السلام- بعد شوق وانتظار؛ وأقر الله به عين زكريا وفرح به فرحًا عظيمًا، فتوجه إلى محرابه يصلي، ويسجد لله عز وجل، ويشكره على هذه النعمة العظيمة.. وقد مات زكريا -عليه السلام- قتيلاً على يد بني إسرائيل، وقيل: إنه قد مات ولم يقتل، فالله أعلم |
|
07-10-2011, 11:12 PM | رقم المشاركة : 4 | |
|
[center][center]سيدنا إسماعيل |
|
07-10-2011, 11:12 PM | رقم المشاركة : 5 | |
|
[center] |
|
07-10-2011, 11:13 PM | رقم المشاركة : 6 | |
|
وهنا قام رجلان مؤمنان منهم، فقالا لهم: (ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين) [المائدة: 23] ، فما كان رد بني إسرائيل إلا أن قالوا: (يا موسى إنا لن ندخلها أبدًا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون) [المائدة: 24]. فاشتد غضب موسى على هؤلاء القوم الذين ينسون نعمة الله عليهم، فأخذ يدعو ربه أن يباعد بينه وبين هؤلاء الفاسقين. فجاءه الجواب من الله عز وجل، قال تعالى: (فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين). [المائدة: 26] وهكذا حكم الله على بني إسرائيل أن يتيهوا في الأرض مدة أربعين سنة؛ نتيجة اعتراضهم على أوامر الله، وعدم امتثالهم لما أمرهم به موسى، وراح بنو إسرائيل يسيرون في الصحراء بلا هدى واستمروا في التيه حتى دخلوا الأرض المقدسة بعد ذلك على يد يوشع بن نون بعد أن جمع شملهم. موسى والخضر: في يوم من الأيام خطب موسى-عليه السلام-في بني إسرائيل، ووعظهم موعظة بليغة، فاضت منها العيون، ورقت لها القلوب.. ثم انصرف عائدًا من حيث جاء، فتبعه رجل وسار خلفه حتى إذا اقترب منه، سأله قائلاً: يا رسول الله، هل في الأرض أعلم منك؟ قال: لا. فعتب الله عليه إذ لم يردَّ العلم لله-سبحانه-وأوحى إليه أن في مجمع البحرين عبدًا هو أعلم منك، فنهض موسى، وسأل ربه عن علامة يعرفه بها. فأوحى الله إليه أن يأخذ معه في سفره حوتًا ميتًا، وفي المكان الذي ستعود الحياة فيه إلى الحوت فسيجد العبد الصالح، فأخذ موسى حوتًا ميتًا في وعاء، ثم انطلق لمقابلة العبد الصالح، واصطحب معه في هذه الرحلة يوشع بن نون، وكان غلامًا صغيرًا. سار موسى مع غلامه سيرًا طويلاً حتى وصلا إلى صخرة كبيرة بجوار البحر، فجلسا يستريحان عندها من أثر السفر، فوضعا رأسيهما وناما، وبعد فترة استيقظ الفتى يوشع بن نون قبل أن يستيقظ موسى، فرأى شيئًا عجيبًا، رأى أن الحوت تحرك ودبت فيه الحياة، ثم سقط الحوت بجوار الشاطئ، وجاء موج البحر فحمله إلى الداخل، فلما استيقظ موسى نسى الفتى أن يخبره بما حدث وأخذا يسيران في طريقهما لمقابلة الرجل الصالح. ومرت الساعات ومازال موسى وغلامه يسيران بجد ونشاط لمقابلة الرجل الصالح، حتى أحس موسى بالجوع، فطلب من فتاه أن يحضر الحوت منه، فأخبر موسى أنه نسيه هناك عند المكان الذي جلسا فيه ليستريحا من أثر التعب، وقد أحياه الله، ثم قفز وأخذ طريقه في البحر، فأخبره موسى أن هذا هو المكان الذي يريده. ورجع موسى وغلامه إلى تلك الصخرة التي نسيا عندها الحوت، فوجدا رجلا جالسًا مغطًى بثوب، اسمه الخضر، فأقبل عليه موسى وألقى عليه السلام، فكشف الخضر الغطاء عن وجهه وقال: وهل بأرضك من سلام؟ من أنت؟ قال: أنا موسى. قال الخضر موسى بني إسرائيل ؟ قال: نعم. قال الخضر: فما شأنك؟ قال: جئت لتعلمني مما علمت رشدًا. فقال الخضر: أما يكفيك أن التوراة بيديك، وأن الوحي يأتيك. يا موسى إن لي علمًا لا ينبغي لك أن تعلمه، وإن لك علمًا لا ينبغي لي أن أعلمه. وفجأة جاء طائر صغير وشرب من البحر بمنقاره، فقال الخضر لموسى: والله ما علمي وما علمك في جنب علم الله إلا كما أخذ هذا الطائر بمنقاره من البحر .[البخاري]. ثم أخبر الخضر موسى بأنه لا يتحمل ما سيراه من أمره، فوعده موسى بالصبر، وحسن الطاعة، فطلب منه الخضر ألا يسأله عن شيء حتى يذكره هو له. فوافق موسى على ذلك، وانطلقا يسيران على شاطئ البحر، فمرت من أمامهما سفينة عظيمة، فكلم الخضر أصحابها، أن يركب هو وموسى معهم، فحملوهما، ولم يأخذا منهما أجراً، لأنهم كانوا يعرفون الخضر جيدًا. ولما سارت السفينة فوجئ موسى بأن الخضر قد خلع لوحًا من السفينة، فاقترب من الخضر، وقال له: قوم حملونا بغير نول (أجر) عمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها. فقال الخضر: ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبراً. فتذكر موسى ما اشترطه عليه الخضر، فاعتذر إليه بأنه قد نسى. فقبل الخضر عذر موسى، ولم يؤاخذه هذه المرة على نسيانه، ولما رست السفينة على الشاطئ نزل موسى والخضر وسارا تجاه القرية، وفي الطريق رأى الخضر غلامًا ظريفًا يلعب مع الغلمان فأقبل عليه وقتله، فلما رأى موسى ذلك أنكر عليه ما فعل، لأنه قتل نفسًا بغير وجه حق. فذكَّره الخضر بأنه لن يستطيع معه صبرًا. فأحس موسى أنه قد تسرع في الاستفسار عن سبب مقتل هذا الغلام، فاعتذر للخضر، ووعده أنه إن سأله عن شيء بعد ذلك فليفارقه. فقبل الخضر عذر موسى في هذه المرة أيضًا، وسارا في طريقهما حتى بلغ قرية ما، فطلبا من أهلها طعامًا فرفضوا، وبينما هما يسيران، وجدا فيها جدارًا ضعيفًا مائلاً معرضًا للسقوط، فاقترب الخضر منه، وقام بإصلاحه وتقويته، فتحير موسى في أمر هذا العبد الصالح، وتعجب من سلوكه مع أولئك الذين رفضوا أن يطعموهما، وذكر للخضر أنه يستحق أن يأخذ أجرًا على ما فعل. فأخبره الخضر أنه لابد أن يفارقه، وأخذ يفسر له ما حدث؛ فبين له أن السفينة كانت لمساكين يعملون عليها في نقل الركاب من ساحل إلى ساحل مقابل أجر زهيد، وكان هناك ملك جبار يأخذ كل سفينة صالحة من أهلها ظلمًا وعدوانًا، وأنه أراد أن يعيبها بكسر أحد الألواح حتى لا يأخذها ذلك الطاغية، لأنه لا يأخذ السفن التالفة. وأن الغلام الذي قتله كان أبواه مؤمنين، وكان هذا الغلام كافرًا، فرأى أن قتله فيه رحمة بأبويه وحفاظًا على إيمانهما حتى لا يتابعانه على دينه، وعسى الله أن يرزقهما غلامًا غيره خيرًا منه دينًا وخلقًا وأكثر منه برًا. وأن الجدار كان مملوكًا لغلامين يتيمين وكان أبوهما صالحا، وكان تحت الجدار كنز من الذهب، ولو تركه حتى يسقط لظهر هذا الكنز، ولم يستطع الغلامان لضعفهما أن يحافظا عليه، لذلك أصلح الجدار لهما حتى يكبرا ويأخذا كنزهما بسبب صلاح أبيهما فإن صلاح الآباء تصل بركته إلى الأبناء. قصة بقرة بني إسرائيل: حدث في حياة نبي الله موسى أمور عجيبة وغريبة، منها هذه القصة التي تدور أحداثها حول مقتل رجل من بني إسرائيل، لا يعلمون قاتله، وقد بحثوا كثيرًا فلم يعرفوه، فلما ملوا من البحث تذكروا أن بينهم نبي الله موسى، فذهب بعض الناس إليه وطلبوا منه أن يدعوا ربه لمعرفة ذلك القاتل، فدعا موسى ربه أن يكشف هذا السر، فأوحى الله إليه أن يأمر القوم بذبح بقرة، ويأخذوا جزءًا منها يضربون به القتيل فيحييه الله، ويخبرهم بمن قتله، ولما جاء القوم أخبرهم موسى بأن الله يأمرهم أن يذبحوا بقرة، فتعجب القوم من قوله، وظنوا أنه يسخر منهم ويستهزأ بهم، ولم يسارع بنو إسرائيل بتنفيذ أمر الله، وإنما أخذوا يسألون موسى عن أوصاف البقرة ويجادلونه، وطلبوا منه أن يبين لهم بعض أوصافهم. فأمرهم الله أن يذبحوا بقرة ليست بكراً، وليست كبيرة قد ولدت كثيرًا، إنما بقرة قوية قد ولدت مرة أو مرتين، وهي أقوى ما تكون من البقر وأحسنه، ولكنهم لم يفعلوا، وطلبوا من موسى أن يبين لهم ما لونها. فأخبرهم موسى أن الله يأمرهم بذبح بقرة صفراء فاقع لونها، ولكنهم لم يفعلوا، وطلبوا من موسى أن يزيدهم من أوصاف البقرة، فقد تشابه عليهم البقر. فشددوا بذلك على أنفسهم فشدد الله عليهم، وأمرهم بذبح بقرة وحشية لم تحرث أرضًا، ولم تسق زرعًا، خالية من العيوب. فخرجوا يبحثون عن البقرة المطلوبة حتى وجدوها، فاشتروها، ثم ذبحوها، وأتوا بها إلى موسى وانتظروا حتى يروا ما سيقوله لهم، وما سيفعله أمامهم، فتقدم موسى من البقرة، وأخذ جزءًا منها، وضرب به المقتول، وفجأة تحرك القتيل حيث رد الله إليه روحه، وأعاد إليه الحياة كما كان، فأخبر عن القاتل ثم مات مرة أخرى. فكانت هذه معجزة عظيمة من الله ليؤكد بها صدق نبيه موسى. قصة قارون مع موسى: كان قارون من قوم موسى، وكان غنيًّا، ملأت أمواله وكنوزه خزائن كثيرة، فكان لا يستطيع حمل مفاتيح تلك الخزائن إلا جماعة من الرجال الأقوياء لكثرتها. وعصى قارون موسى وهارون ولم يقبل حكمها ونصيحتهما، وظن أن النعم التي أنعمها الله عليه ما جاءت إليه إلا لأنه أحق بها وأنه قد اكتسبها بعلمه. وذات يوم، خرج قارون إلى المدينة وهو في زينة عظيمة وموكب كبير، لابسًا أحلى ما عنده من الثياب الزينة، ولما مرَّ على الناس اقترب منه بعضهم وأرادوا نصحه وموعظته، فقالوا له: (لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين. وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك ن الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين) [القصص: 76-77]. فرد عليهم قارون بتكبر، وذكر لهم أنه جمع هذا المال بذكائه ومقدرته. وافتتن بعض الناس الذين يريدون الحياة الدنيا بملابس قارون وزينته حين خرج إليهم، فتمنوا أن يكون لهم مثل ما أوتي قارون، فذكرهم الصالحون بثواب الله وقالوا لهم: (ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحًا) [القصص: 80]. ولما زاد تكبر قارون واستعلاؤه دعا عليه موسى، فاستجاب الله له، وخسف به وبداره وبكنوزه الأرض، وأهلك أهله، ولم يجد أحدًا ينصره أو يدافع عنه، فندم الذين تمنوا أن يكونوا مثله، وقالوا: (ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون) [القصص: 82]. وفاة موسى: لما حان وقت وفاة نبي الله موسى أرسل الله إليه ملك الموت-عليه السلام-، فقال له: أجب ربك. فضربه موسى على عينه ففقأها، فرجع ملك الموت إلى الله، وقال له: أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت. فقال له الله-عز وجل-: ارجع إليه فقل له يضع يده على متن (ظهر ثور)، فله بما غطت يده بكل شعرة سنة، فرجع إليه الملك وأخبره بذلك، فقال موسى: أي رب، ثم ماذا؟ فقال الله-عز وجل-: ثم الموت، فقال موسى: فالآن. ثم طلب موسى من الله-عز وجل-أن يقربه من الأرض المقدسة، فتوفى موسى قريبًا من بيت المقدس في الأرض المباركة في فلسطين. [متفق عليه] وروي أن الملائكة هي التي تولت دفنه والصلاة عليه وقد عاش مائة وعشرين سنة. داود(عليه السلام) دخل بنو إسرائيل الأرض المقدسة (فلسطين) واستقروا بها، وكان ذلك على يد يوشع بن نون، وصاروا يعبدون الله على المنهج الذي جاء به موسى، وبعد مدة عادوا إلى طبائعهم الفاسدة مرة أخرى، فكفروا بأنعم الله، وانحرفوا عن الطريق المستقيم فسلَّط الله عليهم ملكًا جبارًا اسمه جالوت فقتل رجالهم، وسبى نساءهم وأطفالهم، وأخرجهم من بيوتهم، وأخذ منهم التابوت المقدس وبه الألواح الخاصة بالتوراة، وعصا موسى وبعض الأشياء الخاصة بهارون. وأراد بنو إسرائيل قتال جالوت وجنوده، ولم يكن لهم في هذه الفترة ملك يوحد صفوفهم لقتال هذا الملك الجبار، وكان من بينهم آنذاك نبي من أنبياء الله فذهبوا إليه وأخبروه أنهم يريدون ملكًا عليهم لمحاربة جالوت، فتعجب نبيهم من هذا الطلب، وذكرهم من أنه يخشى إن فرض عليهم القتال أن يرفضوا القتال، ولكنهم أكدوا له عزمهم على القتال، فقد طردوا من بيوتهم، وابتعدوا عن أبنائهم، فأوحى الله إلى نبيهم أن يخبرهم أن الله قد بعث لكم طالوت ملكًا، فلما أخبرهم بذلك تعجبوا، وغضبوا من هذا الاختيار، حيث كان الكثير منهم خاصة الأغنياء يطمع أن يكون هو الملك الذي يوحد الصفوف لقتال جالوت، وتكون له الهيمنة والسلطان، ويحظى بشرف الحكم والقيادة، ومن أجل ذلك اعترض الكثير منهم على اختيار طالوت ليتولى الـمُلك من بينهم.. فأخبرهم نبيهم أن هذا اختيار الله، وأنه -سبحانه- قد أعطى طالوت قوة في الجسم، وسعة في العلم، وأن علامة ملك طالوت أن تأتيه الملائكة بالتابوت الذي كان قد أخذه جالوت من قبل، وفي لحظات كانت الملائكة قد أتت بالصندوق ووضعته أمام طالوت، فلما رأى بنو إسرائيل ذلك رضوا به، ووافقوا على حكمه لهم، ثم أوحى الله لنبي بني إسرائيل أن يخبرهم بأن الله يأمرهم بالخروج مع طالوت لقتال عدوهم الذي أذلهم، وأسر وسبى أبناءهم. ولكنهم امتنعوا عن القتال إلا قليلاً منهم تشجعوا، واستعدوا للقتال، فساروا مع طالوت للقاء جالوت الجبار وجنوده، وبهذه القلة التى آمنت، خرج طالوت وسار في طريق صحراوى ليس فيه ماء، فاشتكى بنو إسرائيل من الظمأ والعطش فطمأنهم ملكهم طالوت وطلب منهم الصبر ومواصلة السير، وبعد لحظات اقترب طالوت وجنوده من نهر من الأنهار، فقال لهم طالوت مبينًا أنهم سيمرون على نهر فمن شرب منه بكثرة، فقد خرج عن طاعته إلا من اغترف غرفة بيده يروى بها ظمأه، ومن خالف هذا الأمر فعليه أن يترك الجيش ويرجع من حيث جاء، فلما وصل طالوت وبنو إسرائيل إلى النهر، لم يستجب أكثرهم لما أمرهم به الملك طالوت، فشربوا من النهر حتى امتلأت بطونهم إلا قليلاً منهم. فأمر طالوت كل من شرب من النهر حتى شبع أن يترك الجيش ويعتزل الباقين، ثم واصل سيره بالبقية الباقية من بني إسرائيل، وعبر النهر ليلتقي مع جيش جالوت وحتى هذه القلة التى ثبتت تراجع بعضهم وأصابهم الخوف عندما رأوا كثرة جنود جالوت، ولم يصبر معه إلا المؤمنون الصادقون الذين يعلمون أن الله ينصر المؤمنين بقوة إيمانهم لا بكثرة عددهم، ولما ظهر جالوت وجنوده أمامهم، واقترب منهم دعوا الله فقالوا: {ربنا افرغ علينا صبرًا وثبت أقدامنا وانصرنا علي الكافرين} [البقرة:250]. وفي الميدان المخصص للقتال وقف جالوت وجنوده في ناحية، وطالوت وبنو إسرائيل في ناحية أخرى، ثم تقدم جالوت على حصانه، مسلحًا بكافة الدروع ونادى بأعلى صوته، هل من مبارز ؟ هل من مقاتل ؟ وكان في جيش طالوت جندي عظيم، هو نبي الله داود، والذي يرجع نسبه إلى إبراهيم -عليه السلام- فخرج من بين الصفوف ليبارز جالوت الجبار بعد أن امتنع جميع بني إسرائيل عن الخروج إليه، فضرب داود جالوت بحجارة عن طريق مقلاعه، فوقع قتيلاً، ففر الجيش هاربًا، وانتصرت القلة المؤمنة بحول الله وقوته على الكثرة الكافرة المشركة. وانتهت المعركة، وبدأ عهد نبي جديد وملك جديد، قال تعالى: {فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه ممايشاء} [البقرة:251].؟ وجمع الله لداود الملك والنبوة، فكان ملكًا نبيًّا، وأنزل عليه الزبور، وهو كتاب مقدس فيه كثير من المواعظ والحكم، قال تعالى: {وآتينا داود زبورًا} [النساء:163] وأعطى الله لداود صوتًا جميلاً لم يعطه لأحد من قبله، فكان إذا قرأ كتابه الزبور، وسبح الله، وقف الطير في الهواء يسبح الله معه، وينصت لما يقرؤه وكذلك الجبال فإنها كانت تسبح معه في الصباح والمساء، قال تعالى: {إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق . والطير محشورة كل له أواب} [ص:18-19] وأيد الله داود بمعجزات كثيرة دالة على نبوته، فألان له الحديد، حتى يسهل عليه صنع الدروع والمحاريب التى تستخدم في الحروب والقتال. وأراد الله -سبحانه- أن يعلم داود درسًا في العدل حين يحكم، فبينما كان يجلس في محرابه يصلى ويتعبد، فوجئ باثنين من الرجال يصعدان على سور محرابه حتى وصلا إليه، فدخلا عليه، فخاف منهما وفزع، فقال الرجلان: يا داود لا تخف، خصمان بغى بعضنا على بعض فجئنا لتحكم بيننا بالحق، فسألهم داود عن قضيتهم، فقال أحد الخصمين: إن هذا أخى له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة، فأراد أن يأخذها مني ليكمل المائة، فتسرع داود في الحكم لهذه القضية قبل أن يسمع كلام الآخر، فقال: {لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلي نعاجه وإن كثيرًا من الخلطاء ليبغي بعضهم علي بعض إلا الذين آمنواوعملوا الصالحات} [ص: 42] وما إن أكمل داود حكمه حتى اختفي هذان الرجلان فجأة دون أن يخرجا من الباب أو يعودا كما جاءا، فأدرك داود أن هذين ملكان أرسلهما الله ليعلماه أن يسمع من الخصمين قبل أن يحكم بينهما، فاستغفر داود ربه. وكان داود يتقرب إلى الله بالذكر والدعاء والصلاة، لذلك مدحه الله بقوله تعالى: {واذكر عبدنا داود ذي الأيدِ إنه أواب } [ص:17] وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول عنه: (كان أعبد البشر) [البخارى] وقال صلى الله عليه وسلم-: (أحب الصيام إلى الله صيام داود، كان يصوم يومًا ويفطر يومًا، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه) [متفق عليه]. وكان داود لا يأكل إلا من عمل يده، لأنه يعلم أن أفضل الكسب هو ما يكسبه الإنسان من صنع يده، قال صلى الله عليه وسلم-: (ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود -عليه السلام- كان يأكل من عمل يده) [البخارى] وقد مات داود -عليه الصلاة والسلام- وتولى من بعده ابنه سليمان -عليه السلام- الحكم وجعله الله نبيًّا، قال تعالى: {وورث سليمان داود} [النمل] سليمان(عليه السلام) نبي من أنبياء الله، أرسله الله إلى بني إسرائيل، وتولَّى الملك بعد وفاة والده داود -عليهما السلام- وكان حاكمًا عادلاً بين الناس، يقضي بينهم بما أنزل الله، وسخر الله له أشياء كثيرة: كالإنس والجن والطير والرياح... وغير ذلك، يعملون له ما يشاء بإذن ربه، ولا يخرجون عن طاعته، وإن خرج منهم أحدٌ وعصاه ولم ينفذ أمره عذبه عذابًا شديدًا، وألان له النحاس، وسخر الله له الشياطين، يأتون له بكل شىء يطلبه، ويعملون له المحاريب والتماثيل والأحواض التى ينبع منها الماء. قال تعالى: {ولسليمان الريح غدوها شهرًا ورواحها شهر ورواحها شهر وأسلنا له عين القطر ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير . يعملون له ما يشاء من محاريب وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داوود شكرًا وقليل من عبادي الشكور} [سبأ:12-13] وعلم الله -سبحانه- سليمان لغة الطيور والحيوانات، وكان له جيش عظيم قوى يتكون من البشر والجن والطير، قال تعالى: {وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون} [النحل:17] . وكان سليمان دائم الذكر والشكر لله على هذه النعم، كثير الصلوات والتسابيح والاستغفار، وقد منح الله عز وجل سليمان -عليه السلام- الذكاء منذ صباه، فذات يوم ذهب كعادته مع أبيه داود -عليه السلام- إلى دار القضاء فدخل اثنان من الرجال، أحدهما كان صاحب أرض فيها زرع، والآخر كان راعيًا للغنم، وذلك للفصل في قضيتهما، فقال صاحب الأرض: إن هذا الرجل له غنم ترعى فدخلت أرضى ليلاً، وأفسدت ما فيها من زرع، فاحكم بيننا بالعدل، ولم يحكم داود في هذه القضية حتى سمع حجة الآخر، عندها تأكد من صدق ما قاله صاحب الأرض، فحكم له بأن يأخذ الغنم مقابل الخسائر التى لحقت بحديقته، لكن سليمان -عليه السلام- رغم صغر سنه، كان له حكم آخر، فاستأذن من أبيه أن يعرضه، فأذن له، فحكم سليمان بأن يأخذ صاحب الغنم الأرض ليصلحها، ويأخذ صاحب الأرض الغنم لينتفع بلبنها وصوفها، فإذا ما انتهي صاحب الغنم من إصلاح الأرض أخذ غنمه، وأخذ صاحب الحديقة حديقته. وكان هذا الحكم هو الحكم الصحيح والرأي الأفضل، فوافقوا على ذلك الحكم وقبلوه بارتياح، وأعجب داود -عليه السلام- بفهم ابنه سليمان لهذه القضية مع كونه صغيرًا، ووافق على حكم ابنه، وقد حكى الله -عز وجل- ذلك في القرآن قال تعالى: {وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين . ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكمًا وعلمًا وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين} [الأنبياء:78-79]. وذات يوم كان سليمان يسير مع جنوده من الجن والإنس، ومن فوقه الطير يظله فسمع صوت نملة تقول لزميلاتها: {يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون} [النمل:18] فتبسَّم سليمان من قول هذه النملة، ورفع يده إلى السماء داعيًا ربه شاكرًا له على هذه النعمة قال: {رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليَّ وعلى والدي وأن أعمل صالحًا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين} [النمل:19]. ومَّرت الأيام، وبينما كان سليمان -عليه السلام- يسير وسط جنوده ويتفقد مواقعهم، نظر ناحية الطير، فلم يجد الهدهد بين الطيور، وكان الهدهد حين ذاك قد ترك مكانه دون أن يعلم سليمان، فغضب منه سليمان غضبًا عظيمًا، وقال {لأعذبنه عذابًا شديدًا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين} [النمل:21] وغاب الهدهد فترة من الزمن، ولما عاد أخبرته الطيور بسؤال سليمان عليه، فذهب الهدهد على الفور إلى سليمان، وقال له: {أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين . إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون} [النمل:22-24]. لقد وجد الهدهد قوم سبأ يسجدون للشمس ويعبدونها من دون الله، فحزن لذلك، فلم يكن يتصور أن أحدًا يسجد لغير الله، فأراد سليمان أن يتأكد من صدق الهدهد، فكتب رسالة موجزة يدعو فيها الملكة وقومها إلى الإسلام والإيمان بالله -عز وجل- وترك ما هم عليه من عبادة الشمس، وأعطاها للهدهد، ليذهب بها إلى مملكة سبأ ثم ينتظر منهم الجواب، فأخذ الهدهد كتاب سليمان، وطار به إلى مملكة سبأ، ثم دخل حجرة الملكة دون أن يشعر به أحد، فألقى عليها الرسالة ثم وقف بعيدًا عنها، يراقبها ويراقب قومها ماذا سيفعلون حينما يقرءون هذه الرسالة. أخذت الملكة الرسالة، وقرأت ما فيها، فأعجبت بها، لكنها امتنعت عن أخذ أى قرار في شأن هذه الرسالة حتى تشاور كبار القوم من الأمراء والوزراء، فدعتهم للحضور، وأخبرتهم بما في هذه الرسالة، وطلبت منهم المشورة في الأمر، فاقترحوا عليها محاربة سليمان، فهم أصحاب قوة، لكن الملكة لم تقبل مبدأ الحرب والقتال لأنها استشعرت قوة سليمان، واقترحت على قومها أن تبعث إليه بهدية تليق بمكانته، وتنتظر رده، فلعله يقبل ذلك، أو يفرض عليهم جزية، ويترك محاربتهم. وبعد أيام وصل رسل الملكة ومعهم الهدايا العظيمة والكنوز الرائعة، ودخلوا على سليمان ووضعوا الهدايا العظيمة أمامه، فأعرض عنها سليمان -عليه السلام- ولم يقبلها منهم، وقال لهم: {أتمدوننِ بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون} [النمل:36] ثم توعدهم إن لم يسلموا سيأتى إليهم بجنود لا طاقة لهم بردِّها والوقوف أمامها؛ لمحاربتهم وخروجهم من بيوتهم، ولما عاد رسل الملكة ذهبوا إليها، وأخبروها بما حدث بينهم وبين سليمان، وحدثوا عما رأوا من قوته وبأسه وما سخره الله له، فجمعت الملكة بلقيس كبار رجال دولتها من الوزراء والأمراء لتستشيرهم في أمر سليمان، فرأوا أن يذهبوا جميعًا إليه مستسلمين، وكان هذا هو رأي الملكة أيضًا، وعندها رفعت حالة الطوارئ للجميع استعدادًا للذهاب إلى سليمان. وعلم سليمان بمجيء بلقيس ملكة سبأ وقومها إليه للإسلام والإيمان، لذا أراد أن يريها آية من آيات الله العليم القدير، لتعرف أنه مرسل من ربه، فطلب سليمان من أعوانه أن يأتوه بعرشها قبل أن تصل إليه، فأخبره عفريت من الجن أنه يستطيع أن يأتى بالعرش قبل أن يقوم من مجلسه، وأخبره رجل آخر عنده علم من الكتاب أنه يستطيع أن يأتى بالعرش قبل أن يرتد إليه طرف عينه، فأذن سليمان لهذا العبد الصالح الذي عنده علم من الكتاب بإحضار العرش، وفي لحظات كان عرش بلقيس أمام سليمان، فذكر سليمان نعمة الله عليه، وفضله بأن جعل من جنوده من هو قادر على إحضار عرش بلقيس من اليمن إلى الشام في طرفة عين، فقال: {هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم} [النمل:40]. وقد أمر سليمان الجن أن يبنوا له قصرًا عظيمًا، حتى يستقبل فيه ملكة سبأ، وأشار عليهم أن تكون أرضية هذا القصر من زجاج شديد الصلابة والشفافية، تمر المياه من تحته، ثم يضعوا عرشها فيه بعد إدخال بعض التغيرات عليه لمعرفة هل ستهتدي الملكة أم لا؟ ومرت الأيام، وشاع خبر وصول الملكة وقومها، فخرج سليمان لاستقبالها، ثم عاد بها إلى القصر الذي أعده لها، وعند دخول ملكة سبأ هذا القصر، وقع نظرها على العرش، فأشار سليمان إليه، وقال لها: أهكذا عرشك؟ فقالت في دهشة واستغراب مستبعدة أن يكون الذي أمامها هو عرشها، حيث تركته هناك بأرض اليمن: كأنه هو !! فلما أقبلت بلقيس لدخول القصر، رأت أمامها الماء، ولم تر الزجاج، فكشفت عن ساقيها خوفًا من أن يبتل ثوبها، فأخبرها سليمان أن أرضية القصر مصنوعة من زجاج، فلما رأت الملكة هذه الآيات، أعلنت إسلامها، وقالت: {رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين} [النمل: 44] وقد ابتلى الله سليمان -عليه السلام- بمرض شديد حار فيه أطباء الإنس والجن، وجاءوا إليه بأدوية من كل نوع، لكنه لم يكتب له الشفاء، بل كان المرض يزداد عليه ويشتد يومًا عن آخر، وكان إذا جلس على كرسيه جلس عليه كأنه جسد بلا روح، واستمر المرض مع سليمان مدة طويلة من الزمن، فلم يجزع منه ولم ييأس، بل كلما كان يشتد مرضه، يزداد ذكره لله، داعيًا ومستغفرًا له، طالبًا منه الشفاء، حتى استجاب الله له، وعادت إليه صحته، فأدرك سليمان أن مجده وملكه وعظمته لا تضمن له الشفاء إلا إذا أراد الله. وقد أراد سليمان -عليه السلام- أن يبني بيتًا كبيرًا يُعْبد الله فيه، فكلف الجن بعمل هذا البيت، فاستجابوا له، لأنهم مسخرون له بأمر الله، فكانوا لا يعصون له أمرًا، وكان من عادة سليمان أن يقف أمام الجن وهم يعملون، حتى لا يتكاسلوا وبينما هو واقف يراقبهم وهو متكئ على عصاه مات دون أن تعلم الجن، وكانوا ينظرون إليه وهو على هذه الحال، فيظنون أنه يصلي ويذكر الله، فيواصلون البناء دون انقطاع حتى انتهوا من بناء البيت المطلوب، ولم يعرفوا أنه مات إلا بعد أن جاءت الأرضة فأكلت العصا، ووقع نبي الله سليمان على الأرض. فأسرع الجن والإنس إليه فوجدوه ميتًا، وأدرك الجن أنه مات من فترة طويلة، ولو كانوا يعلمون ذلك لما استمروا في حمل الحجارة وبناء البيت، قال تعالى: {فلما قضينا عليه الموت ما دلهم عليه إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن إن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبسوا في العذاب المهين} [سبأ:14] وادعى بعض اليهود أن سليمان كان ساحرًا، ويسخر كل الكائنات بسحره، فنفي الله عنه ذلك في قوله تعالى: {واتبعوا ما تتلوا الشياطين علي ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر} [البقرة:102] وقد أثنى الله على سليمان بكثرة العبادة والتضرع لله، فقال تعالى: {ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب} [ص:30]. . القصه العشرين إلياس (عليه السلام) في منطقة تسمى بعلبك (موجودة حاليًا في لبنان) كان يعيش مجموعة من بني إسرائيل، أغواهم الشيطان فانحرفوا عن منهج الله، وساروا يعبدون صنمًا يقال له (بعل) فأرسل الله -عز وجل- إليهم نبيًّا منهم هو إلياس (عليه السلام). أخذ إلياس يدعو قومه إلى عبادة الله عز وجل، فآمنت به طائفة من قومه وأصبحوا من الموحدين المخلصين، وكذَّبت به طائفة أخرى وخالفوه، فكانت نهايتهم العذاب الأليم، وقد سجل القرآن الكريم قصة إلياس -عليه السلام- مع قومه، فقال تعالى: {وإن إلياس لمن المرسلين . إذ قال لقومه ألا تتقون . أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين . الله ربكم ورب آبائكم الأولين . فكذبوه فإنهم لمحضرون . إلا عباد الله المخلصين . وتركنا عليه في الآخرين . سلام علي أل ياسين . إنا كذلك نجزي المحسنين . إنه من عبادنا المؤمنين} [الصافات: 123-132]. وقد مدح الله -سبحانه- إلياس -عليه السلام- وأثنى عليه ثناءً جميلاً، وذلك لأنه أخلص في العبادة، وأحسن في عمله، قال تعالى: {وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين} [الأنعام: 85]. اليسع (عليه السلام) نبي من أنبياء الله، ذكره الله في كتابه العزيز مرتين، وأثنى عليه، ولم يشر القرآن الكريم إلى قصة اليسع ولا إلى قومه، وروى أنه أرسل إلى بني إسرائيل بعد إلياس -عليه السلام- ومكث بينهم فترة يدعوهم إلى الله مستمسكًا بمنهاج إلياس وشريعته حتى توفاه الله -تعالى- وبعد وفاة اليسع -عليه السلام- كثرت ذنوب بني إسرائيل، وازدادت معاصيهم، وقتلوا من جاءهم من الأنبياء بعد ذلك فسلط الله عليهم ملوكًا جبارين يحكمونهم، وسلط الله عليهم الأعداء. وقد بين الله -سبحانه- لنا فضل اليسع -عليه السلام- عندما ذكره مع إخوانه الأنبياء -صلوات الله عليهم- فقال تعالى: {وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين . وإسماعيل واليسع ويونس ولوطًا وكلا فضلنا علي العالمين . ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلي صراط مستقيم} [الأنعام: 85-87] ولقد أثنى الله على اليسع -عليه السلام فقال: {واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل وكل من الأخيار} [ص: 48]. |
|
07-10-2011, 11:14 PM | رقم المشاركة : 7 | |
|
[CENTER]يحيى(عليه السلام) |
|
07-10-2011, 11:15 PM | رقم المشاركة : 8 | |
|
|
|
07-11-2011, 02:18 AM | رقم المشاركة : 9 | |
|
سلمت على روعه طرحك نترقب المزيد من جديدك الرائع دمت ودام لنا روعه مواضيعك |
|
07-11-2011, 01:03 PM | رقم المشاركة : 10 | |
|
بارك الله فيك اخي احمد على المجهود الرائع... |
|
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
موسوعه فلاشات dmp لاجهزة premİer | خالد الشبول | منتدى فلاشات الرسيفر والجيتاج | 6 | 05-08-2024 03:04 AM |
اكبر موسوعه برامج دينية | محمد قطيش | مواضيع وبرامج دينية عامة | 18 | 04-21-2023 02:20 PM |
ترتيب الأنبياء وأعمارهم | محمد نور | مواضيع وبرامج دينية عامة | 2 | 04-08-2012 07:11 PM |
التداوي بأسماء الله الحسنى | باسم رحال | مواضيع وبرامج دينية عامة | 9 | 10-17-2010 03:00 PM |