العودة   منتديات الشبول سات > المنتديات الاسلامية الشاملة > مواضيع وبرامج دينية عامة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-07-2011, 10:55 PM
الصورة الرمزية مريد الشبول
مريد الشبول مريد الشبول غير متواجد حالياً
 




معدل تقييم المستوى: 35 مريد الشبول سيصبح متميزا في وقت قريب
افتراضي

الفرق العقائدية في الإسلام

الشيعة الإمامية الاثنا عشرية

التعريف:

الشيعة (*) الإمامية الاثنا عشرية هم تلك الفرقة من المسلمين الذين زعموا أن عليًا هو الأحق في وراثة الخلافة (*) دون الشيخين وعثمان رضي الله عنهم أجمعين وقد أطلق عليهم الإمامية لأنهم جعلوا من الإمامة القضية الأساسية التي تشغلهم وسُمُّوا بالاثنى عشرية لأنهم قالوا باثني عشر إمامًا دخل آخرهم السرداب بسامراء على حد زعمهم. كما أنهم القسم المقابل لأهل السنة والجماعة في فكرهم وآرائهم المتميزة، وهم يعملون لنشر مذهبهم ليعم العالم الإسلامي.

التأسيس وأبرز الشخصيات:

· الاثنا عشر إمامًا الذين يتخذهم الإمامية أئمة لهم يتسلسلون على النحو التالي:

ـ علي بن أبي طالب رضي الله عنه الذي يلقبونه بالمرتضى ـ رابع الخلفاء الراشدين، وصهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد مات غيلةً حينما أقدم الخارجي عبد الرحمن بن ملجم على قتله في مسجد الكوفة في 17 رمضان سنة 40 هـ.

ـ الحسن بن علي رضي الله عنهما، ويلقبونه بالمجبتى (3 ـ 50هـ).

ـ الحسين بن علي رضي الله عنهما ويلقبونه بالشهيد (4 ـ 61هـ).

ـ علي زين العابدين بن الحسين (38 ـ 95 هـ) ويلقبونه بالسَّجَّاد.

ـ محمد الباقر بن علي زين العابدين (57 ـ 114هـ) ويلقبونه بالباقر.

ـ جعفر الصادق بن محمد الباقر (83 ـ 148هـ) ويلقبونه بالصادق.

ـ موسى الكاظم بن جعفر الصادق (128 ـ 183هـ) ويلقبونه بالكاظم.

ـ علي الرضا بن موسى الكاظم (148 ـ 203هـ) ويلقبونه بالرضى.

ـ محمد الجواد بن علي الرضا (195 ـ 220هـ) ويلقبونه بالتقي.

ـ علي الهادي بن محمد الجواد (212 ـ 254هـ) ويلقبونه بالنقي.

ـ الحسن العسكري بن علي عبد الهادي (232 ـ 260هـ) ويلقبونه بالزكي.

ـ محمد المهدي بن الحسن العسكري (256هـ ـ ...) ويلقبونه بالحجة القائم المنتظر.

يزعمون بأن الإمام الثاني عشر قد دخل سردابًا في دار أبيه بِسُرَّ مَنْ رأى ولم يعد، وقد اختلفوا في سِنّه وقت اختفائه فقيل أربع سنوات وقيل ثماني سنوات، غير أن معظم الباحثين يذهبون إلى أنه غير موجود أصلاً وأنه من اختراعات الشيعة (*) ويطلقون عليه لقب (المعدوم أو الموهوم).

من شخصياتهم البارزة تاريخيًّا عبد الله بن سبأ، وهو يهودي من اليمن. أظهر الإسلام ونقل ما وجده في الفكر اليهودي إلى التشيع كالقول بالرجعة (*)، وعدم الموت، وملك الأرض، والقدرة على أشياء لا يقدر عليها أحد من الخلق، والعلم بما لا يعلمه أحد، وإثبات البداء (*) والنسيان على الله عزّ وجلّ ـ تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا. وقد كان يقول في يهوديته بأن يوشع بن نون وصي موسى عليه السلام، فقال في الإسلام بأن عليًّا وصي محمد صلى الله عليه وسلم، تنقل من المدينة إلى مصر والكوفة والفسطاط والبصرة، وقال لعلي: "أنت أنت" أي أنت الله مما دفع عليًّا إلى أن يهم بقتله لكن عبد الله بن عباس نصحه بأن لا يفعل، فنفاه إلى المدائن.

منصور أحمد بن أبي طالب الطبرسي المتوفى سنة 588هـ صاحب كتاب الاحتجاج طبع في إيران سنة 1302هـ.

الكُلَيني صاحب كتاب الكافي المطبوع في إيران سنة 1278هـ وهو عندهم بمنزلة صحيح البخاري عند أهل السنة (*) ويزعمون بأن فيه 16199 حديثًا.

الحاج ميرزا حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي المتوفى سنة 1320هـ والمدفون في المشهد المرتضوي بالنجف، وهو صاحب كتاب فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رَبِّ الأرباب ؛ يزعم فيه بأن القرآن قد زيد فيه ونقص منه. ومن ذلك ادعاؤهم في سورة الانشراح نقص عبارة (وجعلنا عليًّا صهرك)، معاذ الله أن يكون ادعاؤهم هذا صحيحًا. وقد طبع هذا الكتاب في إيران سنة 1289هـ.

آية الله المامقاني صاحب كتاب تنقيح المقال في أحوال الرجال وهو لديهم إمام الجرح والتعديل، وفيه يطلق على أبي بكر وعمر لقب الجبت والطاغوت، انظر 1/207 ـ طبع 1352 بالمطبعة المرتضوية بالنجف.

أبو جعفر الطوسي صاحب كتاب تهذيب الأحكام، ومحمد بن مرتضى المدعو ملا محسن الكاشي صاحب كتاب الوافي ومحمد بن الحسن الحر العاملي صاحب كتاب وسائل الشيعة إلى أحاديث الشريعة ومحمد باقر بن الشيخ محمد تقي المعروف بالمجلسي صاحب كتاب بحار الأنوار في أحاديث النبي والأئمة الأطهار وفتح الله الكاشاني صاحب كتاب منهج الصادقين وابن أبي الحديد صاحب شرح نهج البلاغة.

آية الله الخميني: من رجالات الشيعة (*) المعاصرين، قاد ثورة شيعية في إيران تسلمت زمام الحكم، وله كتاب كشف الأسرار وكتاب الحكومة الإسلامية. وقد قال بفكرة ولاية الفقيه. وبالرغم من أنه رفع شعارات إسلامية عامة في بداية الثورة (*)، إلا أنه ما لبث أن كشف عن نزعة شيعية متعصبة ضيقة ورغبة في تصدير ثورته إلى بقية العالم الإسلامي فقد اتخذ إجراءات أدى بعضها مع أسباب أخرى إلى قيام حرب استمرت ثماني سنوات مع العراق.

الأفكار والمعتقدات:

الإمامة: وتكون بالنص، إذ يجب أن ينص الإمام السابق على الإمام اللاحق بالعين لا بالوصف، وأن الإمامة من الأمور الهامة التي لا يجوز أن يفارق النبي صلى الله عليه وسلم الأمة ويتركها هملاً يرى كل واحد منهم رأيًّا. بل يجب أن يعين شخصًا هو المرجوع إليه والمعوَّل عليه.

ـ يستدلون على ذلك بأن النبي (*) صلى الله عليه وسلم قد نص على إمامة علي من بعده نصًًّا ظاهرًا يوم غدير خم، وهي حادثة لا يثبتها محدثو أهل السنة (*) ولا مؤرخوهم.

ـ ويزعمون أن عليًّا قد نص على ولديه الحسن والحسين.. وهكذا.. فكل إمام يعين الإمام الذي يليه بوصية منه. ويسمونهم الأوصياء.

العصمة: كل الأئمة معصومون عن الخطأ والنسيان، وعن اقتراف الكبائر والصغائر.

العلم اللدني: كل إمام من الأئمة أُودع العلم من لدن الرسول (*) صلى الله عليه وسلم، بما يكمل الشريعة، وهو يملك علمًا لدنيًّا ولا يوجد بينه وبين النبي من فرق سوى أنه لا يوحى إليه، وقد استودعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرار الشريعة ليبينوا للناس ما يقتضيه زمانهم.

خوارق العادات: يجوز أن تجري هذه الخوارق على يد الإمام، ويسمون ذلك معجزة (*)، وإذا لم يكن هناك نص على إمام من الإمام السابق عليه وجب أن يكون إثبات الإمامة في هذه الحالة بالخارقة.

الغيبة: يرون أن الزمان لا يخلو من حجة لله عقلاً وشرعًا، ويترتب على ذلك أن الإمام الثاني عشر قد غاب في سردابه، كما زعموا، وأن له غيبة صغرى وغيبة كبرى، وهذا من أساطيرهم.

الرجعة (*) : يعتقدون أن الحسن العسكري سيعود في آخر الزمان عندما يأذن الله له بالخروج، وكان بعضهم يقف بعد صلاة المغرب بباب السرداب وقد قدموا مركبًا، فيهتفون باسمه، ويدعونه للخروج، حتى تشتبك النجوم، ثم ينصرفون ويرجئون الأمر إلى الليلة التالية. ويقولون بأنه حين عودته سيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جورًا وظلمًا، وسيقتص من خصوم الشيعة (*) على مدار التاريخ، ولقد قالت الإمامية قاطبة بالرجعة، وقالت بعض فرقهم الأخرى برجعة بعض الأموات.

التقية (*) : وهم يعدونها أصلاً من أصول الدين، ومن تركها كان بمنزلة من ترك الصلاة، وهي واجبة لا يجوز رفعها حتى يخرج القائم، فمن تركها قبل خروجه فقد خرج عن دين الله تعالى وعن دين الإمامية، كما يستدلون على ذلك بقوله تعالى: (إلا أن تتقوا منهم تقاة) وينسبون إلى أبي جعفر الإمام الخامس قوله: "التقية ديني ودين آبائي ولا إيمان لمن لا تقية له" وهم يتوسعون في مفهوم التقية إلى حد كبير.

المتعة: يرون بأن متعة النساء خير العادات وأفضل القربات مستدلين على ذلك بقوله تعالى: (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة) وقد حرم الإسلام هذا الزواج الذي تشترط فيه مدة محدودة ، فيما يشترط معظم أهل السنة وجوب استحضار نية التأبيد، ولزواج المتعة آثار سلبية كثيرة على المجتمع تبرر تحريمه.

يعتقدون بوجود مصحف لديهم اسمه مصحف فاطمة[1]: ويروي الكُليني في كتابه الكافي في صفحة 57 طبعة 1278هـ عن أبي بصير أي "جعفر الصادق": "وإن عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام، قال: قلت: وما مصحف فاطمة؟ قال: مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، والله ما فيه حرف واحد من قرآنكم".

البراءة: يتبرؤون من الخلفاء الثلاثة أبي بكر وعمر وعثمان وينعتونهم بأقبح الصفات لأنهم ـ كما يزعمون ـ اغتصبوا الخلافة دون علي الذي هو أحق منهم بها، كما يبدؤون بلعن أبي بكر وعمر بدل التسمية في كل أمر ذي بال، وهم ينالون كذلك من كثير من الصحابة باللعن، ولا يتورعون عن النيل من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.

المغالاة: بعضهم غالى في شخصية علي رضي الله عنه والمغالون من الشيعة (*) رفعوه إلى مرتبة الألوهية كالسبئية (*)، وبعضهم قالوا بأن جبريل قد أخطأ في الرسالة فنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، بدلاً من أن ينزل على علي لأن عليًّا يشبه النبي صلى الله عليه وسلم كما يشبه الغرابُ الغرابَ ولذلك سموا بالغرابية.

عيد غدير خم: وهو عيد لهم يصادف اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة ويفضلونه على عيدي الأضحى والفطر ويسمونه بالعيد الأكبر، وصيام هذا اليوم عندهم سنة مؤكدة، وهو اليوم الذي يدَّعون فيه بأن النبي قد أوصى فيه بالخلافة (*) لعلي من بعده.

يعظمون عيد النيروز وهو من أعياد الفرس، وبعضهم يقول: غسل يوم النيروز سُنة.

لهم عيد يقيمونه في اليوم التاسع من ربيع الأول، وهو عيد أبيهم (بابا شجاع الدين) وهو لقب لَقَّبوا به (أبا لؤلؤة المجوسي) الذي أقدم على قتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

يقيمون حفلات العزاء والنياحة والجزع وتصوير الصور وضرب الصدور وكثير من الأفعال المحرمة التي تصدر عنهم في العشر الأول من شهر محرم معتقدين بأن ذلك قربة إلى الله تعالى وأن ذلك يكفر سيئاتهم وذنوبهم، ومن يزورهم في المشاهد المقدسة في كربلاء والنجف وقم.. فسيرَى من ذلك العجب العجاب.

الجذور الفكرية والعقائدية:

انعكست في التشيع معتقدات الفرس الذين يدينون لهم بالملك والوراثة وقد ساهم الفرس فيه لينتقموا من الإسلام ـ الذي كسر شوكتهم ـ باسم الإسلام ذاته.

اختلط الفكر الشيعي بالفكر الوافد من العقائد الآسيوية كالبوذية والمانوية (*) والبرهمية (*)، وقالوا بالتناسخ (*) وبالحلول (*).

استمد التشيع أفكاره من اليهودية التي تحمل بصمات وثنية (*) آشورية وبابلية.

أقوالهم في علي بن أبي طالب وفي الأئمة من آل البيت تلتقي مع أقوال النصارى في عيسى عليه السلام ولقد شابهوهم في كثرة الأعياد وكثرة الصور واختلاق خوارق العادات وإسنادها إلى الأئمة.

الانتشار ومواقع النفوذ:

تنتشر فرقة الاثنا عشرية من الإمامية الشيعية الآن في إيران وتتركز فيها، ومنهم عدد كبير في العراق، ويمتد وجودهم إلى الباكستان كما أن لهم طائفة في لبنان. أما في سوريا فهناك طائفة قليلة منهم لكنهم على صلة وثيقة بالنُّصيْرية الذين هم من غلاة الشيعة.

ويتضح مما سبق:

أن التشيع الأول بدأ كحزب (*) يرى أحقية علي بن أبي طالب في الخلافة، ثم تطوَّر حتى أصبح فرقة عقائدية وسياسية انضوى تحت لوائها كل من أراد الكيد للإسلام والدولة المسلمة، حتى أن المتتبع للتاريخ الإسلامي لا يكاد يرى ثورة (*) أو انفصالاً عن الدولة الأم أو مشكلة عقائدية إلا وكان الشيعة بفرقها المتعددة وراءها أو لهم ضلعٌ فيها. ولهذا اصطبغ التاريخ الإسلامي بكثير من الثورات والتمزق ، ونظرًا لوجود عناصر مندسَّةً بين المسلمين يهمها استمرار هذا الخلاف فإن المشكلة لم تنته، بل استمر الخلاف وكاد التشيع أن يكون دينًا (*) مختلفًا عن الإسلام تمامًا، وقد استغلت الدوائر الغربية والمستشرقون هذا الخلاف لتصوير المسلمين شيعًا وأحزابًا متناحرة. بل يقارنونه بالمسيحية (*) التي بلغت فرقها المئات.

 

 

رد مع اقتباس
قديم 04-07-2011, 10:58 PM   رقم المشاركة : 2
مريد الشبول
 
الصورة الرمزية مريد الشبول





مريد الشبول غير متواجد حالياً

مريد الشبول سيصبح متميزا في وقت قريب


افتراضي

الإباضية

التعريف:


الإباضية إحدى فرق الخوارج(*)، وتنسب إلى مؤسسها عبد الله بن إباض التميمي، ويدعي أصحابها أنهم ليسوا خوارج وينفون عن أنفسهم هذه النسبة، والحقيقة أنهم ليسوا من غلاة الخوارج كالأزارقة مثلاً، لكنهم يتفقون مع الخوارج في مسائل عديدة منها: أن عبد الله بن إباض يعتبر نفسه امتداداً للمحكمة الأولى من الخوارج، كما يتفقون مع الخوارج في تعطيل الصفات والقول بخلق القرآن وتجويز الخروج على أئمة الجور.


التأسيس وأبرز الشخصيات:


مؤسسها الأول عبد الله بن إباض من بني مرة بن عبيد بن تميم، ويرجع نسبه إلى إباض وهي قرية العارض باليمامة، وعبد الله عاصر معاوية وتوفي في أواخر أيام عبد الملك بن مروان.


يذكر الإباضية أن أبرز شخصياتهم جابر بن زيد (22ـ93ه‍ ) الذي يعد من أوائل المشتغلين بتدوين الحديث آخذاً العلم عن عبد الله بن عباس وعائشة و أنس بن مالك وعبد الله بن عمر وغيرهم من كبار الصحابة. مع أن جابراً قد تبرأ منهم. (انظر تهذيب التهذيب 2/38).


أبو عبيدة مسلمة بن أبي كريمة: من أشهر تلاميذ جابر بن زيد، وقد أصبح مرجع الإباضية بعده مشتهراً بلقب القفاف توفي في ولاية أبي جعفر المنصور 158هـ‍.


الربيع بن حبيب الفراهيدي الذي عاش في منتصف القرن الثاني للهجرة وينسبون له مسنداً خاصاً به مسند الربيع بن حبيب وهو مطبوع ومتداول.


من أئمتهم في الشمال الإفريقي أيام الدولة العباسية: الإمام الحارث بن تليد، ثم أبو الخطاب عبد الأعلى بن السمح المعافري، ثم أبو حاتم يعقوب بن حبيب ثم حاتم الملزوزي.


ومنهم الأئمة الذين تعاقبوا على الدولة الرستمية في تاهرت بالمغرب: عبد الرحمن، عبد الوهاب، أفلح، أبو بكر، أبو اليقظان، أبو حاتم.


من علمائهم:


سلمة بن سعد: قام بنشر مذهبهم في أفريقيا في أوائل القرن الثاني.


ـ ابن مقطير الجناوني: تلقى علومه في البصرة وعاد إلى موطنه في جبل نفوسه بليبيا ليسهم في نشر المذهب (*) الإباضي.


ـ عبد الجبار بن قيس المرادي: كان قاضياً أيام إمامهم الحارث بن تليد.


ـ السمح أبو طالب: من علمائهم في النصف الثاني من القرن الثاني للهجرة، كان وزيراً للإمام عبد الوهاب بن رستم ثم عاملاً له على جبل نفوسه ونواحيه بليبيا.


ـ أبو ذر أبان بن وسيم: من علمائهم في النصف الأول من القرن الثالث للهجرة، وكان عاملاً للإمام أفلح بن عبد الوهاب على حيز طرابلس.


الأفكار والمعتقدات:


يظهر من خلال كتبهم تعطيل(*) الصفات الإلهية، وهم يلتقون إلى حد بعيد مع المعتزلة في تأويل(*) الصفات، ولكنهم يدعون أنهم ينطلقون في ذلك من منطلق عقدي، حيث يذهبون إلى تأويل الصفة تأويلاً مجازياً بما يفيد المعنى دون أن يؤدي ذلك إلى التشبيه(*)، ولكن كلمة الحق في هذا الصدد تبقى دائماً مع أهل السنة والجماعة(*) المتبعين للدليل، من حيث إثبات الأسماء والصفات العليا لله تعالى كما أثبتها لنفسه، بلا تعطيل ولا تكييف(*) ولا تحريف(*) ولا تمثيل(*).


ينكرون رؤية المؤمنين لله تعالى في الآخرة ؛ رغم ثبوتها في القرآن : ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ) .


يؤولون بعض مسائل الآخرة تأويلاً مجازياً كالميزان والصراط.


أفعال الإنسان خلق من الله واكتساب من الإنسان، وهم بذلك يقفون موقفاً وسطاً بين القدريَّة(*) والجبرية(*).


صفات الله ليست زائدة على ذات الله ولكنها هي عين ذاته.


القرآن لديهم مخلوق، وقد وافقوا الخوارج(*) في ذلك، يقول الأشعري "والخوارج جميعاً يقولون بخلق القرآن"، مقالات الإسلاميين 1/203 طـ 2 ـ 1389هـ/1969م.


مرتكب الكبيرة(*) ـ عندهم ـ كافر كفر نعمة أو كفر نفاق.


الناس في نظرهم ثلاثة أصناف:


ـ مؤمنون أوفياء بإيمانهم.


ـ مشركون واضحون في شركهم.


ـ قوم أعلنوا كلمة التوحيد وأقروا بالإسلام لكنهم لم يلتزموا به سلوكاً وعبادة، فهم ليسوا مشركين لأنهم يقرون بالتوحيد، وهم كذلك ليسوا بمؤمنين؛ لأنهم لا يلتزمون بما يقتضيه الإيمان، فهم إذن مع المسلمين في أحكام الدنيا لإقرارهم بالتوحيد وهم مع المشركين في أحكام الآخرة لعدم وفائهم بإيمانهم ولمخالفتهم ما يستلزمه التوحيد من عمل أو ترك.


للدار وحكمها عند محدثي الإباضية صور متعددة، ولكن محدثيهم يتفقون مع القدامى في أن دار مخالفيهم من أهل الإسلام هي دار توحيد إلا معسكر السلطان فإنه دار بغي.


يعتقدون بأن مخالفيهم من أهل القبلة كفار غير مشركين، ومناكحتهم جائزة وموارثتهم حلال، وغنيمة أموالهم من السلاح والخيل وكل ما فيه من قوة الحرب حلال وما سواه حرام.


مرتكب الكبيرة كافر(*) ولا يمكن في حال معصيته وإصراره عليها أن يدخل الجنة إذا لم يتب منها، فإن الله لا يغفر الكبائر(*) لمرتكبيها إلا إذا تابوا منها قبل الموت.


ـ الذي يرتكب كبيرة من الكبائر يطلقون عليه لفظة (كافر) زاعمين بأن هذا كفر نعمة أو كفر نفاق لا كفر ملة، بينما يطلق عليه أهل السنة والجماعة (*) كلمة العصيان أو الفسوق، ومن مات على ذلك ـ في نظر أهل السنة ـ فهو في مشيئة الله، إن شاء غفر له بكرمه وإن شاء عذبه بعدله حتى يطهر من عصيانه ثم ينتقل إلى الجنة، أما الإباضية فيقولون بأن العاصي مخلد في النار. وهي بذلك تتفق مع بقية الخوارج والمعتزلة في تخليد العصاة في جهنم.


ينكرون الشفاعة لعصاة الموحدين؛ لأن العصاة ـ عندهم ـ مخلدون في النار فلا شفاعة لهم حتى يخرجوا من النار.


ينفون شرط القرشية في الإمام إذ أن كل مسلم صالح لها، إذا ما توفرت فيه الشروط، والإمام الذي ينحرف ينبغي خلعه وتولية غيره.


يتهجم بعضهم على أمير المؤمنين عثمان بن عفان وعلى معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص رضي الله عنهم.


ـ الإمامة بالوصية باطلة في مذهبهم، ولا يكون اختيار الإمام إلا عن طريق البيعة(*)، كما يجوز تعدد الأئمة في أكثر من مكان.


ـ لا يوجبون الخروج على الإمام الجائر ولا يمنعونه، وإنما يجيزونه، فإذا كانت الظروف مواتية والمضار فيه قليلة فإن هذا الجواز يميل إلى الوجوب، وإذا كانت الظروف غير مواتية والمضار المتوقعة كثيرة والنتائج غير مؤكدة فإن هذا الجواز يميل إلى المنع. ومع كل هذا فإن الخروج لا يمنع في أي حال، والشراء(*) (أي الكتمان) مرغوب فيه على جميع الأحوال ما دام الحاكم ظالما.


- لا يجوز لديهم أن يدعو شخص لآخر بخير الجنة وما يتعلق بها إلا إذا كان مسلماً موفياً بدينه مستحقاً الولاية بسبب طاعته، أما الدعاء بخير الدنيا وبما يحول الإنسان من أهل الدنيا إلى أهل الآخرة فهو جائز لكل أحد من المسلمين تقاة وعصاة.


لديهم نظام اسمه (حلقة العزابة) وهي هيئة محدودة العدد تمثل خيرة أهل البلد علماً وصلاحاً وتقوم بالإشراف الكامل على شؤون المجتمع الإباضي الدينية والتعليمية والإجتماعية والسياسية، كما تمثل مجلس الشورى في زمن الظهور الدفاع، أما في زمن الشراء والكتمان فإنها تقوم بعمل الإمام وتمثله في مهامه.


ـ لديهم منظمة اسمها (ايروان) تمثل المجلس الاستشاري المساعد للعزابة وهي القوة الثانية في البلد بعدها.


ـ يشكلون من بينهم لجاناً تقوم على جمع الزكاة وتوزيعها على الفقراء، كما تمنع منعاً باتاً طلب الزكاة أو الاستجداء وما إلى ذلك من صور انتظار العطاء.


ـ انشق عن الإباضية عدد من الفرق التي اندثرت وهي:


ـ الحفصية: أصحاب حفص بن أبي المقدام.


ـ الحارثية: أصحاب الحارث الإباضي.


ـ اليزيدية: أصحاب يزيد بن أنيسة. الذي زعم أن الله سيبعث رسولاً من العجم، وينـزل عليه كتاباً من السماء، ومن ثم ترك شريعة محمد صلى الله عليه وسلم.


وقد تبرأ سائر الإباضية من أفكارهم وكفروهم لشططهم وابتعادهم عن الخط الإباضي الأصلي، الذي ما يزال إلى يومنا هذا.


الجذور الفكرية والعقائدية:


الإباضيون يعتمدون في السنة على ما يسمونه ( مسند الربيع بن حبيب ) - وهو مسند غير ثابت كما بين ذلك العلماء المحققون - .


ولقد تأثروا بمذهب أهل الظاهر، إذا أنهم يقفون عند بعض النصوص الدينية موقفاً حرفيًّا ويفسرونها تفسيراً ظاهرياً.


وتأثروا كذلك بالمعتزلة في قولهم بخلق القرآن.


يعتبر كتاب النيل وشفاء العليل ـ الذي شرحه الشيخ محمد بن يوسف إطْفَيِّش المتوفى سنة 1332ه‍ ـ من أشهر مراجعهم. جمع فيه فقه المذهب الإباضي وعقائده.


الانتشار ومواقع النفوذ:


كانت لهم صولة وجولة في جنوبي الجزيرة العربية حتى وصلوا إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة، أما في الشمال الإفريقي فقد انتشر مذهبهم بين البربر وكانت لهم دولة عرفت باسم الدولة الرستمية وعاصمتها تاهرت.


حكموا الشمال الإفريقي حكماً متصلاً مستقلاً زهاء مائة وثلاثين سنة حتى أزالهم الرافضة (العبيديون).


قامت للإباضية دولة مستقلة في عُمان وتعاقب على الحكم فيها إلى العصر الحديث أئمة إباضيون.


من حواضرهم التاريخية جبل نفوسة بليبيا، إذ كان معقلاً لهم ينشرون منه المذهب الإباضي، ومنه يديرون شؤون الفرقة الإباضية.


ما يزال لهم وجود إلى وقتنا الحاضر في كل من عُمان بنسبة مرتفعة وليبيا وتونس والجزائر وفي واحات الصحراء الغربية وفي زنجبار التي ضُمت إلى تانجانيقا تحت اسم تنـزانيا.


ويتضح مما تقدم:


الإباضية إحدى فرق الخوارج (*)، وتنسب إلى مؤسسها عبد الله بن إباض التميمي، ويدعي أصحابها أنهم ليسوا خوارج وينفون عنهم هذه النسبة، والحقيقة أنهم ليسوا من غلاة الخوارج كالأزارقة مثلاً، لكنهم يتفقون مع الخوارج في مسائل عديدة منها: أن عبد الله بن إباض يعتبر نفسه امتداداً للمحكمة الأولى من الخوارج، كما يتفقون مع الخوارج في تعطيل (*) الصفات والقول بخلق القرآن، وتجويز الخروج على أئمة الجور.
المعتزلة

التعريف:


المعتزلة فرقة إسلامية نشأت في أواخر العصر الأموي وازدهرت في العصر العباسي، وقد اعتمدت على العقل المجرد في فهم العقيدة الإسلامية لتأثرها ببعض الفلسفات المستوردة مما أدى إلى انحرافها عن عقيدة أهل السنة والجماعة. وقد أطلق عليها أسماء مختلفة منها: المعتزلة والقدرية (*) والعدلية وأهل العدل والتوحيد والمقتصدة والوعيدية.


التأسيس وأبرز الشخصيات:


اختلفت رؤية العلماء في ظهور الاعتزال، واتجهت هذه الرؤية وجهتين:


ـ الوجهة الأولى: أن الاعتزال حصل نتيجة النقاش في مسائل عقدية دينية كالحكم على مرتكب الكبيرة (*)، والحديث في القدر، بمعنى هل يقدر العبد على فعله أو لا يقدر، ومن رأي أصحاب هذا الاتجاه أن اسم المعتزلة أطلق عليهم لعدة أسباب:


1 ـ أنهم اعتزلوا المسلمين بقولهم بالمنزلة بين المنزلتين


2 ـ أنهم عرفوا بالمعتزلة بعد أن اعتزل واصل بن عطاء حلقة الحسن البصري وشكل حقلة خاصة به لقوله بالمنزلة بين المنزلتين فقال الحسن: "اعتزلنا واصل".


3 ـ أو أنهم قالوا بوجوب اعتزال مرتكب الكبيرة ومقاطعته .


ـ والوجهة الثانية: أن الاعتزال نشأ بسبب سياسي حيث أن المعتزلة من شيعة علي رضي الله عنه اعتزلوا الحسن عندما تنازل لمعاوية، أو أنهم وقفوا موقف الحياد بين شيعة علي ومعاوية فاعتزلوا الفريقين.


أما القاضي عبد الجبار الهمذاني ـ مؤرخ المعتزلة ـ فيزعم أن الاعتزال ليس مذهباً جديداً أو فرقة طارئة أو طائفة أو أمراً مستحدثاً، وإنما هو استمرار لما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته، وقد لحقهم هذا الاسم بسبب اعتزالهم الشر لقوله تعالى: (وأعتزلكم وما تدعون) ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (من اعتزل الشر سقط في الخير).


والواقع أن نشأة الاعتزال كان ثمرة تطور تاريخي لمبادئ فكرية وعقدية وليدة النظر العقلي المجرد في النصوص الدينية وقد نتج ذلك عن التأثر بالفلسفة اليونانية والهندية والعقائد اليهودية والنصرانية لما سنرى في فقرة (الجذور الفكرية والعقائدية) .


قبل بروز المعتزلة كفرقة فكرية على يد واصل بن عطاء، كان هناك جدل (*) ديني فكري بدأ بمقولات جدلية كانت هي الأسس الأولى للفكر المعتزلي وهذه المقولات نوجزها مع أصحابها بما يلي:


ـ مقولة أن الإنسان حر مختار بشكل مطلق، وهو الذي يخلق أفعاله بنفسه قالها: معبد الجهني، الذي خرج على عبد الملك بن مروان مع عبد الرحمن بن الأشعث .. وقد قتله الحجاج عام 80هـ بعد فشل الحركة .


ـ وكذلك قالها غيلان الدمشقي في عهد عمر بن عبد العزيز وقتله هشام بن عبد الملك .


ـ ومقولة خلق القرآن ونفي الصفات، قالها الجهم بن صفوان، وقد قتله سلم بن أحوز في مرو عام 128هـ .


ـ وممن قال بنفي الصفات أيضاً: الجعد بن درهم الذي قتله خالد بن عبد الله القسري والي الكوفة .


ثم برزت المعتزلة كفرقة فكرية على يد واصل بن عطاء الغزال (80هـ ـ 131هـ) الذي كان تلميذاً للحسن البصري، ثم اعتزل حلقة الحسن بعد قوله بأن مرتكب الكبيرة (*) في منزلة بين المنزلتين (أي ليس مؤمناً ولا كافراً) وأنه مخلد في النار إذا لم يتب قبل الموت، وقد عاش في أيام عبد الملك بن مروان وهشام بن عبد الملك، والفرقة المعتزلية التي تنسب إليه تسمى: الواصيلة.


ولاعتماد المعتزلة على العقل في فهم العقائد وتقصيهم لمسائل جزئية فقد انقسموا إلى طوائف مع اتفاقهم على المبادئ الرئيسة الخمسة ـ التي سنذكرها لاحقاً ـ وكل طائفة من هذه الطوائف جاءت ببدع جديدة تميزها عن الطائفة الأخرى .. وسمت نفسها باسم صاحبها الذي أخذت عنه .


وفي العهد العباسي برز المعتزلة في عهد المأمون حيث اعتنق الاعتزال عن طريق بشر المريسي وثمامة بن أشرس وأحمد بن أبي دؤاد وهو أحد رؤوس بدعة الاعتزال في عصره ورأس فتنة خلق القرآن، وكان قاضياً للقضاة في عهد المعتصم.


ـ في فتنة خلق القرآن امتحن الإمام أحمد بن حنبل الذي رفض الرضوخ لأوامر المأمون والإقرار بهذه البدعة، فسجن وعذب وضرب بالسياط في عهد المعتصم بعد وفاة المأمون وبقي في السجن لمدة عامين ونصف ثم أعيد إلى منزله وبقي فيه طيلة خلافة المعتصم ثم ابنه الواثق .


ـ لما تولى المتوكل الخلافة عام 232هـ انتصر لأهل السنة (*) وأكرم الإمام أحمد وأنهى عهد سيطرة المعتزلة على الحكم ومحاولة فرض عقائدهم بالقوة خلال أربعة عشر عاماً .


في عهد دولة بني بويه عام 334 هـ في بلاد فارس ـ وكانت دولة شيعية ـ توطدت العلاقة بين الشيعة (*) والمعتزلة وارتفع شأن الاعتزال أكثر في ظل هذه الدولة فعين القاضي عبد الجبار رأس المعتزلة في عصره قاضياً لقضاء الري عام 360هـ بأمر من الصاحب بن عباد وزير مؤيد الدولة البويهي ، وهو من الروافض (*) المعتزلة، يقول فيه الذهبي: " وكان شيعيًّا معتزليًّا مبتدعاً " ويقول المقريزي: " إن مذهب الاعتزال فشا تحت ظل الدولة البويهية في العراق وخراسان وما وراء النهر "


وممن برز في هذا العهد: الشريف المرتضى الذي قال عنه الذهبي: " وكان من الأذكياء والأولياء المتبحرين في الكلام والاعتزال والأدب والشعر لكنه إمامي جلد ".


بعد ذلك كاد أن ينتهي الاعتزال كفكر مستقل إلا ما تبنته منه بعض الفرق كالشيعة وغيرهم .


عاد فكر الاعتزال من جديد في الوقت الحاضر، على يد بعض الكتاب والمفكرين، الذين يمثلون المدرسة العقلانية الجديدة وهذا ما سنبسطه عند الحديث عن فكر الاعتزال الحديث .


ومن أبرز مفكري المعتزلة منذ تأسيسها على يد واصل بن عطاء وحتى اندثارها وتحللها في المذاهب الأخرى كالشيعة والأشعرية والماتريدية ما يلي:


ـ أبو الهذيل حمدان بن الهذيل العلاف (135 ـ226 هـ) مولى عبد القيس وشيخ المعتزلة والمناظر عنها. أخذ الاعتزال عن عثمان بن خالد الطويل عن واصل بن عطاء، طالع كثيراً من كتب الفلاسفة وخلط كلامهم بكلام المعتزلة، فقد تأثر بأرسطو وأنبادقليس من فلاسفة اليونان، وقال بأن " الله عالم بعلم وعلمه ذاته، وقادر بقدرة وقدرته ذاته … " انظر الفرق بين الفرق للبغدادي ص 76 . وتسمى طائفة الهذيلية .


ـ إبراهيم بن يسار بن هانئ النظام (توفي سنة 231هـ) وكان في الأصل على دين البراهمة (*) وقد تأثر أيضاً بالفلسفة اليونانية مثل بقية المعتزلة .. وقال:بأن المتولدات من أفعال الله تعالى، وتسمى طائفته النظامية .


ـ بشر بن المعتمر (توفي سنة 226 هـ) وهو من علماء المعتزلة، وهو الذي أحدث القول بالتولد وأفرط فيه فقال: إن كل المتولدات من فعل الإنسان فهو يصح أن يفعل الألوان والطعوم والرؤية والروائح وتسمى طائفته البشرية.


ـ معمر بن عباد السلمي (توفي سنة 220 هـ) وهو من أعظم القدرية (*) فرية في تدقيق القول بنفي الصفات ونفي القدر (*) خيره وشره من الله وتسمى طائفته: المعمرية .


ـ عيسى بن صبيح المكنى بأبي موسى الملقب بالمردار (توفي سنة 226هـ) وكان يقال له: راهب المعتزلة، وقد عرف عنه التوسع في التكفير (*) حتى كفر الأمة بأسرها بما فيها المعتزلة، وتسمى طائفته المردارية .


ـ ثمامة بن أشرس النميري (توفي سنة 213هـ)، كان جامعاً بين قلة الدين وخلاعة النفس، مع اعتقاده بأن الفاسق يخلد في النار إذا مات على فسقه من غير توبة . وهو في حال حياته في منزلة بين المنزلتين . وكان زعيم القدرية في زمان المأمون والمعتصم والواثق وقيل إنه الذي أغرى المأمون ودعاه إلى الاعتزال، وتسمى طائفته الثمامية .


ـ عمرو بن بحر: أبو عثمان الجاحظ (توفي سنة 256هـ) وهو من كبار كتاب المعتزلة، ومن المطلعين على كتب الفلاسفة، ونظراً لبلاغته في الكتابة الأدبية استطاع أن يدس أفكاره المعتزلية في كتاباته كما يدس السم في الدسم مثل، البيان والتبيين، وتسمى فرقته الجاحظية .


ـ أبو الحسين بن أبي عمر الخياط (توفي سنة 300هـ) من معتزلة بغداد و بدعته التي تفرد بها قوله بأن المعدوم جسم، والشيء المعدوم قبل وجوده جسم، وهو تصريح بقدم العالم، وهو بهذا يخالف جميع المعتزلة وتسمى فرقته الخياطية .


ـ القاضي عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمداني (توفي سنة 414هـ) فهو من متأخري المعتزلة، قاضي قضاة الري وأعمالها، وأعظم شيوخ المعتزلة في عصره، وقد أرخ للمعتزلة وقنن مبادئهم وأصولهم الفكرية والعقدية.


المبادئ والأفكار:


جاءت المعتزلة في بدايتها بفكرتين مبتدعتين:


ـ الأولى: القول بأن الإنسان مختار بشكل مطلق في كل ما يفعل، فهو يخلق أفعاله بنفسه، ولذلك كان التكليف، ومن أبرز من قال ذلك غيلان الدمشقي، الذي أخذ يدعو إلى مقولته هذه في عهد عمر بن عبد العزيز . حتى عهد هشام بن عبد الملك، فكانت نهايته أن قتله هشام بسبب ذلك .


ـ الثانية: القول بأن مرتكب الكبيرة (*) ليس مؤمناً ولا كافراً ولكنه فاسق فهو بمنزلة بين المنزلتين، هذه حاله في الدنيا أما في الآخرة فهو لا يدخل الجنة لأنه لم يعمل بعمل أهل الجنة بل هو خالد مخلد في النار، ولا مانع عندهم من تسميته مسلماً باعتباره يظهر الإسلام وينطق بالشهادتين ولكنه لا يسمى مؤمناً.


ثم حرر المعتزلة مذهبهم في خمسة أصول:

1 ـ التوحيد .

2 ـ العدل .

3 ـ الوعد والوعيد .

4 ـ المنزلة بين المنزلتين .

5 ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .


1 ـ التوحيد: وخلاصته برأيهم، هو أن الله تعالى منزه عن الشبيه والمماثل (ليس كمثله شيء) ولا ينازعه أحد في سلطانه ولا يجري عليه شيء مما يجري على الناس. وهذا حق ولكنهم بنوا عليه نتائج باطلة منها: استحالة رؤية الله تعالى لاقتضاء ذلك نفي الصفات، وأن الصفات ليست شيئاً غير الذات، وإلا تعدد القدماء في نظرهم، لذلك يعدون من نفاة الصفات وبنوا على ذلك أيضاَ أن القرآن مخلوق لله سبحانه وتعالى لنفيهم عنه سبحانه صفة الكلام.


2 ـ العدل: ومعناه برأيهم أن الله لا يخلق أفعال العباد، ولا يحب الفساد، بل إن العباد يفعلون ما أمروا به وينتهون عما نهوا عنه بالقدرة التي جعلها الله لهم وركبها فيهم وأنه لم يأمر إلا بما أراد ولم ينه إلا عما كره، وأنه ولي كل حسنة أمر بها، بريء من كل سيئة نهى عنها، لم يكلفهم ما لا يطيقون ولا أراد منهم ما لا يقدرون عليه . وذلك لخلطهم بين إرادة الله تعالى الكونية (*) وإرادته الشرعية (*) .


3 ـ الوعد والوعيد: ويعني أن يجازي الله المحسن إحساناً ويجازي المسيء سوءاً، ولا يغفر لمرتكب الكبيرة (*) إلا أن يتوب .


4 ـ المنزلة بين المنزلتين: وتعني أن مرتكب الكبيرة في منزلة بين الإيمان والكفر فليس بمؤمن ولا كافر . وقد قرر هذا واصل بن عطاء شيخ المعتزلة .


5 ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: فقد قرروا وجوب ذلك على المؤمنين نشراً لدعوة الإسلام وهداية للضالين وإرشاداً للغاوين كل بما يستطيع: فذو البيان ببيانه، والعالم بعلمه، وذو السيف بسيفه وهكذا . ومن حقيقة هذا الأصل أنهم يقولون بوجوب الخروج على الحاكم إذا خالف وانحرف عن الحق .


ومن مبادئ المعتزلة الاعتماد على العقل (*) كليًّا في الاستدلال لعقائدهم وكان من آثار اعتمادهم على العقل في معرفة حقائق الأشياء وإدراك العقائد، أنهم كانوا يحكمون بحسن الأشياء وقبحها عقلاً فقالوا كما جاء في الملل والنحل للشهرستاني: " المعارف كلها معقولة بالفعل، واجبة بنظر العقل، وشكر المنعم واجب قبل ورود السمع أي قبل إرسال الرسل، والحسن والقبيح (*) صفتان ذاتيتان للحسن والقبيح " .


ـ ولاعتمادهم على العقل أيضاً أوَّلوا الصفات بما يلائم عقولهم الكلية، كصفات الاستواء واليد والعين وكذلك صفات المحبة والرضى والغضب والسخط ومن المعلوم أن المعتزلة تنفي كل الصفات لا أكثرها .


ـ ولاعتمادهم على العقل أيضاً، طعن كبراؤهم في أكابر الصحابة وشنعوا عليهم ورموهم بالكذب، فقد زعم واصل بن عطاء: أن إحدى الطائفتين يوم الجمل فاسقة، إما طائفة علي بن أبي طالب وعمار بن ياسر والحسن والحسين وأبي أيوب الأنصاري أو طائفة عائشة والزبير، وردوا شهادة هؤلاء الصحابة فقالوا: لا تقبل شهادتهم .


ـ وسبب اختلاف المعتزلة فيما بينهم وتعدد طوائفهم هو اعتمادهم على العقل فقط ـ كما نوهنا ـ وإعراضهم عن النصوص الصحيحة من الكتاب والسنة، ورفضهم الإتباع بدون بحث واستقصاء وقاعدتهم التي يستندون إليها في ذلك:


" كل مكلف مطالب بما يؤديه إليه اجتهاده في أصول الدين "، فيكفي وفق مذهبهم أن يختلف التلميذ مع شيخه في مسألة ليكون هذا التلميذ صاحب فرقة قائمة، وما هذه الفرق التي عددناها آنفاً إلا نتيجة اختلاف تلاميذ مع شيوخهم، فأبو الهذيل العلاف له فرقة، خالفه تلميذه النظام فكانت له فرقة، فخالفه تلميذه الجاحظ فكانت له فرقة، والجبائي له فرقة، فخالفه ابنه أبو هاشم عبد السلام فكانت له فرقة أيضاَ وهكذا .


ـ وهكذا نجد أن المعتزلة قد حولوا الدين إلى مجموعة من القضايا العقلية والبراهين المنطقية، وذلك لتأثرهم بالفلسفة (*) اليونانية عامة وبالمنطق (*) الصوري الأوسطي خاصة .


وقد فند علماء الإسلام آراء المعتزلة في عصرهم، فمنهم أبو الحسن الأشعري الذي كان منهم، ثم خرج من فرقتهم ورد عليهم متبعاً أسلوبهم في الجدال (*) والحوار .. ثم جاء الإمام أحمد بن حنبل الذي اكتوى بنار فتنتهم المتعلقة بخلق القرآن ووقف في وجه هذه الفتنة بحزم وشجاعة نادرتين .


ـ ومن الردود قوية الحجة، بارعة الأسلوب، رد شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ عليهم في كتابه القيم: درء تعارض العقل والنقل فقد تتبع آراءهم وأفكارهم واحدة واحدة ورد عليها ردًّا مفحماً .. وبين أن صريح العقل لا يكمن أن يكون مخالفاً لصحيح النقل .


وقد ذُكر في هذا الحديث أكثر من مرة أن المعتزلة اعتمدوا على العقل (*) في تعاملهم مع نصوص الموحي (*)، وقد يتوهم أحد أن الإسلام ضد العقل ويسعى للحجر عليه . ولكن هذا يرده دعوة الإسلام إلى التفكر في خلق السموات والأرض والتركيز على استعمال العقل في اكتشاف الخير والشر وغير ذلك مما هو معروف ومشهور مما دعا العقاد إلى أن يؤلف كتاباً بعنوان: التفكر فريضة إسلامية، ولهذا فإن من انحرافات المعتزلة هو استعمالهم العقل في غير مجاله: في أمور غيبية مما تقع خارج الحس ولا يمكن محاكمتها محاكمة عقلية صحيحة، كما أنهم بنوا عدداً من القضايا على مقدمات معينة فكانت النتائج ليست صحيحة على إطلاقها وهو أمر لا يسلّم به دائماً حتى لو اتبعت نفس الأساليب التي استعملوها في الاستنباط والنظر العقلي: مثل نفيهم الصفات عن الله اعتماداً على قوله تعالى: (ليس كمثله شيء). وكان الصحيح أن لا تنفى عنه الصفات التي أثبتها لنفسه سبحانه وتعالى ولكن تفهم الآية على أن صفاته سبحانه وتعالى لا تماثل صفات المخلوقين.


وقد حدد العلماء مجال استعمال العقل بعدد من الضوابط منها:


ـ أن لا يتعارض مع النصوص الصحيحة .


ـ أن لا يكون استعمال العقل في القضايا الغيبية التي يعتبر الوحي هو المصدر الصحيح والوحيد لمعرفتها.


ـ أن يقدم النقل على العقل في الأمور التي لم تتضح حكمتها " وهو ما يعرف بالأمور التوقيفية".


ولا شك أن احترام الإسلام للعقل وتشجيعه للنظر والفكر لا يقدمه على النصوص الشرعية الصحيحة . خاصة أن العقول متغيرة وتختلف وتتأثر بمؤثرات كثيرة تجعلها لا تصلح لأن تكون الحكم المطلق في كل الأمور . ومن المعروف أن مصدر المعرفة في الفكر الإسلامي يتكون من:


1 ـ الحواس وما يقع في مجالها من الأمور الملموسة من الموجودات .


2 ـ العقل (*) وما يستطيع أن يصل إليه من خلال ما تسعفه به الحواس والمعلومات التي يمكن مشاهدتها واختبارها وما يلحق ذلك من عمليات عقلية تعتمد في جملتها على ثقافة الفرد ومجتمعه وغير ذلك من المؤثرات .


3 ـ الوحي (*) من كتاب وسنة حيث هو المصدر الوحيد والصحيح للأمور الغيبية، وما لا تستطيع أن تدركه الحواس، وما أعده الله في الدار الآخرة، وما أرسل من الرسل إلخ …


وهكذا يظهر أنه لا بد من تكامل العقل والنقل في التعامل مع النصوص الشرعية كل فيما يخصه وبالشروط التي حددها العلماء.


الجذور الفكرية والعقائدية:


هناك رواية ترجع الفكر المعتزلي في نفي الصفات إلى أصول يهودية فلسفية فالجعد بن درهم أخذ فكره عن أبان بن سمعان وأخذها أبان عن طالوت وأخذها طالوت عن خاله لبيد بن الأعصم اليهودي.


وقيل: إن مناقشات الجهم بن صفوان مع فرقة السمنية ـ وهي فرقة هندية تؤمن بالتناسخ (*) ـ قد أدت إلى تشكيكه في دينه وابتداعه لنفي الصفات .


إن فكر يوحنا الدمشقي وأقواله تعد مورداً من موارد الفكر الاعتزالي، إذ أنه كان يقول بالأصلح ونفي الصفات الأزلية حرية الإرادة الإنسانية .


ـ ونفي القدر عند المعتزلة الذي ظهر على يد الجهني وغيلان الدمشقي، قيل إنهما أخذاه عن نصراني يدعى أبو يونس سنسويه وقد أخذ عمرو بن عبيد صاحب واصل بن عطاء فكرة نفي القدر عن معبد الجهني .


ـ تأثر المعتزلة بفلاسفة (*) اليونان في موضوع الذات والصفات، فمن ذلك قول أنبادقليس الفيلسوف اليوناني: "إن الباري تعالى لم يزل هويته فقط وهو العلم المحض وهو الإرادة المحضة وهو الجود والعزة، والقدرة والعدل والخير والحق، لا أن هناك قوى مسماة بهذه الأسماء بل هي هو، وهو هذه كلها" انظر الملل والنحل ج 2/ ص58.


وكذلك قول أرسطوطاليس في بعض كتبه "إن الباري علم كله، قدره كله، حياة كله، بصر كله".


فأخذ العلاف وهو من شيوخ المعتزله هذه الأفكار وقال: إن الله عالم بعلم وعلمه ذاته، قادر بقدرة وقدرته ذاته، حي بحياة وحياته ذاته.


ـ وأخذ النظام من ملاحدة الفلاسفة قوله بإبطال الجزء الذي لا يتجرأ، ثم بنى عليه قوله بالطفرة، أي أن الجسم يمكن أن يكون في مكان (أ) ثم يصبح في مكان (ج) دون أن يمر في (ب) .


وهذا من عجائبه حتى قيل: إن من عجائب الدنيا: " طفرة النظام وكسب الأشعري " .


ـ وإن أحمد بن خابط والفضل الحدثي وهما من أصحاب النظام قد طالعا كتب الفلاسفة ومزجا الفكر الفلسفي مع الفكر النصراني مع الفكر الهندي وقالا بما يلي:


1 ـ إن المسيح (*) هو الذي يحاسب الخلق في الآخرة.


2 ـ إن المسيح تدرع بالجسد الجسماني وهو الكلمة القديمة المتجسدة.


3 ـ القول بالتناسخ (*).


4 ـ حملا كل ما ورد في الخبر عن رؤية الله تعالى على رؤية العقل الأول هو أول مبتدع وهو العقل الفعال الذي منه تفيض الصور على الموجودات .


يؤكد العلماء تأثير الفلسفة (*) اليونانية على فكر المعتزلة بما قام به الجاحظ وهو من مصنفي المعتزلة ومفكريهم فقد طالع كثيراً من كتب الفلاسفة وتمذهب بمذهبهم ـ حتى إنه خلط وروج كثيراً من مقالاتهم بعبارته البليغة .


ـ ومنهم من يرجع فكر المعتزلة إلى الجذور الفكرية والعقدية في العراق ـ حيث نشأ المعتزلة ـ الذي يسكنه عدة فرق تنتهي إلى طوائف مختلفة، فبعضهم ينتهي إلى الكلدان وبعضهم إلى الفرس وبعضهم نصارى وبعضهم يهود وبعضهم مجوس (*). وقد دخل هؤلاء في الإسلام وبعضهم قد فهمه على ضوء معلوماته القديمة وخلفيته الثقافية والدينية.


الفكر الاعتزالي الحديث:


يحاول بعض الكتاب والمفكرين في الوقت الحاضر إحياء فكر المعتزلة من جديد بعد أن عفى عليه الزمن أو كاد .. فألبسوه ثوباً جديداً، وأطلقوا عليه أسماء جديدة مثل … العقلانية أو التنوير أو التجديد (*) أو التحرر الفكري أو التطور أو المعاصرة أو التيار الديني المستنير أو اليسار الإسلامي ..


ـ وقد قوّى هذه النزعة التأثر بالفكر الغربي العقلاني المادي، وحاولوا تفسير النصوص الشرعية وفق العقل (*) الإنساني .. فلجأوا إلى التأويل (*) كما لجأت المعتزلة من قبل ثم أخذوا يتلمسون في مصادر الفكر الإسلامي ما يدعم تصورهم، فوجدوا في المعتزلة بغيتهم فأنكروا المعجزات (*) المادية .. وما تفسير الشيخ محمد عبده لإهلاك أصحاب الفيل بوباء الحصبة أو الجدري الذي حملته الطير الأبابيل .. إلا من هذا القبيل .


وأهم مبدأ معتزلي سار عليه المتأثرون بالفكر المعتزلي الجدد هو ذاك الذي يزعم أن العقل هو الطريق الوحيد للوصول إلى الحقيقة، حتى لو كانت هذه الحقيقة غيبية شرعية، أي أنهم أخضعوا كل عقيدة وكل فكر للعقل البشري القاصر .


وأخطر ما في هذا الفكر الاعتزالي .. محاولة تغيير الأحكام الشرعية التي ورد فيها النص اليقيني من الكتاب والسنة .. مثل عقوبة المرتد، وفرضية الجهاد (*)، والحدود، وغير ذلك .. فضلاً عن موضوع الحجاب وتعدد الزوجات، والطلاق والإرث .. إلخ .. وطلب أصحاب هذا الفكر إعادة النظر في ذلك كله .. وتحكيم العقل في هذه المواضيع . ومن الواضح أن هذا العقل الذي يريدون تحكيمه هو عقل متأثر بما يقوله الفكر الغربي حول هذه القضايا في الوقت الحاضر .


ومن دعاة الفكر الاعتزالي الحديث سعد زغلول الذي نادى بنزع الحجاب عن المرأة المصرية وقاسم أمين مؤلف كتاب تحرير المرأة و المرأة الجديدة، ولطفي السيد الذي أطلقوا عليه: " أستاذ الجيل " وطه حسين الذي أسموه "عميد الأدب العربي " وهؤلاء كلهم أفضوا إلى ما قدموا . هذا في البلاد العربية .


أما في القارة الهندية فظهر السير أحمد خان، الذي منح لقب سير من قبل الاستعمار (*) البريطاني . وهو يرى أن القرآن الكريم لا السنة النبوية هو أساس التشريع وأحلّ الربا البسيط في المعاملات التجارية . ورفض عقوبة الرجم والحرابة، ونفى شرعية الجهاد لنشر الدين (*)، وهذا الأخير قال به لإرضاء الإنجليز لأنهم عانوا كثيراً من جهاد المسلمين الهنود لهم .


ـ وجاء تلميذه سيد أمير علي الذي أحلّ زواج المسلمة بالكتابي وأحل الاختلاط بين الرجل والمرأة .


ـ ومن هؤلاء أيضاً مفكرون علمانيون، لم يعرف عنهم الالتزام بالإسلام .. مثل زكي نجيب محمود صاحب (الوضعية المنطقية) وهي من الفلسفة (*) الوضعية الحديثة التي تنكر كل أمر غيبي .. فهو يزعم أن الاعتزال جزء من التراث ويجب أن نحييه، وعلى أبناء العصر أن يقفوا موقف المعتزلة من المشكلات القائمة (انظر كتاب تجديد الفكر العربي ص 123) .


ـ ومن هؤلاء أحمد أمين صاحب المؤلفات التاريخية والأدبية مثل فجر الإسلام وضحى الإسلام وظهر الإسلام، فهو يتباكى على موت المعتزلة في التاريخ القديم وكأن من مصلحة الإسلام بقاؤهم، ويقول في كتابه: ضحى الإسلام: " في رأيي أن من أكبر مصائب المسلمين موت المعتزلة " (ج3 ص207).


ـ ومن المعاصرين الأحياء الذين يسيرون في ركب الدعوة الإسلامية من ينادي بالمنهج (*) العقلي الاعتزالي في تطوير العقيدة والشريعة مثل الدكتور محمد فتحي عثمان في كتابه الفكر الإسلامي والتطور .. والدكتور حسن الترابي في دعوته إلى تجديد أصول الفقه حيث يقول: " إن إقامة أحكام الإسلام في عصرنا تحتاج إلى اجتهاد (*) عقلي كبير، وللعقل (*) سبيل إلى ذلك لا يسع عاقل إنكاره، والاجتهاد الذي نحتاج إليه ليس اجتهاداً في الفروع وحدها وإنما هو اجتهاد في الأصول أيضاً " (انظر كتاب المعتزلة بين القديم والحديث ص 138) .


ـ وهناك كتاب كثيرون معاصرون، ومفكرون إسلاميون يسيرون على المنهج نفسه ويدعون إلى أن يكون للعقل دور كبير في الاجتهاد (*) وتطويره، وتقييم الأحكام الشرعية، وحتى الحوادث التاريخية .. ومن هؤلاء فهمي هويدي ومحمد عمارة ـ صاحب النصيب الأكبر في إحياء تراث المعتزلة والدفاع عنه ـ وخالد محمد خالد و محمد سليم العوا، وغيرهم . ولا شك بأهمية الاجتهاد وتحكيم العقل في التعامل مع الشريعة الإسلامية (*) ولكن ينبغي أن يكون ذلك في إطار نصوصها الثابتة وبدوافع ذاتية وليس نتيجة ضغوط أجنبية وتأثيرات خارجية لا تقف عند حد، وإذا انجرف المسلمون في هذا الاتجاه ـ اتجاه ترويض الإسلام بمستجدات الحياة والتأثير الأجنبي بدلاً من ترويض كل ذلك لمنهج الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ـ فستصبح النتيجة أن لا يبقى من الإسلام إلا اسمه ولا من الشريعة إلا رسمها ويحصل للإسلام ما حصل للرسالات السابقة التي حرفت بسبب إتباع الأهواء والآراء حتى أصبحت لا تمت إلى أصولها بأي صلة .


ويتضح مما سبق:

أن حركة المعتزلة كانت نتيجة لتفاعل بعض المفكرين المسلمين في العصور الإسلامية مع الفلسفات السائدة في المجتمعات التي اتصل بها المسلمون . وكانت هذه الحركة نوع من ردة الفعل التي حاولت أن تعرض الإسلام وتصوغ مقولاته العقائدية والفكرية بنفس الأفكار والمناهج الوافدة وذلك دفاعاً ع الإسلام ضد ملاحدة تلك الحضارات بالأسلوب الذي يفهمونه . ولكن هذا التوجه قاد إلى مخالفات كثيرة وتجاوزات مرفوضة كما فعل المعتزلة في إنكار الصفات الإلهية تنزيهاً لله سبحانه عن مشابهة المخلوقين .


ومن الواضح أيضاً أن أتباع المعتزلة الجدد وقعوا فيما وقع فيه أسلافهم، وذلك أن ما يعرضون الآن من اجتهادات إنما الهدف منها أن يظهر الإسلام بالمظهر المقبول عند أتباع الحضارة الغربية والدفاع عن نظامه العام قولاً بأنه إنْ لم يكن أحسن من معطيات الحضارة الغربية فهو ليس بأقل منها .


ولذا فلا بد أن يتعلم الخلف من أخطاء سلفهم ويعلموا أن عزة الإسلام وظهوره على الدين كله هي في تميز منهجه وتفرد شريعته واعتباره المرجع الذي تقاس عليه الفلسفات والحضارات في الإطار الذي يمثله الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح في شمولهما وكمالهما.

يتبـــــــــع --------->
رد مع اقتباس
قديم 04-07-2011, 11:00 PM   رقم المشاركة : 3
مريد الشبول
 
الصورة الرمزية مريد الشبول





مريد الشبول غير متواجد حالياً

مريد الشبول سيصبح متميزا في وقت قريب


افتراضي

الأشاعرة



التعريف:





الأشاعرة: فرقة كلامية إسلامية، تنسب لأبي الحسن الأشعري الذي خرج على المعتزلة. وقد اتخذت الأشاعرة البراهين والدلائل العقلية والكلامية وسيلة في محاججة خصومها من المعتزلة والفلاسفة وغيرهم، لإثبات حقائق الدين (*) والعقيدة الإسلامية على طريقة ابن كلاب.





التأسيس وأبرز الشخصيات:





أبو الحسن الأشعري: هو أبو الحسن علي بن إسماعيل، من ذرية أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، ولد بالبصرة سنة 270هـ ومرت حياته الفكرية بثلاث مراحل:





ـ المرحلة الأولى: عاش فيها في كنف أبي علي الجبائي شيخ المعتزلة في عصره وتلقى علومه حتى صار نائبه وموضع ثقته . ولم يزل أبو الحسن يتزعم المعتزلة أربعين سنة .





ـ المرحلة الثانية: ثار فيه على مذهب الاعتزال الذي كان ينافح عنه، بعد أن اعتكف في بيته خمسة عشر يوماً، يفكر ويدرس ويستخير الله تعالى حتى اطمأنت نفسه، وأعلن البراءة من الاعتزال وخط لنفسه منهجاً جديداً يلجأ فيه إلى تأويل النصوص بما ظن أنه يتفق مع أحكام العقل (*) وفيها اتبع طريقة عبد الله بن سعيد بن كلاب في إثبات الصفات السبع عن طريق العقل: الحياة والعلم والإرادة والقدرة والسمع والبصر والكلام، أما الصفات الخبرية كالوجه واليدين والقدم والساق فتأولها على ما ظن أنها تتفق مع أحكام العقل وهذه هي المرحلة التي ما زال الأشاعرة عليها .





ـ المرحلة الثالثة: إثبات الصفات جميعها لله تعالى من غير تكييف(*) ولا تشبيه(*) ولا تعطيل(*) ولا تحريف(*) ولا تبديل ولا تمثيل، وفي هذه المرحلة كتب كتاب الإبانة عن أصول الديانة الذي عبّر فيه عن تفضيله لعقيدة السلف ومنهجهم ، الذي كان حامل لوائه الإمام أحمد بن حنبل. ولم يقتصر على ذلك بل خلّف مكتبة كبيرة في الدفاع عن السنة وشرح العقيدة تقدّر بثمانية وستين مؤلفاً، توفي سنة 324هـ ودفن ببغداد ونودي على جنازته: "اليوم مات ناصر السنة".





بعد وفاة أبو الحسن الأشعري، وعلى يد أئمة المذهب(*) وواضعي أصوله وأركانه، أخذ المذهب الأشعري أكثر من طور، تعددت فيها اجتهاداتهم ومناهجهم في أصول المذهب وعقائده، و ما ذلك إلا لأن المذهب لم يبن في البداية على منهج مؤصل، واضحة أصوله الاعتقادية، ولا كيفية التعامل مع النصوص الشرعية، بل تذبذبت مواقفهم واجتهاداتهم بين موافقة مذهب السلف واستخدام علم الكلام لتأييد العقيدة والرد على المعتزلة . من أبرز مظاهر ذلك التطور:





ـ القرب من أهل الكلام والاعتزال .





ـ الدخول في التصوف، والتصاق المذهب الأشعري به .





ـ الدخول في الفلسفة (*) وجعلها جزء من المذهب .





• من أبرز أئمة المذهب:





ـ القاضي أبو بكر الباقلاني: (328ـ402هـ) (950ـ1013م) هو محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر، من كبار علماء الكلام، هذَّب بحوث الأشعري، وتكلَّم في مقدمات البراهين العقلية للتوحيد وغالى فيها كثيراً إذ لم ترد هذه المقدمات في كتاب ولا سنة، ثم انتهى إلى مذهب السلف وأثبت جميع الصفات كالوجه واليدين على الحقيقة وأبطل أصناف التأويلات التي يستعملها المؤولة وذلك في كتابه: تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل . ولد في البصرة وسكن بغداد وتوفي فيها . وجهه عضد الدولة سفيراً عنه إلى ملك الروم، فجرت له في القسطنطينية مناظرات مع علماء النصرانية بين يدي ملكها . من كتبه: إعجاز القرآن، الإنصاف، مناقب الأئمة، دقائق الكلام، الملل والنحل، الاستبصار، تمهيد الأوائل ، كشف أسرار الباطنية .





ـ أبو إسحاق الشيرازي: (293ـ476هـ) (1003ـ1083م) . وهو إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروز أبادي الشيرازي، العلامة المناظر، ولد في فيروز أباد بفارس وانتقل إلى شيراز، ثم البصرة ومنها إلى بغداد سنة (415هـ) . وظهر نبوغه في الفقه الشافعي وعلم الكلام(*)، فكان مرجعاً للطلاب ومفتياً للأمة في عصره، وقد اشتهر بقوة الحجة في الجدل(*) والمناظرة . بنى له الوزير نظام الملك: المدرسة النظامية على شاطئ دجلة، فكان يدرس فيها ويديرها .





من مصنفاته: التنبيه والمهذَّب في الفقه، والتبصرة في أصول الشافعية، وطبقات الفقهاء، واللمع في أصول الفقه وشرحه، والملخص، والمعونة في الجدل .





أبو حامد الغزالي: (450ـ505هـ) (1058ـ1111م) وهو محمد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي، ولد في الطابران، قصبة طوس خراسان وتُوفِّي بها . رحل إلى نيسابور ثم إلى بغداد، فالحجاز، فبلاد الشام، فمصر ثم عاد إلى بلدته .





لم يسلك الغزالي مسلك الباقلاني، بل خالف الأشعري في بعض الآراء وخاصة فيما يتعلق بالمقدمات العقلية في الاستدلال، وذم علم الكلام وبيَّن أن أدلته لا تفيد اليقين كما في كتبه المنقذ من الضلال، وكتاب التفرقة بين الإيمان والزندقة (*)، وحرم الخوض فيه فقال: " لو تركنا المداهنة لصرحنا بأن الخوض في هذا العلم حرام " . اتجه نحو التصوف، واعتقد أنه الطريق الوحيد للمعرفة .. وعاد في آخر حياته إلى السنة من خلال دراسة صحيح البخاري .





أبو إسحاق الإسفراييني: (ت418هـ) (1027م) وهو إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران، أبو إسحاق عالم بالفقه والأصول وكان يلقب بركن الدين وهو أول من لقب به من الفقهاء . نشأ في إسفرايين (بين نيسابور وجرجان) ثم خرج إلى نيسابور وبنيت له مدرسة عظيمة فدرس فيها، ورحل إلى خراسان وبعض أنحاء العراق، فاشتهر في العالم الإسلامي . ألَّف في علم الكلام (*) كتابه الكبير، الذي سماه الجامع في أصول الدين والرد على الملحدين . قال ابن خلكان: رأيته في خمسة مجلدات . توفي أبو إسحاق الإسفراييني في يوم عاشوراء سنة عشرة وأربعمائة بنيسابور ثم نقل إلى إسفرايين ودفن بها وكان قد نيف على الثمانين .





إمام الحرمين أبو المعالي الجويني: (419ـ478هـ) (1028ـ1085م) . وهو عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد الجويني، الفقيه الشافعي ولد في بلد جوين (من نواحي نيسابور) ثم رحل إلى بغداد، فمكة حيث جاور فيها أربع سنين، وذهب إلى المدينة المنورة فأفتى ودرّس . ثم عاد إلى نيسابور فبنى له فيها الوزير نظام الملك المدرسة النظامية، وكان يحضر دروسه أكابر العلماء . وبقي على ذلك قريباً من ثلاثين سنة غير مزاحم ولا مدافع، ودافع فيها عن الأشعرية فشاع ذكره في الآفاق، إلا أنه في نهاية حياته رجع إلى مذهب السلف . وقد قال في رسالته: النظامية والذي نرتضيه رأياً وندين الله به عقيدة إتباع سلف الأمة للدليل القاطع على أن إجماع الأمة حجة … ويعضد ذلك ما ذهب إليه في كتابه غياث الأمم في التياث الظلم، فبالرغم من أن الكتاب مخصص لعرض الفقه السياسي الإسلامي فقد قال فيه:" والذي أذكره الآن لائقاً بمقصود هذا الكتاب، أن الذي يحرص الإمام عليه جمع عامة الخلق على مذاهب السلف السابقين، قبل أن نبغت الأهواء وزاغت الآراء وكانوا رضي الله عنهم ينهون عن التعرض للغوامض والتعمق في المشكلات … " .





ـ نقل القرطبي في شرح مسلم أن الجويني كان يقول لأصحابه: "يا أصحابنا لا تشتغلوا بالكلام، فلو عرفت أن الكلام يبلغ بي ما بلغ ما تشاغلت به" . توفي رحمه الله بنيسابور وكان تلامذته يومئذ أربعمائة . ومن مصنفاته : العقيدة النظامية في الأركان الإسلامية، البرهان في أصول الفقه، ونهاية المطلب في دراية المذهب في فقه الشافعية، والشامل في أصول الدين .





الفخر الرازي (544هـ ـ 1150م) (606هـ ـ 1210م): هو أبو عبد الله محمد بن عمر الحسن بن الحسين التيمي الطبرستاني الرازي المولد، الملقب فخر الدين المعروف بابن الخطيب الفقيه الشافعي قال عنه صاحب وفيات الأعيان " إنه فريد عصره ونسيج وحده، فاق أهل زمانه في علم الكلام (*)، والمعقولات " أهـ، وهو المعبر عن المذهب (*) الأشعري في مرحلته الأخيرة حيث خلط الكلام بالفلسفة (*)، بالإضافة إلى أنه صاحب القاعدة الكلية التي انتصر فيها للعقل وقدمه على الأدلة الشرعية . قال فيه الحافظ ابن حجر في لسان الميزان: (4/426 ـ 429): " كان له تشكيكات على مسائل من دعائم الدين تورث الحيرة، وكان يورد شبه الخصوم بدقة ثم يورد مذهب أهل السنة على غاية من الوهن " إلا أنه أدرك عجز العقل (*) فأوصى وصية تدل على حسن اعتقاده . فقد نبه في أواخر عمره إلى ضرورة إتباع منهج (*) السلف، وأعلن أنه أسلم المناهج بعد أن دار دورته في طريق علم الكلام (*) فقال: " لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية رأيتها لا تشفي عليلاً ولا تروي غليلاً، ورأيت أقرب الطرق، طريقة القرآن، أقرأ في الإثبات (الرحمن على العرش استوى) و (إليه يصعد الكلم الطيب و العمل الصالح يرفعه)، و أقرأ في النفي (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) و (ولا يحيطون به علماً)، ثم قال في حسرة وندامة: "ومن جرب تجربتي عرف معرفتي " أهـ . (الحموية الكبرى لابن تيمية) .





من أشهر كتبه في علم الكلام: أساس التقديس في علم الكلام، شرح قسم الإلهيات من إشارات ابن سينا، واللوامع البينات في شرح أسماء الله تعالى والصفات، البيان والبرهان في الرد على أهل الزيغ والضلال، كافية العقول.





الأفكار والمعتقدات:





مصدر التلقي عند الأشاعرة: الكتاب والسنة على مقتضى قواعد علم الكلام ؛ ولذلك فإنهم يقدمون العقل على النقل عند التعارض، صرح بذلك الرازي في القانون الكلي للمذهب في أساس التقديس والآمدي وابن فورك وغيرهم .





ـ عدم الأخذ بأحاديث الآحاد(*) في العقيدة لأنها لا تفيد العلم اليقيني ولا مانع من الاحتجاج بها في مسائل السمعيات أو فيما لا يعارض القانون العقلي. والمتواتر(*) منها يجب تأويله، ولا يخفى مخالفة هذا لما كان عليه السلف الصالح من أصحاب القرون المفضلة ومن سار على نهجهم حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يرسل الرسل فرادى لتبليغ الإسلام كما أرسل معاذاً إلى أهل اليمن، ولقوله صلى الله عليه وسلم : "نضر الله امرءاً سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأداها كما سمعها … " الحديث، وحديث تحويل القبلة وغير ذلك من الأدلة .





ـ مذهب طائفة منهم وهم: صوفيتهم كالغزالي والجامي في مصدر التلقي، تقديم الكشف(*) والذوق على النص، وتأويل النص ليوافقه . ويسمون هذا "العلم اللدني" جرياً على قاعدة الصوفية "حدثني قلبي عن ربي" . وكما وضح ذلك في الرسالة اللدنية 1/114ـ118 من مجموعة القصور العوالي، وكبرى اليقينيات لمحمد سعيد رمضان البوطي، الإهداء ـ 32ـ35 . ولا يخفى ما في هذا من البطلان والمخالفة لمنهج (*) أهل السنة والجماعة (*) وإلا فما الفائدة من إرسال الرسل وإنزال الكتب .





يقسم الأشاعرة أصول العقيدة بحسب مصدر التلقي إلى ثلاثة أقسام:





ـ قسم مصدره العقل(*) وحده وهو معظم الأبواب ومنه باب الصفات ولهذا يسمون الصفات التي تثبت بالعقل " عقلية " وهذا القسم يحكم العقل بوجوبه دون توقف على الوحي (*) عندهم . أما ما عدا ذلك من صفات خبرية دل الكتاب والسنة عليها فإنهم يؤولونها .





ـ قسم مصدره العقل والنقل معاً كالرؤية ـ على خلاف بينهم فيها .





ـ قسم مصدره النقل وحده وهو السمعيات ذات المغيبات من أمور الآخرة كعذاب القبر والصراط والميزان وهو مما لا يحكم العقل باستحالته، فالحاصل أنهم في صفات الله جعلوا العقل حاكماً، وفي إثبات الآخرة جعلوا العقل عاطلاً، وفي الرؤية جعلوه مساوياً. أما في مذهب أهل السنة والجماعة فلا منافاة بين العقل والنقل أصلاً ولا تقديم للعقل في جانب وإهماله في جانب آخر وإنما يُبدأ بتقديم النقل على العقل .





خالف الأشاعرة مذهب السلف في إثبات وجود الله تعالى، ووافقوا الفلاسفة والمتكلمين في الاستدلال على وجود الله تعالى بقولهم: إن الكون حادث ولا بد له من محدث قديم وأخص صفات القديم مخالفته للحوادث وعدم حلوله فيها . ومن مخالفته للحوادث إثبات أنه ليس بجوهر ولا جسمٍ ولا في جهة ولا في مكان . وقد رتبوا على ذلك من الأصول الفاسدة ما لا يدخل تحت حصر مثل: إنكارهم صفات الرضا والغضب والاستواء بشبهة نفي حلول الحوادث في القديم من أجل الرد على القائلين بقدم العالم، بينما طريقة السلف هي طريقة القرآن الكريم في الاستدلال على وجود الخالق سبحانه وتعالى .





التوحيد عند الأشاعرة هو نفي التثنية والتعدد بالذات ونفي التبعيض والتركيب والتجزئة أي نفي الكمية المتصلة والمنفصلة . وفي ذلك يقولون: إن الله واحد في ذاته لا قسيم له، واحد في صفاته لا شبيه له، واحد في أفعاله لا شريك له . ولذلك فسروا الإله (*) بأنه الخالق أو القادر على الاختراع، و أنكروا صفات الوجه واليدين والعين لأنها تدل على التركيب والأجزاء عندهم. وفي هذا مخالفة كبيرة لمفهوم التوحيد عند أهل السنة والجماعة (*) من سلف الأمة ومن تبعهم ـ، وبذلك جعل الأشاعرة التوحيد هو إثبات ربوبية الله عز وجل دون ألوهيته .





وهكذا خالف الأشاعرة أهل السنة والجماعة في معنى التوحيد حيث يعتقد أهل السنة والجماعة أن التوحيد هو أول واجب على العبيد إفراد الله بربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته على نحو ما أثبته تعالى لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم ، ونفي ما نفاه الله عن نفسه أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم، من غير تحريف (*) أو تعطيل (*) أو تكييف أو تمثيل .





ـ إن أول واجب عند الأشاعرة إذا بلغ الإنسان سن التكليف هو النظر أو القصد إلى النظر ثم الإيمان، ولا تكفي المعرفة الفطرية ثم اختلفوا فيمن آمن بغير ذلك بين تعصيته و تكفيره ..





بينما يعتقد أهل السنة والجماعة أن أول واجب على المكلفين هو عبادة الله عز وجل وحده لا شريك له، توحيد الألوهية بدليل الكتاب والسنة والإجماع (*)، وأن معرفة الله تعالى أمر فطري مركوز في النفوس .





ـ يعتقد الأشاعرة تأويل الصفات الخبرية كالوجه واليدين والعين واليمين والقدم والأصابع وكذلك صفتي العلو والاستواء . وقد ذهب المتأخرون منهم إلى تفويض معانيها إلى الله تعالى على أن ذلك واجب يقتضيه التنزيه، ولم يقتصروا على تأويل آيات الصفات بل توسعوا في باب التأويل (*) حيث شمل أكثر نصوص الإيمان، خاصة فيما يتعلق بإثبات الزيادة والنقصان، وكذلك موضوع عصمة الأنبياء . أما مذهب السلف فإنهم يثبتون النصوص الشرعية دون تأويل معنى النص ـ بمعنى تحريفه ـ أو تفويضه (*)، سواءً كان في نصوص الصفات أو غيرها .





الأشاعرة في الإيمان بين: المرجئة (*) التي تقول يكفي النطق بالشهادتين دون العمل لصحة الإيمان، وبين الجهمية (*) التي تقول يكفي التصديق القلبي . ورجح الشيخ حسن أيوب من المعاصرين أن المصدق بقلبه ناجٍ عند الله وإن لم ينطق بالشهادتين، (تبسيط العقائد الإسلامية 29ـ32) . و مال إليه البوطي و (كبرى اليقينيات 196) . وفي هذا مخالفة لمذهب أهل السنة والجماعة الذين يقولون إن الإيمان قول وعمل واعتقاد، ومخالفة لنصوص القرآن الكريم الكثيرة منها: (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواءً محياهم و مماتهم ساء ما يحكمون) [الجاثية:21]. عليه يكون إبليس من الناجين من النار لأنه من المصدقين بقلوبهم، وكذلك أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن هناك داع لحرص النبي صلى الله عليه وسلم على قوله لا إله إلا الله محمد رسول الله وغير ذلك كثير .





الأشاعرة مضطربون في قضية التكفير (*) فتارة يقولون لا نكفر أحداً، وتارة يقولون لا نكفر إلا من كفرنا، وتارة يقولون بأمور توجب التفسيق و التبديع أو بأمور لا توجب التفسيق والتبديع، فمثلاً يكفرون من يثبت علو الله الذاتي أو من يأخذ بظواهر النصوص حيث يقولون: إن الأخذ بظواهر النصوص من أصول الكفر .





أما أهل السنة والجماعة (*) فيرون أن التكفير حق لله تعالى لا يطلق إلا على من يستحقه شرعاً،ولا تردد في إطلاقه على من ثبت كفره بإثبات شروط وانتفاء موانع 0





قولهم بأن القرآن ليس كلام الله على الحقيقة ولكنه كلام الله النفسي وأن الكتب بما فيها القرآن مخلوقة . يقول صاحب الجوهرة: " يمتنع أن يقال إن القرآن مخلوق إلا في مقام التعليم " وذلك في محاولة لم يحالفها النجاح للتوفيق بين أهل السنة والجماعة (*) والمعتزلة .أما مذهب أهل السنة والجماعة فهو: أن القرآن كلام الله غير مخلوق وأنه تعالى يتكلم بكلام مسموع تسمعه الملائكة وسمعه جبريل و سمعه موسى ـ عليه السلام ـ ويسمعه الخلائق يوم القيامة . يقول تعالى: (وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله).





والإيمان والطاعة بتوفيق الله، والكفر (*) والمعصية بخذلانه ، والتوفيق عند الأشعري، خلق القدرة على الطاعة، والخذلان عنده: خلق القدرة على المعصية، وعند بعض أصحاب الأشعري، تيسير أسباب الخير هو التوفيق وضده الخذلان .





كل موجود يصح أن يرى، والله موجود يصح أن يُرى، وقد ورد في القرآن أن المؤمنين يرونه في الآخرة، قال تعالى: (وجوه يومئذٍ ناضرة إلى ربها ناظرة) [القيامة:22]. ولكن يرى الأشاعرة أنه لا يجوز أن تتعلق به الرؤية على جهة ومكان وصورة ومقابلة واتصال شعاع فإن كل ذلك مستحيل ! وفي ذلك نفي لعلو الله تعالى والجهة بل ونفي للرؤية نفسها . ويقترب الرازي كثيراً من قول المعتزلة في تفسيره للرؤية بأنها مزيد من الانكشاف العلمي .





حصر الأشاعرة دلائل النبوة (*) بالمعجزات (*) التي هي الخوارق، موافقة للمعتزلة وإن اختلفوا معهم في كيفية دلالتها على صدق النبي صلى الله عليه وسلم بينما يرى جمهور أهل السنة أن دلائل ثبوت النبوة (*) للأنبياء كثيرة ومنها المعجزات .





صاحب الكبيرة (*) إذا خرج من الدنيا بغير توبة حكمه إلى الله تعالى، إما أن يغفر له برحمته، وإما أن يشفع فيه النبي صلى الله عليه وسلم، موافقة لمذهب (*) أهل السنة والجماعة (*) .





يعتقد الأشاعرة أن قدرة العبد لا تأثير لها في حدوث مقدورها ولا في صفة من صفاته، وأن الله تعالى أجرى العادة بخلق مقدورها مقارناً لها، فيكون الفعل خلقاً من الله وكسباً من العبد لوقوعه مقارناً لقدرته . ولقد عدَّ المحققون " الكسب " هذا من محالات الكلام وضربوا له المثل في الخفاء والغموض، فقالوا: " أخفى من كسب الأشعري "، وقد خرج إمام الحرمين وهو من تلاميذ الأشعري عن هذا الرأي، وقال بقول أهل السنة والجماعة بل والأشعري نفسه في كتاب الإبانة رجع عن هذا الرأي .





قالوا بنفي الحكمة والتعليل في أفعال الله مطلقاً، ولكنهم قالوا إن الله يجعل لكل نبي معجزة لأجل إثبات صدق النبي صلى الله عليه وسلم فتناقضوا في ذلك بين ما يسمونه نفي الحكمة والغرض وبين إثبات الله للرسول(*) المعجزة تفريقاً بينه وبين المتنبئ .





وافق الأشاعرة أهل السنة والجماعة في الإيمان بأحوال البرزخ، وأمور الآخرة من: الحشر والنشر، والميزان، والصراط، والشفاعة والجنة والنار، لأنها من الأمور الممكنة التي أقر بها الصادق صلى الله عليه وسلم، وأيدتها نصوص الكتاب والسنة، وبذلك جعلوها من النصوص السمعية .





كما وافقوهم في القول في الصحابة على ترتيب خلافتهم، وأن ما وقع بينهم كان خطأ وعن اجتهاد منهم، ولذا يجب الكف عن الطعن فيهم، لأن الطعن فيهم إما كفر، أو بدعة، أو فسق، كما يرون الخلافة في قريش، وتجوز الصلاة خلف كل برٍ وفاجر، ولا يجوز الخروج على أئمة الجور . بالإضافة إلى موافقة أهل السنة في أمور العبادات والمعاملات .





فضلاً عن تصدي الأشعري للمعتزلة ومحاجتهم بنفس أسلوبهم الكلامي ليقطع شبهاتهم ويرد حجتهم عليهم، تصدى أيضاً للرد على الفلاسفة والقرامطة والباطنية (*)، والروافض (*) وغيرهم من أهل الأهواء الفاسدة والنحل الباطلة .





والأشعري في كتاب الإبانة عن أصول الديانة الذي هو آخر ما ألَّف من الكتب على أصح الأقوال (1)، رجع عن كثير من آرائه الكلامية إلى طريق السلف في الإثبات وعدم التأويل .. يقول رحمه الله:" وقولنا الذي نقول به، وديانتنا التي ندين بها التمسك بكتاب ربنا عز وجل وبسنة نبينا عليه السلام، وما روي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث ونحن بذلك معتصمون، وبما كان يقول به أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل ـ نضر الله وجهه، ورفع درجته، وأجزل مثوبته ـ قائلون، ولما خالف قوله مخالفون، لأنه الإمام الفاضل والرئيس الكامل الذي أبان الله به الحق، ورفع به ضلال الشاكِّين، فرحمة الله عليه من إمام مقدَّم وجليل معظَّم وكبير مفخَّم ".





إن مدرسة الأشعرية الفكرية لا تزال مهيمنة على الحياة الدينية في العالم الإسلامي، ولكنها كما يقول الشيخ أبو الحسن الندوي: " فقدت حيويتها ونشاطها الفكري، وضعف إنتاجها في الزمن الأخير ضعفاً شديداً وبدت فيها آثار الهرم والإعياء ". لماذا ؟





ـ لأن التقليد طغى على تلاميذ هذه المدرسة وأصبح علم الكلام (*) لديهم علماً متناقلاً بدون تجديد في الأسلوب .





ـ لإدخال مصطلحات الفلسفة (*) وأسلوبها في الاستدلال في علم الكلام .. فكان لهذا أثر سيئ في الفكر الإسلامي، لأن هذا الأسلوب لا يفيد العلم القطعي .. ولهذا لم يتمثل الأشاعرة بعد ذلك مذهب أهل السنة والجماعة (*) ومسلك السلف، تمثُّلاً صحيحاً، لتأثرهم بالفلاسفة وإن هم أنكروا ذلك .. حتى الغزالي نفسه الذي حارب الفلاسفة في كتابه تهافت الفلاسفة يقول عنه تلميذه القاضي ابن العربي: " شيخنا أبو حامد دخل في بطون الفلاسفة، ثم أراد أن يخرج منهم فما قدر".





ـ تصدي شيخ الإسلام ابن تيمية لجميع المذاهب الإسلامية التي انحرفت عن الكتاب والسنة ـ ومنهم الأشاعرة وبخاصة المتأخرة منهم ـ في كتابه القيم: درء تعارض العقل والنقل وفنَّد آراءهم الكلامية، وبيَّن أخطاءهم وأكَّد أن أسلوب القرآن والسنة هو الأسلوب اليقيني للوصول إلى حقيقة التوحيد والصفات وغير ذلك من أمور العقيدة .





الجذور الفكرية والعقائدية:





كما رأينا في آراء أبي الحسن الأشعري في مرحلته الثانية أن العقيدة الإسلامية، كما هي في الكتاب والسنة وعلى منهج(*) ابن كلاب هي الأساس في آرائه الكلامية وفي ما يتفق مع أحكام العقل(*) .





تأثر أئمة المذهب بعد أبي الحسن الأشعري ببعض أفكار ومعتقدات: الجهمية(*) من الإرجاء(*) والتعطيل(*)، وكذلك بالمعتزلة والفلاسفة في نفي بعض الصفات وتحريف(*) نصوصها، ونفي العلو والصفات الخبرية كما تأثرو بالجبرية في مسألة القدر(*).





لا ينفي ذلك تأثرهم بعقيدة أهل السنة والجماعة (*) فيما وافقوهم فيها .





الانتشار ومواقع النفوذ:





انتشر المذهب (*) الأشعري في عهد وزارة نظام الملك الذي كان أشعريِّ العقيدة، وصاحب الكلمة النافذة في الإمبراطورية السلجوقية، ولذلك أصبحت العقيدة الأشعرية عقيدة شبه رسمية تتمتع بحماية الدولة .





وزاد في انتشارها وقوتها مدرسة بغداد النظامية، ومدرسة نيسابور النظامية، وكان يقوم عليهما رواد المذهب الأشعري، وكانت المدرسة النظامية في بغداد أكبر جامعة إسلامية في العالم الإسلامي وقتها، كما تبنى المذهب وعمل على نشره المهدي بن تومرت مهدي الموحدين، ونور الدين محمود زنكي، والسلطان صلاح الدين الأيوبي، بالإضافة إلى اعتماد جمهرة من العلماء عليه، وبخاصة فقهاء الشافعية والمالكية المتأخرين . ولذلك انتشر المذهب في العالم الإسلامي كله، لا زال المذهب الأشعري سائداً في أكثر البلاد الإسلامية وله جامعاته ومعاهده المتعددة .





يتضح مما سبق:



أن الأشاعرة فرقة كلامية إسلامية تنسب إلى أبي الحسن الأشعري في مرحلته الثانية التي خرج فيها على المعتزلة ودعا فيها إلى التمسك بالكتاب والسنة، على طريقة ابن كلاب، وهي تثبت بالعقل (*) الصفات العقلية السبع فقط لله تعالى، (الحياة والعلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام) واختلفوا في صفة البقاء، أما الصفات الاختيارية والمتعلقة بالمشيئة من الرضا والغضب والفرح والمجيء والنزول فقد نفوها، بينما يؤلون الصفات الخبرية لله تعالى أو يفوضون معناها . ويؤمن متأخرو الأشاعرة ببعض الأفكار المنحرفة عن عقيدة أهل السنة والجماعة (*) التي تصدى لها ولغيرها شيخ الإسلام ابن تيمية، لا سيما في مجال العقيدة، حيث أكد أن أسلوب القرآن والسنة بفهم السلف الصالح هو الأسلوب اليقيني للوصول إلى حقيقة التوحيد والصفات وغير ذلك من أمور العقيدة والدين . وعموماً فإن عقيدة الأشاعرة تنسب إلى عقيدة أهل السنة والجماعة بالمعنى العام في مقابل الشيعة (*) ، وأن الأشاعرة وبخاصة أشاعرة العراق الأوائل أمثال أبو الحسن الأشعري، والباهلي، وابن مجاهد، والباقلاني وغيرهم، أقرب إلى السنة والحق من الفلاسفة والمعتزلة بل ومن أشاعرة خراسان كأبي بكر بن فورك وغيره، وإنهم ليحمدوا على مواقفهم في الدفاع عن السنة والحق في وجه الباطنية (*) والرافضة (*) والفلاسفة، فكان لهم جهدهم المحمود في هتك أستار الباطنية وكشف أسرارهم، بل وكان لهم جهادهم المشكور في كسر سورة المعتزلة والجهمية (*).





إلا أنه ينبغي عليهم وقد تبينت الأمور في هذا الزمان أن يتخلصوا من مخالفاتهم ، ويلحقوا بأهل السنة ، وما ذلك على الله بعزيز .





يتبــــــــــــــــع ------->



رد مع اقتباس
قديم 04-07-2011, 11:01 PM   رقم المشاركة : 4
مريد الشبول
 
الصورة الرمزية مريد الشبول





مريد الشبول غير متواجد حالياً

مريد الشبول سيصبح متميزا في وقت قريب


افتراضي

الماتريدية

التعريف:


الماتريدية: فرقة كلامية( بدعية )، تُنسب إلى أبي منصور الماتريدي، قامت على استخدام البراهين والدلائل العقلية والكلامية في محاججة خصومها، من المعتزلة والجهمية (*) وغيرهم، لإثبات حقائق الدين والعقيدة الإسلامية.


التأسيس وأبرز الشخصيات:


مرت الماتريدية كفرقة كلامية بعدة مراحل، ولم تُعرف بهذا الاسم إلا بعد وفاة مؤسسها، كما لم تعرف الأشعرية وتنتشر إلا بعد وفاة أبي الحسن الأشعري، ولذلك فإنه يمكن إجمالها في أربع مراحل رئيسية كالتالي:


مرحلة التأسيس: [000ـ333هـ] والتي اتسمت بشدة المناظرات مع المعتزلة وصاحب هذه المرحلة:


ـ أبو منصور الماتريدي: [ 000ـ333هـ]: هو محمد بن محمد بن محمود الماتريدي السمرقندي، نسبة إلى (ماتريد) وهي محلة قرب سمرقند فيما وراء النهر، ولد بها ولا يعرف على وجه اليقين تاريخ مولده، بل لم يذكر من ترجم له كثيراً عن حياته، أو كيف نشأ وتعلم، أو بمن تأثر. ولم يذكروا من شيوخه إلا العدد القليل مثل: نصير بن يحيى البلخي، وقيل نصر وتلقى عنه علوم الفقه الحنفي وعلوم الكلام (*).


ـ أطلق عليه الماتريدية، ومن وافقهم عدة ألقاب تدل على قدره وعلو منزلته عندهم مثل: "إمام المهدى"، "إمام المتكلمين".


قال عبد الله المرائي في كتاب الفتح المبين في طبقات الأصوليين: "كان أبو منصور قوي الحجة، فحما في الخصومة، دافع عن عقائد المسلمين، ورد شبهات الملحدين.." (1/193، 194). وقال عنه الشيخ أبو الحسن الندوي في كتابه رجال الفكر والدعوة "جهبذ من جهابذة الفكر الإنساني، امتاز بالذكاء والنبوغ وحذق الفنون العلمية المختلفة"(ص 139) بل كان يرجِّحه على أبي الحسن الأشعري في كتاب تاريخ الدعوة والعزيمة ( 1/114ـ115).


ـ عاصر أبا الحسن الأشعري، وعاش الملحمة بين أهل الحديث وأهل الكلام من المعتزلة وغيرهم، فكانت له جولاته ضد المعتزلة وغيرهم، ولكن بمنهاج (*) غير منهاج الأشعري، وإن التقيا في كثير من النتائج غير أن المصادر التاريخية لا تثبت لهما لقاء أو مراسلات بينهما، أو إطلاع على كتب بعضها.


ـ توفي عام 333هـ ودفن بسمرقند، وله مؤلفات كثيرة: في أصول الفقه والتفسير. ومن أشهرها: تأويلات أهل السنة أو تأويلات القرآن وفيه تناول نصوص القرآن الكريم، ولا سيما آيات الصفات، فأوَّلها تأويلات جهمية(*). و من أشهر كتبه في علم الكلام كتاب التوحيد وفيه قرر نظرياته الكلامية، وبيَّن معتقده في أهم المسائل الاعتقادية، ويقصد بالتوحيد: توحيد الخالقية والربوبية، وشيء من توحيد الأسماء والصفات، ولكن على طريقة الجهمية(*) بتعطيل كثير من الصفات بحجة التنزيه(*) ونفي التشبيه(*)؛ مخالفاً طريقة السلف الصالح. كما ينسب إليه شرح كتاب الفقه الأكبر للإمام أبي حنيفة، وله في الردود على المعتزلة رد الأصول الخمسة وأيضاً في الرد على الروافض(*) رد كتاب الإمامة لبعض الروافض، وفي الرد على القرامطة الرد على فروع القرامطة.


· مرحلة التكوين: [ 333ـ500هـ ]: وهي مرحلة تلامذة الماتريدي ومن تأثر به من بعده، وفيه أصبحت فرقة كلامية ظهرت أولاً في سمرقند، وعملت على نشر أفكار شيخهم وإمامهم، ودافعوا عنها، وصنفوا التصانيف متبعين مذهب الإمام أبي حنيفة في الفروع (الأحكام)، فراجت العقيدة الماتريدية في تلك البلاد أكثر من غيرها. ومن أشهر أصحاب هذه المرحلة: أبو القاسم إسحاق بن محمد بن إسماعيل الحكيم السمرقندي (342هـ)، عرف بأبي القاسم الحكيم لكثرة حكمه ومواعظه، وأبو محمد عبد الكريم بن موسى بن عيسى البزدوي (390هـ).


ثم تلى ذلك مرحلة أخرى تُعتبر امتداداً للمرحلة السابقة. ومن أهم وأبرز شخصياتها:


ـ أبو اليسر البزدوي [421ـ493هـ]: هو محمد بن محمد بن الحسين ابن عبد الكريم، والبزدوي نسبة إلى بزدوة ويقال بزدة، ولقب بالقاضي الصدر، وهو شيخ الحنفية بعد أخيه الكبير علي البزودي، ولد عام (421هـ).


ـ تلقى العلم على يد أبيه، الذي أخذه عن جده عبد الكريم تلميذ أبي منصور الماتريدي، قرأ كتب الفلاسفة أمثال الكندي، وغيره، وكذلك كتب المعتزلة أمثال الجبائي، والكعبي، والنّظام، وغيرهم، وقال فيها: "لا يجوز إمساك تلك الكتب والنظر فيها؛ لكي لا تحدث الشكوك، وتوهن الاعتقاد"، ولا يرى نسبة الممسك إلى البدعة(*). كما اطلع على كتب الأشعري، وتعمق فيها، وقال بجواز النظر فيها بعد معرفة أوجه الخطأ فيها، كما اطلع على كتابي التأويلات، والتوحيد للماتريدي فوجد في كتاب التوحيد قليل انغلاق وتطويل، وفي ترتيبه نوع تعسير، فعمد إلى إعادة ترتيبه وتبسيطه مع ذكر بعض الإضافات عليه في كتاب أصول الدين.


ـ أخذ عن الشيخ أبو اليسر البزدوي جمٌّ غفير من التلاميذ؛ ومن أشهرهم: ولده القاضي أبو المعاني أحمد، ونجم الدين عمر بن محمد النسفي صاحب العقائد النسفية، وغيرهما.


ـ توفي في بخارى في التاسع من رجب سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة.


مرحلة التأليف والتأصيل للعقيدة الماتريدية: [500ـ700هـ]: وامتازت بكثرة التأليف وجمع الأدلة للعقيدة الماتريدية؛ ولذا فهي أكبر الأدوار السابقة في تأسيس العقيدة، ومن أهم أعيان هذه المرحلة:


ـ أبو المعين النسفي [438ـ508هـ]: وهو ميمون بن محمد بن معتمد النسفي المكحولي، والنسفي نسبة إلى نسف وهي مدينة كبيرة بين جيحون وسمرقند، والمكحولي نسبة إلى جده الأكبر، ولكن نسبته إلى بلده غلبت نسبته إلى جده، وله ألقاب عدة أشهرها: سيف الحق والدين.


ـ ويعد من أشهر علماء الماتريدية، إلا أن من ترجم له لم يذكر أحداً من شيوخه، أو كيفية تلقيه العلم، يقول الدكتور فتح الله خليف: "ويعتبر الإمام ! أبو المعين النسفي من أكبر من قام بنصرة مذهب الماتريدي، وهو بين الماتريدية كالباقلاني والغزالي بين الأشاعرة، ومن أهم كتبه تبصرة الأدلة، ويعد من أهم المراجع في معرفة عقيدة الماتريدية بعد كتاب التوحيد للماتريدي، بل هو أوسع مرجع في عقيدة الماتريدية على الإطلاق، وقد اختصره في كتابه التمهيد، وله أيضاً كتاب بحر الكلام، وهو من الكتب المختصرة التي تناول فيها أهم القضايا الكلامية".


ـ توفي في الخامس والعشرين من ذي الحجة سنة ثمانٍ وخمسمائة، وله سبعون سنة.


ـ نجم الدين عمر النسفي [462ـ537هـ]: هو أبو حفص نجم الدين عمر بن محمد ابن أحمد بن إسماعيل … بن لقمان الحنفي النسفي السمرقندي، وله ألقاب عدة أشهرها: نجم الدين، ولد في نسف سنة إحدى أو اثنتين وستين وأربعمائة.


ـ كان من المكثرين من الشيوخ، فقد بلغ عدد شيوخه خمسمائة رجلاً ومن أشهرهم: أبو اليسر البزدوي، وعبد الله بن علي بن عيسى النسفي. وأخذ عنه خلقٌ كثير، وله مؤلفات بلغت المائة، منها: مجمع العلوم، التيسير في تفسير القرآن، النجاح في شرح كتاب أخبار الصحاح في شرح البخاري وكتاب العقائد المشهورة بالعقائد النسفية، والذي يعد من أهم المتون في العقيدة الماتريدية وهو عبارة عن مختصر لتبصرة الأدلة لأبي المعين النسفي قال فيه السمعاني في ترجمة له: "كان إماماً فاضلاً متقناً، صنَّف في كل نوع من التفسير والحديث.. فلما وافيت سمرقند استعرت عدة كتب من تصانيفه، فرأيت فيها أوهاماً كثيرة خارجة عن الحد، فعرفت أنه كان ممن أحب الحديث، ولم يرزق فهمه".


ـ توفي بسمرقند ليلة الخميس ثاني عشر من جمادى الأولى سنة سبع وثلاثين وخمسمائة.


مرحلة التوسع والانتشار: [700ـ1300هـ]: وتعد من أهم مراحل الماتريدية حيث بلغت أوجَ توسعها وانتشارها في هذه المرحلة؛ وما ذلك إلا لمناصرة سلاطين الدولة العثمانية، فكان سلطان الماتريدية يتسع حسب اتساع سلطان الدولة العثمانية، فانتشرت في: شرق الأرض، وغربها، وبلاد العرب، والعجم، والهند، والترك، وفارس، والروم.


وبرز فيها أمثال: الكمال بن الهمام صاحب المسايرة في العقائد المنجية في الآخرة، والذي ما زال يدرَّس في بعض الجامعات الإسلامية. وفي هذا الدور كثرت فيها تأليف الكتب الكلامية من: المتون، والشروح، والشروح على الشروح، والحواشي على الشروح.


وهناك مدراس مازالت تتبنى الدعوة للماتريدية في شبه القارة الهندية وتتمثل في:


ـ مدرسة ديوبند و الندوية [1283هـ ـ …] وفيها كثر الاهتمام بالتأليف في علم الحديث وشروحه، فالديوبندية أئمة في العلوم النقلية والعقلية؛ إلا أنهم متصوفة محضة، وعند كثير منهم بدعٌ قبورية، كما يشهد عليهم كتابهم المهنَّد على المفنَّد لـ الشيخ خليل أحمد السهارنفوري أحد أئمتهم، وهو من أهم كتب الديوبندية في العقيدة، ولا تختلف عنها المدرسة الندوية في كونها ماتريدية العقيدة.


ـ مدرسة البريلوي [1272هـ ـ…] نسبة إلى زعيمهم أحمد رضا خان الأفغاني الحنفي الماتريدي الصوفي الملقب بعبد المصطفي [1340هـ] وفي هذا الدور يظهر الإشراك الصريح، والدعوة إلى عبادة القبور، وشدة العداوة للديوبندية، وتكفيرهم فضلاً عن تكفير(*) أهل السنة(*).


ـ مدرسة الكوثري [ 1296هـ ـ …] و تنسب إلى الشيخ محمد زاهد الكوثري الجركسي الحنفي الماتريدي (1371هـ) ويظهر فيها شدة الطعن في أئمة الإسلام ولعنهم، وجعلهم مجسمة ومشبهة، وجعل كتب السلف ككتب: التوحيد، الإبانة، الشريعة، والصفات، والعلو، وغيرها من كتب أئمة السنة، كتب وثنيةٍ(*) وتجسيمٍ وتشبيهٍ(*)، كما يظهر فيها أيضاً شدة الدعوة إلى البدع(*) الشركية وللتصوف من تعظيم القبور والمقبورين تحت ستار التوسل. انظر تعليقات الكوثري على كتاب الأسماء والصفات للبيهقي، وكتاب مقالات الكوثري.


أهم الأفكار والمعتقدات:


من حيث مصدر التلقي: قسّم الماتريدية أصول الدين حسب التلقي إلى:


ـ الإلهيات [العقليات]: وهي ما يستقل العقل(*) بإثباتها والنقل تابع له، وتشمل أبواب التوحيد والصفات.


ـ الشرعيات [السمعيات]: وهي الأمور التي يجزم العقل بإمكانها ثبوتاً ونفياً، ولا طريق للعقل إليها مثل: النبوات، و عذاب القبر، وأمور الآخرة، علماُ بأن بعضهم جعل النبوات من قبيل العقليات.


ولا يخفي ما في هذا من مخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة(*) حيث أن القرآن والسنة وإجماع(*) الصحابة هم مصادر التلقي عندهم، فضلاُ عن مخالفتهم في بدعة تقسيم أصول الدين إلى: عقليات وسمعيات، والتي قامت على فكرة باطلة أصّلها الفلاسفة من: أن نصوص الدين(*) متعارضة مع العقل، فعملوا على التوسط بين العقل والنقل، مما اضطرهم إلى إقحام العقل في غير مجالات بحثه؛ فخرجوا بأحكام باطلة تصطدم مع الشرع ألجأتهم إلى التأويل(*) والتفويض(*)، بينما لا منافاة عند أهل السنة والجماعة بين العقل والسليم الصريح والنقل الصحيح.


بناءً على التقسيم السابق فإن موقفهم من الأدلة النقلية في مسائل الإلهيات [العقليات] كالتالي:


ـ إن كان من نصوص القرآن الكريم والسنة المتواترة(*) مما هو قطعي الثبوت قطعي الدلالة عندهم، أي مقبولاً عقلاُ، خالياً من التعارض مع عقولهم؛ فإنهم يحتجون به في تقرير العقيدة. وأما إن كان قطعي الثبوت ظني الدلالة عندهم أي: مخالفاً لعقولهم، فإنه لا يفيد اليقين، ولذلك تُؤوَّل الأدلة النقلية بما يوافق الأدلة العقلية، أو تفويض معانيها إلى الله عز وجل. وهم في ذلك مضطربون، فليست عندهم قاعدة مستقيمة في التأويل(*) والتفويض(*)؛ فمنهم من رجّح التأويل على التفويض، ومنهم من رجّح التفويض، ومنهم من أجاز الأمرين، وبعضهم رأى أن التأويل لأهل النظر والاستدلال، والتفويض أليق للعوام.


والملاحظ أن القول بالتأويل(*) لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحاب القرون المفضلة، وإنما هي بدعة دخلت على الجهمية(*) والمعتزلة(*) من اليهود والنصارى، وإلى التأويل يرجع جميع ما أُحدث في الإسلام من بدع فرَّقت شمل الأمة، وهو أشرُّ من التعطيل؛ حيث يستلزم التشبيه(*)، والتعطيل، واتهاماً للرسول صلى الله عليه وسلم بالجهل، أو كتمان بيان ما أنزل الله.


وأما القول بالتفويض(*) فهو من أشر أقوال أهل البدع لمناقضته ومعارضته نصوص التدبر للقرآن، واستلزام تجهيل الأنبياء والمرسلين برب العالمين.


ـ وإن كان من أحاديث الآحاد(*) فإنها عندهم تفيد الظن، ولا تفيد العلم اليقيني، ولا يعمل بها في الأحكام الشرعية مطلقاً، بل وفق قواعدهم وأصولهم التي قرروها، وأما في العقائد فإنه لا يحتج بها، ولا تثبت بها عقيدة، وإن اشتملت على جميع الشروط المذكورة في أصول الفقه(*)، وإن وردت مخالفة للعقل(*) ولا تحتمل التأويل رُدَّت بافتراء ناقله أو سهوه أو غلطة، وإن كانت ظاهرة فظاهرها غير مراد، وهذا موقف الماتريدية قديماً وحديثاً؛ حتى أن الكوثري ومن وافقه من الديوبندية طعنوا في كتب السنة بما فيها الصحيحين، وفي عقيدة أئمة السنة بما فيها الصحيحين، وفي عقيدة أئمة السنة مثل: حماد بن سلمة راوي أحاديث الصفات، والإمام الدارمي عثمان بن سعيد صاحب السنن. وهذا قول مبتدع محدث ابتدعته القدرية(*) والمعتزلة(*)، لأن الأحاديث حجة عليهم وهو مخالف لفعل النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان يبعث الرسل إلى الملوك والرؤساء فُرادَى يدعونهم إلى الإسلام. وكذلك فإن تقسيم ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى متواتر(*) وآحاد (*) لم يكن معروفاً في عصر الصحابة والتابعين.


ـ كما رتبوا على ذلك وجوب معرفة الله تعالى بالعقل (*) قبل ورود السمع، واعتبروه أول واجب على المكلف، ولا يعذر بتركه ذلك، بل يعاقب عليه ولو قبل بعثة الأنبياء والرسل. وبهذا وافقوا قول المعتزلة: وهو قول ظاهر البطلان، تعارضه الأدلة من الكتاب والسنة التي تبين أن معرفة الله تعالى يوجبها العقل، ويذم من يتركها، لكن العقاب على الترك لا يكون إلا بعد ورود الشرع، يقول الله تعالى (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً) [سورة الإسراء الآية 15] وأن أول واجب على المكلف، وبه يكون مسلماً: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، والبراءة من كل دين(*) يخالف دين الإسلام على الإجمال، ولهذا لما أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل إلى اليمن لم يأمره بغير ذلك. وكذلك الأنبياء لم يدعوا أقوامهم إلا بقول (اعبدوا الله ما لكم من إله غيره) [سورة الأعراف الآية 59].


ـ وقالوا أيضاً بالتحسين والتقبيح العقليين(*)، حيث يدرك العقل حسن الأشياء وقبحها، إلا أنهم اختلفوا في حكم الله تعالى بمجرد إدراك العقل للحسن والقبح. فمنهم من قال: إن العباد يعاقبون على أفعالهم القبيحة ولو لم يبعث إليهم رسول ؛ كما سبق، ومنهم من قال بعكس ذلك.


ـ وذهبت كذلك الماتريدية كغيرها من الفرق الكلامية إلى أن المجاز واقع في اللغة والقرآن والحديث ؛ ويقصدون بالمجاز بأنه اللفظ المستعمل في غير ما وضع له، وهو قسيم الحقيقة عندهم. ولذلك اعتمدوا عليه في تأويل النصوص دفعاً ـ في ظنهم ـ لشبه التجسيم والتشبيه (*). وهو بهذا المعنى : قول مبتدع، محدث، لا أصل له في اللغة ولا في الشرع. ولم يتكلم فيه أئمة اللغة: كالخليل بن أحمد، وسيبويه فضلاً عن أئمة الفقهاء والأصوليين المتقدمين.


ـ مفهوم التوحيد عند الماتريدية هو: إثبات أن الله تعالى واحد في ذاته، لا قسيم له، ولا جزء له، واحد في صفاته، لا شبيه له، واحد في أفعاله، لا يشاركه أحد في إيجاد المصنوعات، ولذلك بذلوا غاية جهدهم في إثبات هذا النوع من التوحيد باعتبار أن الإله (*) عندهم هو: القادر على الاختراع. مستخدمين في ذلك الأدلة والمقاييس العقلية والفلسفية التي أحدثها المعتزلة والجهمية (*)، مثل دليل حدوث الجواهر والأعراض، وهي أدلة طعن فيها السلف والأئمة وأتباعهم وأساطين الكلام والفلسفة (*) وبينوا أن الطرق التي دل عليها القرآن أصح. بيّن ذلك أبو الحسن الأشعري في رسالته إلى أهل الثغر، وابن رشد الحفيد في مناهج (*) الأدلة. وشيخ الإسلام ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل. وأيضاً خالفوا أهل السنة والجماعة (*) بتسويتهم بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية، فالإله عند أهل السنة: المألوه المعبود الذي يستحق العبادة وحده لا شريك له. وما أرسلت الرسل إلا لتقرير ذلك الأمر، ودعوة البشرية إلى توحيد الله تعالى في ربوبيته، وألوهيته، وأسمائه وصفاته.


ـ أثبتوا لله تعالى أسماءه الحسنى، وقالوا: لا يسمَّى الله تعالى إلا بما سمى به نفسه، وجاء به الشرع. وفي ذلك وافقوا أهل السنة والجماعة في القول بالتوقيف في أسمائه تعالى إلا أنهم خالفوهم فيما أدخلوه في أسمائه تعالى: كالصانع، القديم،الذات … حيث لم يفرقوا بين باب الإخبار عن الله تعالى وباب التسمية.


ـ وقالوا بإثبات ثماني صفاتٍ لله تعالى فقط، على خلاف بينهم وهي: الحياة، القدرة، العلم، الإرادة، السمع، البصر، الكلام، التكوين. وعلى أن جميع الأفعال المتعدية ترجع إلى التكوين، أما ما عدا ذلك من الصفات التي دل عليها الكتاب والسنة [ الصفات الخبرية ] من صفات ذاتية، أو صفات فعلية، فإنها لا تدخل في نطاق العقل (*)، ولذلك قالوا بنفيها جميعاً. أما أهل السنة والجماعة (*) فهم كما يعتقدون في الأسماء يعتقدون في الصفات وأنها جميعاً توقيفية، ويؤمنون بها " بإثبات بلا تشبيه، وتنزيه بلا تعطيل، مع تفويض الكيفية وإثبات المعنى اللائق بالله ـ تعالى ـ لقوله تعالى: ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ).


ـ قولهم بأن القرآن الكريم ليس بكلام الله تعالى على الحقيقة، وإنما هو كلام الله تعالى النفسي، لا يسمع، وإنما يسمع ما هو عبارة عنه، ولذلك فإن الكتب بما فيها القرآن مخلوقة ؛ وهو قول مبتدع محدث لم يدل عليه الكتاب ولا السنة، ولم يرد عن سلف الأمة. وأول من ابتدعه ابن كلاب. فالله تعالى يتكلم إذا شاء متى شاء بما شاء، ولا يزال يتكلم كما كلم موسى، ويكلم عباده يوم القيامة، والقرآن كلام الله تعالى على الحقيقة، غير مخلوق. وكذلك التوراة والإنجيل والزبور. وهذا ما عليه أهل السنة والجماعة من سلف الأمة الصالح ومن تبعهم بإحسان.


ـ تقول الماتريدية في الإيمان أنه التصديق بالقلب فقط، وأضاف بعضهم الإقرار باللسان، ومنعوا زيادته ونقصانه، وقالوا بتحريم الاستثناء فيه، وأن الإسلام والإيمان مترادفان، لا فرق بينهما، فوافقوا المرجئة (*) في ذلك، وخالفوا أهل السنة والجماعة (*)، حيث إن الإيمان عندهم: اعتقاد بالجنان، وقول باللسان، و عمل بالأركان. يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية. ويجوز الاستثناء فيه [ والمقصود عدم تزكية النفس ] والإيمان والإسلام متلازمان، إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا.


وافقت الماتريدية أهل السنة والجماعة في الإيمان بالسمعيات مثل: أحوال البرزخ، وأمور الآخرة من: الحشر، والنشر، والميزان، والصراط، والشفاعة، والجنة، والنار ؛ لأنهم جعلوا مصدر التلقي فيها السمع، لأنها من الأمور الممكنة التي أخبر بها الصادق صلى الله عليه وسلم، وأيدتها نصوص الكتاب والسنة.


ـ وبالتالي فإنهم أثبتوا رؤية الله تعالى في الآخرة ؛ ولكن مع نفي الجهة والمقابلة. وهذا قول متناقض حيث أثبتوا ما لا يمكن رؤيته، ولا يخفي مخالفته لما عليه أهل السنة والجماعة.


كما وافقت الماتريدية أهل السنة والجماعة في القول في الصحابة على ترتيب خلافتهم، وأن ما وقع بينهم كان خطأ عن اجتهاد منهم ؛ ولذا يجب الكف عن الطعن فيهم، لأن الطعن فيهم إما كفر(*)، أو بدعة (*)، أو فسق. كما يرون أن الخلافة (*) في قريش، وتجوز الصلاة خلف كل برٍ وفاجرٍ، ولا يجوز الخروج على الإمام الجائر.


وأيضاً وافقوا أهل السنة والجماعة في القول: بالقدر(*)، والقدرة، والاستطاعة، على أن كل ما يقع في الكون بمشيئة الله تعالى وإرادته، وأن أفعال العباد من خير وشر من خلق الله تعالى وأن للعباد أفعالاً اختيارية، يثأبون عليها، ويعاقبون عليها، وأن العبد مختار في الأفعال التكليفية غير مجبور على فعلها.


قالت الماتريدية بعدم جواز التكليف بما لا يُطاق موافقة المعتزلة في ذلك، والذي عليه أهل السنة والجماعة (*) هو: التفضيل، وعدم إطلاق القول بالجواز أو بالمنع.


الجذور الفكرية والعقائدية:


يتبين للباحث أن عقيدة الماتريدية فيها حق وباطل؛ فالحق أخذوه عن أهل السنة من الحنفية السلفية (*)، وغيرهم ؛ لأن المستقرىء للتاريخ يجد أن الحنفية بعد الإمام أبي حنيفة رحمه الله تفرقوا فرقاً شتى في وقت مبكر، ولم يَسٍر على سيرة الإمام أبي حنيفة وصاحبيه إلا من وفقه الله عز وجل. وقد كانت الغلبة في ذلك للأحناف المنتسبين للفرق المبتدعة من: جهمية (*)، ومعتزلة (*). ولأن المصادر التاريخية لم تُشِر إلى كيفية تلقي أبي منصور الماتريدي العلم أو من تأثر بهم من العلماء، نستطيع ترجيح الآتي:


ـ تأثُّر أبو منصور الماتريدي مباشرة أو بواسطة شيوخه بعقائد الجهمية (*) من الإرجاء (*) والتعطيل (*)؛ وكذلك المعتزلة (*) والفلاسفة في نفي بعض الصفات وتحريف نصوصها، ونفي العلو والصفات الخبرية ظناً منه أنها عقيدة أهل السنة.


ـ تأثر بابن كلاب ( 240هـ ) أول من ابتدع القول بالكلام النفسي لله عز وجل في بدعته هذه، وأن لم يثبت لهما لقاء، حيث توفي ابن كلاب قبل مولده، بل صرح شيخ الإسلام ابن تيمية أن أبا منصور الماتريدي تابع ابن كلاب في عدة مسائل: الصفات، وما يتعلق بها، كمسألة القرآن هل سبحانه يتكلم بمشيئته وقدرته ؟ ومسألة الاستثناء في الإيمان. ( مجموع الفتاوى 7/433، منهاج السنة 2/362).


الانتشار ومواقع النفوذ:


انتشرت الماتريدية، وكثر أتباعها في بلاد الهند وما جاورها من البلاد الشرقية: كالصين، وبنغلاديش، وباكستان، وأفغانستان. كما انتشرت في بلاد تركيا، والروم، وفارس، وبلاد ما وراء النهر، والمغرب حسب انتشار الحنفية وسلطانهم، وما زال لهم وجود قوي في هذه البلاد، وذلك لأسباب كثيرة منها:


1 ـ المناصرة والتأييد من الملوك والسلاطين لعلماء المذهب، وبخاصة سلاطين الدولة العثمانية.


2 ـ للمدارس الماتريدية دورٌ كبير في نشر العقيدة الماتريدية، وأوضح مثال على ذلك: المدارس الديوبندية بالهند وباكستان وغيرها؛ حيث لا زال يدرَّس فيها كتب الماتريدية في العقيدة على أنها عقيدة أهل السنة والجماعة (*).


3 ـ النشاط البالغ في ميدان التصنيف في علم الكلام (*)، وردهم على الفرق المبتدعة الأخرى، مثل الجهمية (*) الأولي، والمعتزلة، والروافض (*).


4 ـ انتسابهم للإمام أبي حنيفة ومذهبه في الفروع.


يتضح مما سبق:

أن الماتريدية فرقة كلامية نشأت بسمرقند في القرن الرابع الهجري، وتنسب إلى أبي منصور الماتريدي، مستخدمة الأدلة والبراهين العقلية والفلسفية في مواجهة خصومها من المعتزلة، والجهمية وغيرهما من الفرق الباطنية(*)، في محاولة لم يحالفها التوفيق للتوسط بين مذهب أهل السنة والجماعة(*) في الاعتقاد ومذاهب المعتزلة والجهمية وأهل الكلام، فأعْلَوا شأن العقل(*) مقابل النقل، وقالوا ببدعة تقسيم أصول الدين إلى عقليات وسمعيات مما اضطرهم إلى القول بالتأويل(*) والتفويض(*)، وكذا القول بالمجاز في القرآن الكريم، والسنة النبوية، وعدم الأخذ بأحاديث الآحاد(*)، وبالقول بخلق الكتب ومنها: القرآن الكريم؛ وعلى أن القرآن الكريم كلام الله تعالى النفسي. مما قربَّهم إلى المعتزلة والجهمية في هذا الباب، وإلى المرجئة (*) في أبواب الإيمان، وأهل السنة والجماعة في مسائل: القدر(*)، وأمور الآخرة وأحوال البرزخ، وفي القول في الإمامة، والصحابة رضي الله عنهم. ولما كان مفهومهم للتوحيد أنه يقتصر على: توحيد الخالقية، والربوبية، مما مكن التصوف الفلسفي بالتغلغل في أوساطهم، فغلب على كبار منتسبيهم وقوي بقوة نفوذ وانتشار المذهب (*) ؛ لوجود أكثر من دولة تحميه وتؤيده مثل: الدولة العثمانية ؛ فضلاً عن وجود جامعات ومدارس مشهورة تعمل على نشره، وكان لانتسابهم لمذهب الإمام أبي حنيفة في الفروع أثره البالغ في انتشار المذهب الماتريدي إلى اليوم. ومع هذا فإن للماتريدية خدمات في الرد على: المعتزلة والباطنية والفلاسفة الملحدين والروافض (*)، ولهم جهود في خدمة كتب الحديث لا تخلو من ملحوظات .



يتبــــــع ------->
رد مع اقتباس
قديم 04-07-2011, 11:03 PM   رقم المشاركة : 5
مريد الشبول
 
الصورة الرمزية مريد الشبول





مريد الشبول غير متواجد حالياً

مريد الشبول سيصبح متميزا في وقت قريب


افتراضي

الشاذلية:من طرق الصوفية
التعريف:

طريقة صوفية تنسب إلى أبي الحسن الشاذلي، يؤمن أصحابها بجملة الأفكار والمعتقدات الصوفية، وإن كانت تختلف عنها في سلوك المريد وطريقة تربيته بالإضافة إلى اشتهارهم بالذكر المفرد "الله" أو مضمرًا "هو".

التأسيس وأبرز الشخصيات:

أبو الحسن الشاذلي: اختلف في نسبه، فمريدوه، وأتباعه ينسبونه إلى الأشراف ويصلون بنسبه إلى الحسن بن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنهما ـ كعادة أهل كل طريقة صوفية، وبعضهم ينسبه إلى الحسين، وبعضهم إلى غيره.

ـ ذكره الإمام الذهبي في العبر فقال: "الشاذلي: أبو الحسن علي بن عبد الله بن عبد الجبار المغربي، الزاهد، شيخ الطائفة الشاذلية، سكن الإسكندرية وله عبارات في التصوف توهم، ويتكلف له في الاعتذار عنها، وعنه أخذ أبو العباس المرسي، وتوفي الشاذلي بصحراء عيذاب متوجهًا إلى بيت الله الحرام في أوائل ذي القعدة 656هـ"، (عيذاب على طريق الصعيد بمصر).

ـ تتلمذ أبو الحسن الشاذلي في صغره على أبي محمد عبد السلام بن بشيش، في المغرب، وكان له أكبر الأثر في حياته العلمية والصوفية.

ـ ثم رحل إلى تونس، وإلى جبل زغوان، حيث اعتكف للعبادة، وهناك ارتقى منازل عالية، كما تزعم الصوفية.

ـ رحل بعد ذلك إلى مصر وأقام بالإسكندرية، حيث تزوج وأنجب أولاده شهاب الدين أحمد وأبو الحسن علي، وأبو عبد الله محمد وابنته زينب، وفي الإسكندرية أصبح له أتباع ومريدون، وانتشرت طريقته في مصر بعد ذلك، وانتشر صيته على أنه من أقطاب (*) الصوفية.

ـ تروي كتب الصوفية كثيرًا من كراماته (*) وأقواله البعيدة عن التصديق، التي تنطوي على مخالفة صريحة لعقيدة الإسلام وللكتاب والسنة، اللذين هما أساس دعوته كما يقول عن نفسه، ومن هذه الكرامات (*) والأقوال:

ـ ينقل الدكتور عبد الحليم محمود نقلاً عن درَّة الأسرار: "لما قدم المدينة زادها الله تشريفًا وتعظيمًا، وقف على باب الحرم من أول النهار إلى نصفه، عريان الرأس، حافي القدمين، يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسئل عن ذلك فقال: حتى يؤذن لي، فإن الله عز وجل يقول: (يا أيُّها الذينَ آمَنُوا لا تَدْخُلوا بيوتَ النبي إلا أن يؤذَنَ لكم) فسمع النداء من داخل الروضة الشريفة، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام: يا علي، ادخل". وهذا مخالف للعقيدة. ويقول عن نفسه: "لولا لجام الشريعة على لساني لأخبرتكم بما يكون في غد وبعد غد إلى يوم القيامة" وهذا ادعاءٌ لعلم الغيب وشرك بالله تعالى.

ـ للشاذلي أوراد تسمى حزب الشاذلي ورسالة الأمين في آداب التصوف رتَّبها على أبواب، وله السر الجليل في خواص حسبنا الله ونعم الوكيل وللإمام تقي الدين ابن تيمية رد على حزبه.

أبو العباس المرسي: أحمد بن عمر المرسي أبو العباس شهاب الدين، من أهل الإسكندرية، لا يُعرف تاريخ ولادته وأهله من مرسيه بالأندلس، توفي سنة 686هـ ـ 1287م.

ـ يعد خليفة أبي الحسن الشاذلي وصار قطبًا (*) بعد موته، حسب ما يقول الصوفية، وله مقام كبير ومسجد باسمه في مدينة الإسكندرية.

ـ قال عن نفسه: "والله لو حُجب عني رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفة عين ما عددت نفسي من المسلمين".

ـ وكان يدعي صحبة الخضر واللقاء معه.

ـ وكان له تأويل (*) باطني (*) مثل ما كان لشيخه أبي الحسن، ومثال ذلك ما ذكره تلميذه ابن عطاء الله الإسكندري: سمعت شيخنا رضي الله عنه يقول في قوله تعالى: (ما نَنْسَخْ من آيةٍ أو نُنْسِها نأتِ بخيرٍ منها أو مِثْلِها) أي: ما نُذهب من ولي (*) لله إلا ونأتي بخير منه أو مثله. وهذا إلحادٌ (*) بيِّنٌ في آيات الله تعالى.

ثم خلف على مشيخة الشاذلية بعد أبي العباس المرسي ياقوتُ العرش، وكان حبشيًّا، وسمي بالعرش لأن قلبه لم يزل تحت العرش كما تقول الصوفية، وما على الأرض إلا جسده. وقيل: لأنه كان يسمع أذان حملة العرش. هذا ما جاء في طبقات الشعراني، وهو من خرافات الصوفية التي لا تقف عند حد.

الأفكار والمعتقدات:

تشترك كل الطرق الصوفية في أفكار ومعتقدات واحدة، وإن كانت تختلف في أسلوب سلوك المريد أو السالك وطرق تربيته، ونستطيع أن نُجمِل أفكار الطريقة الشاذلية في نقاط محددة، مع العلم أن هذه النقاط كما سنرى قد تفسر لدى الصوفية غير التفسير المعهود لدى عامة العلماء والفقهاء، وهذه النقاط هي:

ـ التوبة: وهي نقطة انطلاق المريد أو السالك إلى الله تعالى.

ـ الإخلاص: وينقسم لديها إلى قسمين:
1 ـ إخلاص الصادقين.
2 ـ إخلاص الصِّدِّيقين.

ـ النية: وتعد أساس الأعمال والأخلاق (*) والعبادات.

ـ الخلوة: أي اعتزال الناس، فهذا من أسس التربية الصوفية. وفي الطريقة الشاذلية يدخل المريد الخلوة لمدة ثلاثة أيام قبل سلوك الطريق.

ـ الذكر: والأصل فيه ذكر الله تعالى، ثم الأوراد، وقراءة الأحزاب المختلفة في الليل والنهار. والذكر المشهور لدى الشاذلية هو ذكر الاسم المفرد لله أو مضمرًا (هو هو). وهذا الذكر بهذه المثابة بدعة (*)، وقد مر بنا ما قاله عنه ابن تيمية بأنه ليس بمشروع في كتاب ولا سنة، وأن الشرع لم يستحب من الذكر إلا ما كان تامًّا مفيدًا مثل: لا إله إلا الله، والله أكبر.

ـ الزهد: وللزهد تعاريف متعددة عند الصوفية منها:
1 ـ فراغ القلب مما سوى الله، وهذا هو زهد العارفين.
2 ـ وهو أيضًا ـ عندهم ـ الزهد في الحلال وترك الحرام.

ـ النفس: ركزت الشاذلية على أحوال للنفس هي:
1 ـ النفس مركز الطاعات إن زَكَتْ واتقت.
2 ـ النفس مركز الشهوات في المخالفات.
3 ـ النفس مركز الميل إلى الراحات.
4 ـ النفس مركز العجز في أداء الواجبات.

لذلك يجب تزكيتها حتى تكون مركز الطاعات فقط.

ـ الورع: وهو العمل لله وبالله على البينة الواضحة والبصيرة الكامنة.

ـ التوكل: وهو صرف القلب عن كل شيء إلا الله.

ـ الرضى:وهو رضى الله عن العبد.

ـ المحبة: وهي في تعريفهم: سفر القلب في طلب المحبوب، ولهج اللسان بذكره على الدوام.

ـ وللحب درجات لدى الشاذلية وأعلى درجاته ما وصفته رابعة العدوية بقولها:

أحبك حبَّين: حب الهوى وحبًّا لأنك أهل لذاك

ـ الذوق: ويعرِّفونه بأنه تلقي الأرواح للأسرار الطاهرة في الكرامات (*) وخوارق العادات، ويعدونه طريق الإيمان بالله والقرب منه والعبودية له. لذلك يفضل الصوفية العلوم التي تأتي عن طريق الذوق على العلوم الشرعية من الفقه والأصول وغير ذلك، إذ يقولون: علم الأذواق لا علم الأوراق، ويقولون: إن علم الأحوال يتم عن طريق الذوق، ويتفرع منه علوم الوجد (*) والعشق والشوق.

ـ علم اليقين: وهو معرفة الله تعالى معرفة يقينية، ولا يحصل هذا إلا عن طريق الذوق، أو العلم اللدني أو الكشف (*)..إلخ.

ومع ذلك فإن الشاذلي يقول بأن التمسك بالكتاب والسنة هو أساس طريقته، فمن أقواله: "إذا عارض كشفك الكتاب والسنة فتمسك بالكتاب والسنة ودع الكشف، وقل لنفسك إن الله تعالى قد ضمن لي العصمة في الكتاب والسنة، ولم يضمنها لي في جانب الكشف ولا الإلهام ولا المشاهدة".

ـ ويقول أيضًا: "كل علم يسبق إليك فيه الخاطر، وتميل إليه النفس وتلذّ به الطبيعة فارمِ به، وإن كان حقًّا، وخذ بعلم الله الذي أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم واقتدِ به وبالخلفاء والصحابة والتابعين من بعده".

وكذلك فإن الصوفية عامة يرون ـ ومنهم الشاذلية ـ أن علم الكتاب والسنة لا يؤخذان إلا عن طريق شيخ أو مربٍّ أو مرشد، ولا يتحقق للمريد العلم الصحيح حتى يطيع شيخه طاعة عمياء في صورة: "المريد بين يدي الشيخ كالميت بين يدي مُغسِّله" لذلك يُنظر إلى الشيخ نظرة تقديسية ترفعه عن مرتبته الإنسانية.

ـ السماع: وهو سماع الأناشيد والأشعار الغزلية الصوفية. وقد نقل عن أحد أعلام التصوف
قوله: "الصوفي هو الذي سمع السماع وآثره على الأسباب". ونقل عن الشعراني عن الحارث المحاسبي قوله: "مما يتمتع به الفقراء سماع الصوت الحسن"، و"إنه من أسرار الله تعالى في الوجود".

ـ وقد أفرد كُتَّاب التصوف للسماع أبوابًا منفصلة في مؤلفاتهم، لما له من أهمية خاصة عندهم.

ـ يكثر في السماع الأشعار التي تصل إلى درجة الكفر (*) والشرك، كرفع الرسول (*) صلى الله عليه وسلم إلى مرتبة عالية لم يقل بها أحد من أصحابه، ولا هي موجودة في كتاب ولا سنة، فضلاً عن الإكثار من الاستغاثة لا المناجاة كما يقول البعض:

يا كتاب الغيوب قد لجأنا إليك
يا شفاء القلوب الصلاة عليك

وهناك أفكار واعتقادات كثيرة يجدها القارئ في كتب التصوف مبتدعة (*) دخلت الفكر الإسلامي عن طريق الفلسفات (*) اليونانية والهندية.

الجذور الفكرية والعقائدية:

كانت المذاهب (*) الصوفية كلها عبارة عن مدارس تربوية تدعو إلى تزكية النفس وإلى الزهد في الدنيا والعمل الصالح، إلا أن هذه المدارس دخلتها الفلسفة اليونانية والفلسفة الهندية، وحتى النصرانية واليهودية وغيرها من الفلسفات، وذلك أثناء حركة الترجمة في القرن الرابع الهجري، فتأثرت الصوفية بها، وبدأ الانحراف في هذه المدارس عن الطريق الإسلامي السوي.

فقد أخذت الصوفية من الفلسفة (*) الهندية مراحل ترقِّي الإنسان إلى الفناء (*) أو الزفانا (*)، وذلك بتطهير نفسه بالجوع والزهد وترك الدنيا حتى يصل إلى السعادة الحقيقية.

وأخذت الصوفية الرهبانية (*) من النصرانية المنحرفة، وهو الانقطاع عن الناس والعزلة عن الخلق والزهد.

ومن الفلسفة اليونانية نظرية الفيض (*) الإلهي، والاتحاد (*) والحلول (*) عند بعض الصوفية.

ولو تتبع المدقق في المذاهب الصوفية لوجد العجب من المصطلحات والمعلومات البعيدة كل البعد عن تعاليم الشريعة الإسلامية (*) الواضحة البينة.

أماكن الانتشار:
مركز الشاذلي الأول هو مصر وبخاصة مدينة الإسكندرية، وطنطا، ودسوق بمحافظة كفر الشيخ، ثم انتشرت في باقي البلاد العربية. وأهم مناطق نشاطها سوريا والمغرب العربي، ولها وجود إلى الآن في ليبيا، وفي السودان في الوقت الحاضر.

يتضح مما سبق:
أن الشاذلية طريقة صوفية تنتسب إلى أبي الحسن الشاذلي، وهو علي بن عبد الله بن عبد الجبار بن يوسف أبو الحسن الهذلي الشاذلي نسبة إلى شاذلة في المغرب بشمال أفريقيا. وتشترك هذه الطريقة مع غيرها من الطرق الصوفية في كثير من الأفكار والمعتقدات، وإن كانت تختلف في أسلوب سلوك المريد أو سالك وطرق تربيته. ومجمل أفكار هذه الطريقة: التوبة، والإخلاص، النية، الخلوة، الذكر، الزهد، النفس، الورع، التوكل، الرضى، المحبة، الذوق، علم اليقين، السماع. ولهذه الألفاظ معانٍ تختلف بدرجات متفاوتة عن المعاني الشرعية.

أما علم القرآن والسنة فلا يؤخذان عند الشاذلي إلا عن طريق شيخ أو مُربٍّ أو مرشد، وهو ما يستوجب على السالك الطاعة العمياء لهم. ويؤخذ على الشاذلية ما يؤخذ على الطرق الصوفية من مآخذ انحرفت بسالكيها عن الطريق الإسلامي السوي.


يتبــــــــع --------->
رد مع اقتباس
قديم 04-07-2011, 11:05 PM   رقم المشاركة : 6
مريد الشبول
 
الصورة الرمزية مريد الشبول





مريد الشبول غير متواجد حالياً

مريد الشبول سيصبح متميزا في وقت قريب


افتراضي

من طرق الصوفية : التيجانية

التعريف:
التيجانية: فرقة صوفية يؤمن أصحابها بجملة الأفكار والمعتقدات الصوفية ويزيدون عليها الاعتقاد بإمكانية مقابلة النبي (*) صلى الله عليه وسلم، مقابلة مادية واللقاء به لقاءً حسيًّا في هذه الدنيا، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد خصهم بصلاة (الفاتح لما أُغلق) التي تحتل لديهم مكانة عظيمة.

التأسيس وأبرز الشخصيات:

المؤسس هو: أبو العباس أحمد بن محمد بن المختار ابن أحمد بن محمد سالم التيجاني، وقد عاش مابين (1150-1230هـ) (1737 ـ 1815م) وكان مولده في قرية عين ماضي من قرى الصحراء بالجزائر حاليًّا.

ـ حفظ القرآن الكريم ودرس شيئًا من الخليل.
ـ درس العلوم الشرعية، وارتحل متنقلاً بين فاس وتلمسان وتونس والقاهرة ومكة والمدينة ووهران.

ـ أنشأ طريقته عام ( 1196هـ) في قرية أبي سمغون وصارت فاس المركز الأول لهذه الطريقة، ومنها تخرج الدعوة لتنتشر في أفريقيا بعامة.

ـ أبرز آثاره التي خلَّفها لمن بعده زاويته التيجانية في فاس، وكتابه جواهر المعاني وبلوغ الأماني في فيض سيدي أبي العباس التيجاني الذي قام بجمعه تلميذه علي حرازم.

من مشاهيرهم بعد المؤسس:

ـ علي حرازم أبو الحسن بن العربي برادة المغربي الفاسي وقد توفي في المدينة النبوية.

ـ محمد بن المشري الحسني السابحي السباعي (ت1224هـ) صاحب كتاب الجامع لما افترق من العلوم وكتاب نصرة الشرفاء في الرد على أهل الجفاء.

ـ أحمد سكيرج العياشي 1295 ـ 1363هـ ولد بفاس، ودرس في مسجد القرويين، وعين مدرسًا فيه، تولى القضاء، وزار عددًا من مدن المغرب، وله كتاب الكوكب الوهاج وكتاب كشف الحجاب عمن تلاقى مع سيدي أحمد التيجاني من الأصحاب.

ـ عمر بن سعيد بن عثمان الفوتي السنغالي: ولد سنة 1797م في قرية الفار من بلاد ديمار بالسنغال حاليًّا، تلقى علومه في الأزهر بمصر، ولما رجع إلى بلاده أخذ ينشر علومه بين الوثنيين (*)، وكانت له جهود طيبة في مقاومة الفرنسيين. وقد كانت وفاته سنة 1283هـ، وخلفه من بعده اثنان من أتباعه، وأهم مؤلفاته رماح حزب الرحيم على نحور حزب الرجيم الذي كتبه سنة 1261 ـ 1845م.

ـ محمد عبد الحافظ بن عبد اللطيف بن سالم الشريف الحسني التيجاني المصري 1315 ـ 1398هـ وهو رائد التيجانية في مصر، وقد خلف مكتبة موجودة الآن في الزاوية التيجانية بالقاهرة وله كتاب الحق والخلق، وله الحد الأوسط بين من أفرط ومن فرط، وشروط الطريقة التيجانية كما أسس مجلة طريق الحق سنة 1370 ـ 1950م.

الأفكار والمعتقدات:

من حيث الأصل هم مؤمنون بالله سبحانه وتعالى إيمانًا يداخله كثير من الشركيات.

ينطبق عليهم ما ينطبق على الصوفية بعامة من حيث التمسك بمعتقدات المتصوفة وفكرهم وفلسفتهم ومن ذلك إيمانهم بوحدة الوجود، انظر جواهر المعاني1/259، وإيمانهم بالفناء (*) الذي يطلقون عليه اسم (وحدة الشهود (*)) انظر كذلك جواهر المعاني 1/191.

يقسمون الغيب إلى قسمين: غيب مطلق استأثر الله بعلمه، وغيب مقيد وهو ما غاب عن بعض المخلوقين دون بعض. ورغم أن هذا في عمومه قد يشاركهم فيه غيرهم من المسلمين إلا أنهم يتوسعون في نسبة علم الغيب إلى مشايخهم.

ـ يزعمون بأن مشايخهم يكشفون (*) عن بصائرهم، فهم يقولون عن شيخهم أحمد التيجاني: (ومن كماله رضي الله عنه نفوذ بصيرته الربانية وفراسته النورانية التي ظهر بمقتضاها في معرفة أحوال الأصحاب، وفي غيرها إظهار المضمرات وإخبار بمغيبات وعلم بعواقب الحاجات وما يترتب عليها من المصالح والآفات وغير ذلك من الأمور الواقعات"(انظر الجواهر 1/63).

يدعي زعيمهم أحمد التيجاني بأنه قد التقى بالنبي (*) صلى الله عليه وسلم لقاءً حسيًّا ماديًّا وأنه قد كلمه مشافهة، وأنه تعلم من النبي صلى الله عليه وسلم صلاة (الفتح لما أغلق). ـ صيغة هذه الصلاة: "اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق، والخاتم لما سبق، ناصر الحق بالحق، الهادي إلى صراطك المستقيم، وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم" ولهم في هذه الصلاة اعتقادات نسوق منها ما يلي:

ـ أن الرسول (*) صلى الله عليه وسلم أخبر بأن المرة الواحدة منها تعدل قراءة القرآن ست مرات.

ـ أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أخبره مرة ثانية بأن المرة الواحدة منها تعدل من كل ذكر ومن كل دعاء كبير أو صغير، ومن قراءة القرآن ستة آلاف مرة؛ لأنه كان من الأذكار. (انظر الجواهر 1/136).

ـ أن الفضل لا يحصل بها إلا بشرط أن يكون صاحبها مأذوناً بتلاوتها، وهذا يعني تسلسل نسب الإذن حتى يصل إلى أحمد التيجاني الذي تلقاه عن رسول الله ـ كما يزعم.

ـ أن هذه الصلاة هي من كلام الله تعالى بمنزلة الأحاديث القدسية، (انظر الدرة الفريدة 4/128).

ـ أن من تلا صلاة الفاتح عشر مرات كان أكثر ثواباً من العارف الذي لم يذكرها، ولو عاش ألف ألف سنة.

ـ من قرأها مرة كُفِّرت بها ذنوبه، ووزنت له ستة آلاف من كل تسبيح ودعاء وذكر وقع في الكون.. إلخ (انظر كتاب مشتهى الخارف الجاني 299 ـ 300).

يلاحظ عليهم شدة تهويلهم للأمور الصغيرة، وتصغيرهم للأمور العظيمة، على حسب هواهم، مما أدى إلى أن يفشو التكاسل بينهم والتقاعس في أداء العبادات والتهاون فيها وذلك لما يشاع بينهم من الأجر والثواب العظيمين على أقل عمل يقوم به الواحد منهم.

يقولون بأن لهم خصوصيات ترفعهم عن مقام الناس الآخرين يوم القيامة ومن ذلك:
ـ أن تخفف عنهم سكرات الموت.
ـ أن يظلهم الله في ظل عرشه.
ـ أن لهم برزخًا يستظلون به وحدهم.
ـ أنهم يكونون مع الآمنين عند باب الجنة حتى يدخلوها في الزمرة الأولى مع المصطفى صلى الله عليه وسلم وأصحابه المقربين.

يقولون بأن النبي (*) صلى الله عليه وسلم قد نهى أحمد التيجاني عن التوجه بالأسماء الحسنى، وأمره بالتوجه بصلاة الفاتح لما أغلق وهذا مخالف لصريح الآية الكريمة: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) [سورة الأعراف، الآية: 180].

ـ يقولون بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر أحمد التيجاني بالتوجه بصلاة الفاتح لما أغلق، وأنه لم يأمر بها أحدًا قبله، وفي ذلك افتراء بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد كتم عن الأمة المسلمة شيئًا مما أوحي إليه من ربه، وقد ادخره حتى حان وقت إظهاره حيث باح به لشيخهم أحمد التيجاني.

هم كباقي الطرق الصوفية يجيزون التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم وعباد الله الصالحين، ويستمدون منه ومنهم ومن الشيخ عبد القادر الجيلاني ومن أحمد التيجاني ذاته، وهذا مما نهى عنه شرع الله الحكيم.

تتردد في كتبهم كثير من ألقاب الصوفية كالنجباء (*) والنقباء (*) والأبدال (*) والأوتاد (*)، وتترادف لديهم كلمتا الغوث (*) والقطب (*) (الذي يقولون عنه بأنه ذلك الإنسان الكامل الذي يحفظ الله به نظام الوجود‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!!

يقولون بأن أحمد التيجاني هو خاتم الأولياء (*) مثلما أن النبي صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء.

يقول أحمد التيجاني (من رآني دخل الجنة). ويزعم أن من حصل له النظر إليه يومي الجمعة والاثنين دخل الجنة. ويؤكد على أتباعه بأن النبي صلى الله عليه وسلم ذاته قد ضمن له ولهم الجنة يدخلونها بغير حساب ولا عقاب.

ينقلون عن أحمد التيجاني قوله: "إن كل ما أعطيه كل عارف بالله أعطي لي".

وكذلك قوله: إن طائفة من أصحابه لو وزنت أقطاب (*) أمة محمد ما وزنوا شعرة فرد من أفرادهم، فكيف به هو !!.

وقوله: "إن قَدَميَّ هاتين على رقبة كل ولي من لدن خلق الله آدم إلى النفخ في الصور".

لهم ورد يقرؤونه صباحًا ومساءً، ووظيفته تقرأ في اليوم مرة صباحًا أو مساءً، وذكر ينعقد بعد العصر من يوم الجمعة على أن يكون متصلاً بالغروب، والأخيران الوظيفة والذكر يحتاجان إلى طهارة مائية، وهناك العديد من الأوراد الأخرى لمناسبات مختلفة.

من أخذ وردًا فقد ألم نفسه به ولا يجوز له أن يتخلى عنه وإلا هلك وحلت به العقوبة العظمى !!.‍

نصَّب أحمد التيجاني نفسه في مقام النبوة (*) يوم القيامة إذ قال: "يوضع لي منبر من نور يوم القيامة، وينادي مناد حتى يسمعه كل من في الموقف: يا أهل الموقف هذا إمامكم الذي كنتم تستمدون منه من غير شعوركم" (انظر الإفادة الأحمدية ص 74).

الجذور الفكرية والعقائدية:

مما لا شك فيه بأنه قد استمد معظم آرائه من الفكر الصوفي وزاد عليها شيئًا من أفكاره.

وقد نهل من كتب عبد القادر الجيلاني وابن عربي والحلاج وغيرهم من أعلام المتصوفة.

وخلال فترة تشكله قبل تأسيس الطريقة قابل عددًا من مشايخ الصوفية وأخذ إذناً وأورادًا عنهم وأبرز تلك الطرق القادرية والخلوتية.

واستفاد من كتاب المقصد الأحمد في التعريف بسيدي أبي عبد الله أحمد تأليف أبي محمد عبد السلام بن الطيب القادري الحسيني والمطبوع بفارس سنة 1351هـ.

كان لانتشار الجهل أثر كبير في ذيوع طريقته بين الناس.

الانتشار ومواقع النفوذ:

بدأت هذه الحركة (*) من فاس وما زالت تنتشر حتى صار لها أتباع كثيرون في بلاد المغرب والسودان الغربي (السنغال) ونيجيريا وشمالي أفريقيا ومصر والسودان وغيرها من أفريقيا.

صاحب كتاب التيجانية علي بن محمد الدخيل الله يقدر في عام 1401هـ ـ 1981م عدد التيجانيين في نيجيريا وحدها بما يزيد على عشرة ملايين نسمة.

ويتضح مما سبق:
أن التيجانيين مبتدعون في عباداتهم وكل بدعة (*) ضلالة؛ لأنهم ذهبوا إلى تخصيص أدعية بذاتها غير واردة في الشرع، وألزموا الناس بعبادات معينة في أوقات مخصوصة لا تستند إلى أساس، فضلاً عن أن لهم معتقدات تخرج بمن يعتنقها عن الملة (*) كالقول بالحلول (*) والاتحاد.
يتبـــع ------->
رد مع اقتباس
قديم 04-07-2011, 11:07 PM   رقم المشاركة : 7
مريد الشبول
 
الصورة الرمزية مريد الشبول





مريد الشبول غير متواجد حالياً

مريد الشبول سيصبح متميزا في وقت قريب


افتراضي

من طرق الصوفية : السنوسية



التعريف:





السنوسية دعوة إسلامية مشوبة بالصوفية ؛ ظهرت في ليبيا، وعمت مراكزها الدينية شمالي أفريقيا والسودان والصومال، وبعض البلاد الإسلامية.





التأسيس وأبرز الشخصيات:





تأسست الدعوة السنوسية في ليبيا في القرن الثالث عشر الهجري (التاسع عشر الميلادي)، بعد شعور مؤسسها بضعف المسلمين وتأخرهم دينيًّا وسياسيًّا واجتماعيًّا، فأنشأ حركته (*) التجديدية .





ومن أبرز شخصياتها :





ـ الشيخ محمد بن علي السنوسي 1202هـ ـ 1276هـ (1787 ـ 1859م) وهو المؤسس للدعوة السنوسية، وتنسب السنوسية لجده الرابع.





وُلد في مستغانم في الجزائر، ونشأ في بيت علم وتُقىً. وعندما بلغ سن الرشد تابع دراسته في جامعة مسجد القرويين بالمغرب، ثم أخذ يجول في البلاد العربية يزداد علماً فزار تونس وليبيا ومصر والحجاز واليمن ثم رجع إلى مكة وأسس فيها أول زاوية لما عُرِف فيما بعد بالحركة السنوسية.





وله نحو أربعين كتاباً ورسالة منها: الدرر السنية في أخبار السلالة الإدريسية وإيقاظ الوسنان في العمل بالحديث والقرآن.





ـ الشيخ المهدي محمد بن علي السنوسي 1261 ـ 1319هـ (1844 ـ 1902م) خلف والده في قيادة الدعوة السنوسية وعمره اثنا عشر عاماً.





ـ الشيخ أحمد الشريف السنوسي ابن عم المهدي ـ ولد سنة 1290هـ (1873م) تلقى تعليمه على يد عمه شخصيًّا، وعاصر هجمة الاستعمار (*) الأوروبي على شمال إفريقيا وهجوم إيطاليا على ليبيا فاستنجد في عام 1917م بالحكومة العثمانية، فلم تنجده خوفاً من على مركزها الديني. وقد وقف مع (مصطفى كمال أتاتورك) ظناً منه أنه حامي الدين ـ كما كان يطلق عليه ـ ولصد الهجمة الغربيَّة على تركيا.. ولما تبين له مقاصده الحقيقية المعادية للإسلام غادر الشيخ أحمد تركيا إلى دمشق عام 1923م، وعندما شعرت فرنسا بخطره على حكومة الانتداب طلبته فهرب بسيارة عبر الصحراء إلى الجزيرة العربية.





ـ الشيخ عمر المختار 1275 ـ 1350هـ (1856 ـ 1931م) وهو البطل المجاهد، أسد القيروان، الذي لم تحل السنوات السبعون من عمره بينه وبين الجهاد (*) ضد الإيطاليين المستعمرين لليبيا، حيث بقي عشر سنوات يقاتل قوى الاستعمار أكبر منه بعشرات المرات، ومجهزة بأضخم الأسلحة في ذلك العصر، إلى أن تمكن منه الاستعمار (*) الإيطالي الغاشم، ونفَّذ فيه حكم الإعدام وذلك في يوم الأربعاء السادس عشر من أيلول (سبتمبر) 1931م ويرجى أن يكون شهيداً في سبيل الله.





الأفكار والمعتقدات:





السنوسية حركة تجديدية (*) إسلامية .





ـ تأثَّر السنوسيُّ بالإمام أحمد بن حنبل وابن تيمية وأبي حامد الغزالي ومحمد بن عبد الوهاب وبحركته السلفية (*) في مجال العقيدة بوجه خاص.





ـ وتأثر السنوسيُّ أيضاً بالتصوف الخالي من الشركيات والخرافات، كالتوسل بالأموات والصالحين، ووضع منهجاً للارتقاء بالمسلم.





ـ تتشدد السنوسية في أمور العبادة، وتتحلى بالزهد في المأكل والملبس. وقد أوجب السنوسيون على أنفسهم الامتناع عن شرب الشاي والقهوة والتدخين.





ـ تدعو السنوسية إلى الاجتهاد (*) ومحاربة التقليد (*). وعلى الرغم من أن السنوسيِّ مالكيُّ المذهب، إلا أنه يخالفه إن جاء الحق مع غيره.





ـ الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والابتعاد عن أسلوب العنف واستعمال القوة.





ـ الاهتمام بالعمل اليدويِّ لجاد من تعاليم السنوسية. وكان السنوسي يقول دائمًا: "إن الأشياء الثمينة توجد في غرس شجرة وفي أوراقها" لذلك ازدهرت الزراعة والتجارة في الواحات الليبية حيث مراكز الدعوة السنوسية.





ـ "الجهاد (*) الدائم في سبيل الله ضد المستعمرين الصليبيين وغيرهم"، هذا هو الشعار الدائم للسنوسية. وقد دفع ثمن ذلك آلاف في جهادهم ضد الاستعمار الإيطالي (*) يرجى ألا يحرموا أجر الشهادة في سبيل الله.





الجذور الفكرية والعقائدية:





إن تربية السنوسي الإسلامية وقوة إخلاصه وحماسه للإسلام فضلاً عن ذكائه وصلابته ـ كل ذلك كان من الدوافع الأساسية للحركة السنوسية بشكل عام.





أما المؤثِّرات والجذور الفكرية والسلوكية التي أثرت في دعوته فنجملها فيما يلي:





ـ تأثره الشديد بتعاليم الإمام أحمد بن حنبل وابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب وخاصة أفكارهم السلفية في مجال العقيدة، وقد اكتسب هذا التأثر أثناء زيارته للحجاز لأداء فريضة الحج عام 1254هـ (1837م) التي كانت نقطة البداية للحركة السنوسية. وأخذ السنوسيُّ من الصوفية أساليب البيعة (*) ودرجات التزكية الروحية مثل درجة المنتسب ثم درجة الإخوان ثم درجة الخواص.





الانتشار ومواقع النفوذ:





ـ تعد واحة (جغبوب) في الصحراء الليبية بين مصر وطرابلس مركز الدعوة السنوسية، ففي هذه القرية كان يتعلم كل عام مئات من الدعاة، ثم يرسلون إلى كافة أجزاء أفريقيا الشمالية، دعاة للإسلام.





وقد بلغت زوايا السنوسية الفرعية 121 زاوية تتلقى من زاويتهم الرئيسية التعليمات والأوامر في كل المسائل المتعلقة بتدبير وتوسيع أمر الدعوة السنوسية التي أصبحت تضم المسلمين من جميع الأجناس.





وانتشرت الدعوة السنوسية في أفريقيا الشمالية كلها، وقد امتدت زواياها من مصر إلى مراكش. ووصلت جنوبًا إلى الصحراء في السودان والصومال وغرباً إلى الجزائر وكذلك انتشرت الدعوة السنوسية في خارج أفريقية حيث وصلت إلى أرخبيل الملايو في الشرق الأقصى.





وقد استطاعت السنوسية أن تنشر الإسلام في القبائل الوثنيَّة (*) الإفريقية وتؤسس المدارس التعليمة والزوايا. ولم يقتصر التعليم على الذكور بل امتد التعليم إلى النساء والأطفال من الجنسين، واستعانت الدعوة بالنساء لنشر الإسلام بين نساء القبائل الوثنية.





ويتضح مما سبق:



أن السنوسية حركة دعوة إسلامية إصلاحية تجديدية (*) تعتمد في معظم أمورها على الكتاب والسُّنة مع تأثر بالتصوف ، وقد ظهرت في ليبيا في القرن الثالث عشر الهجري، ومنها انتشرت إلى شمال أفريقيا والسودان والصومال وبعض البلاد العربية. وقد تأثرت هذه الحركة الدعوة بالإمام أحمد بن حنبل وشيخ الإسلام ابن تيمية وأبي حامد الغزالي والشيخ محمد بن عبد الوهاب وحركته السلفية (*) في مجال العقيدة. كما تأثرت هذه الحركة بالتصوف الخالي من الشركيات والخرافات كالتوسل بالأموات والصالحين ولها منهج متكامل للارتقاء بالمسلم. ومؤسس هذه الحركة هو محمد بن علي السنوسي 1202 ـ 1276هـ الذي تأثر بالمذهب المالكي إلا أنه يخالفه إن جاء الحق مع غيره. وتعتمد الحركة في الدعوة إلى الله على أسس الحكمة والموعظة الحسنة والابتعاد عن العنف. وهي تهتم بالعمل اليدوي الجاد والجهاد (*) الدائم في سبيل الله ضد المستعمرين والصليبيين وغيرهم.





يتبـــــع ------->



رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
اكبر موسوعه برامج دينية محمد قطيش مواضيع وبرامج دينية عامة 18 04-21-2023 02:20 PM
مكتبة دينية مفيدة marj مواضيع وبرامج دينية عامة 1 11-22-2014 02:41 PM
قناة دينية جديد النايل سات عماد العراقي منتدى الترددات والقنوات الفضائية 3 02-01-2014 12:03 AM
iraq نغمات دينية - نغمات اسلامية - ادعية دينية - دعاء اسلامي - تحميل نغمات ادعية دينية منيب الشبول منتدى ثيمات ونغمات والعاب الجوال 3 08-18-2010 05:42 AM
رنة موبايل دينية :: اجعلها على موبايلك abu.kaled منتدى ثيمات ونغمات والعاب الجوال 0 03-23-2010 10:46 PM


الساعة الآن 12:13 AM
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions Inc.